طبيب سابق في الجيش الأميركي تطوع في غزة يتهم بلاده بخيانة قيمها!
“المدارنت”..
نشر موقع مجلة “نيوزويك” مقالا للطبيب السابق في الجيش الأميركي وجراح الصدمات في الحرب، آدم الحموي، والذي تطوع في غزة، وقال فيه: “إن أفعال الولايات المتحدة هناك تعتبر خيانة للقيم التي قاتل من أجلها”.
وقال الحموي وهو أميركي/ مصري في مقالته: “بصفتي جراحًا سابقًا في الجيش الأميركي متخصصًا في إصابات المعارك، تطوّع مرّتين في غزة خلال العام الماضي، لا يمكنني إلا أن أشعر بقلق أكبر من الدور الذي لعبته حكومتنا في القتل والتدمير العشوائي هناك، وفي معاناة شعب غزة. لقد نظرت بخجل وغضب عندما شارك الرئيس دونالد ترامب مقطع فيديو تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي على وسائل التواصل الاجتماعي يروج لخطته للسيطرة على غزّة، وإجبار سكانها على الانتقال إلى مكان آخر، وإعادة تطوير المنطقة كعقارات فاخرة مربحة”.
وقال إنه خدم بلاده في زمن الحرب، وقاتل من أجل ما اعتقد أنها القيم الأمريكية والتي تشمل الالتزام بالديمقراطية والتعاطف مع المضطهدين والحس الأساسي بالشرف والشجاعة لعمل ما هو صحيح “أما اليوم فقد أصبح واضحا لي تماما بأن الولايات المتحدة بأفعالها في غزة لا تحترم هذه القيم”.
فمحاولة ترامب الاستيلاء وبلا خجل على الأراضي في غزة يؤكد على النزاهة الأخلاقية الأساسية التي فقدتها أمريكا. و”قد فشلت سياستنا بأكملها تجاه غزة منذ بداية الحرب الحالية -من إدارة بايدن إلى إدارة ترامب- في الارتقاء إلى مستوى القيم التي تعلمت التمسك بها”.
وأشار إلى أنه عاد في الشهر الماضي من مهمته الطبية الثانية في غزة خلال العام الماضي. وخلال مهمته الأولى في أيار/ مايو 2024، سافر إلى غزة مع فريق متعدد الجنسيات من المتطوعين الطبيين. ولم يعد قادرا على البقاء متفرجا على معاناة الناس هناك، وبخاصة أنه يمتلك المهارات والخبرة لمساعدتهم.
و”لم أشهد قط معاناة مثل التي رأيتها خلال تلك الأسابيع الثلاثة في غزة في أيار/ مايو الماضي. رأيت الأطفال يتدفقون إلى غرفة الطوارئ كضحايا جماعيين. رأيت عائلات بأكملها وجيرانهم وقد مزقتهم الشظايا من إصابات الانفجار، محترقين ومحطمين. لم أفقد قط هذا العدد الكبير من المرضى الذين يعانون من جروح يمكن البقاء على قيد الحياة لمجرد أن أجسادهم التي تعاني من سوء التغذية تفتقر إلى القوة للشفاء”.
وفي كانون الثاني/ يناير عاد إلى مستشفى غزة وسط وقف إطلاق النار الحالي، على أمل أن تتحسن ظروف الناس، وسط هذا التوقف القصير للعنف. ورغم أن توقف القتال كان يعني أنه لن يواجه أعدادا كبيرة من ضحايا الصدمات ولن يحتاج للعمل في غرف العمليات، إلا أنه ما زلت مذهولا من مستوى الدمار الجديد الذي حدث خلال الأشهر الثمانية منذ مهمتي الأخيرة. فقد دمر المبنى تلو الآخر أثناء مهمته في أيار/مايو. وكان الناس يكافحون من أجل البقاء في مشهد دمره القصف المستمر. ورغم أن القصف توقف مؤقتا إلا أنه كان شاهدا على فقدان العديد من الأرواح من دون داعٍ بسبب العدوى وسوء التغذية وعدم القدرة على توفير الرعاية الأساسية بعد العمليات الجراحية.
وحتى مع سماح السلطات الإسرائيلية ظاهريا بدخول المزيد من المساعدات خلال وقف إطلاق النار، إلا أنها لا تزال غير كافية على الإطلاق. وحتى بعد السماح له ولزملائه أخيرا بدخول غزة بعد أسبوع من التأخير غير المبرر ورفض الدخول، إلا أنهم منعوا من إحضار العديد من الإمدادات الأساسية اللازمة لعلاج المرضى.
وفي هذا الأسبوع، ومع بداية شهر رمضان، أعلنت الحكومة الإسرائيلية أنها ستقطع كل المساعدات عن غزة في خضم جدالها مع حماس حول شروط استمرار وقف إطلاق النار المحتمل.
ويقول إنه “بدلا من حماية المدنيين والعاملين في مجال الرعاية الصحية، زودت الولايات المتحدة إسرائيل بالعديد من الأسلحة لمهاجمة الفلسطينيين. لقد قدمنا غطاء دبلوماسيا لإسرائيل كي تنتهك القانون الدولي بشكل متكرر بينما أنكرت الاحتياجات الإنسانية المشروعة للفلسطينيين”.
والآن وقد تحولت غزة إلى أنقاض نتيجة لهذه السياسات، فقد هددت الإدارة الحالية واتخذت إجراءات من شأنها جعل الأمور أسوأ. أولا، قررت إدارة ترامب خفض المساعدات الأجنبية وإغلاق الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية من جانب واحد وإلغاء تمويل البرامج التي ساعدت في توفير المساعدات الإنسانية والرعاية التي يحتاجها بشكل كبير الكثيرون في غزة.
والآن، يدعو الرئيس ترامب بشكل فاضح إلى إخلاء غزة بالكامل و”استيلاء الولايات المتحدة عليها”. يبدو أن رؤيته تتلخص في تحقيق الأرباح لنفسه وللمطورين الأثرياء الآخرين، مع تجاهل الإنسانية الأساسية والحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني.
وأشار الحموي إلى أنه تعرف وأعجب بالفلسطينيين خلال رحلتيه هناك. فهم محطمون بسبب ما حدث وخائفون مما قد يحدث إذا انهار وقف إطلاق النار الحالي واستؤنفت الحرب والقصف. ومع ذلك، فإن قلة قليلة منهم لديهم أي رغبة في مغادرة الوطن الوحيد الذي عرفوه دوما.
و”هم يريدون ما يريده كل الناس، وأن يكون لديهم نفس الحقوق غير القابلة للتصرف التي لدينا كأمريكيين. وكدولة، يجب أن ندرك هذا ونعيد الالتزام بالمبادئ العالمية التي جعلتنا ذات يوم منارة للأمل والعدالة. كمحارب قديم، أقسم ذات يوم على حماية هذا البلد والدفاع عنه وما يمثله، أناشد قادتنا أن يتذكروا هذه القيم. ففي ظل إدارة بايدن والآن ترامب، ألحقت سياساتنا ضررا هائلا في غزة. لقد فقدنا روحنا كأمة. يجب أن نستعيد إحساسنا باللياقة والشجاعة لفعل ما هو صواب”.