عشرون عامًا من أجل إيران حرّة!
خاص “المدارنت”..
قد تکون بداية کل أمر أو خطة أو مشروع يعتريه شيء من التعثر والتردد والشكّ، أو حتى الاخطاء غير المقصودة، الناجمة عن حداثة التجربة، ولکن، وبعد أن تتوضح الصورة ويبدو المسار واضحا وتترسخ الاقدام أکثر في المسير بإتجاه الهدف، فإن الامر يختلف ويخرج من طابع التخمين والتقدير والفرضية الى ما يمکن تسميته بالامر الواقع، وهذا ما يمکن قوله بشأن التجمع السنوي للمقاومة الايرانية، الذي بدأ خطوته الاولى في عام 2004، وأطفأ شموع خطوته العشرين في 29 يونيو 2024.
أول تجمع في 2004، وحتى عدة تجمعات أخرى، تم عقدها والمقاومة الايرانية ما تزال ضمن قائمة الارهاب التي حشرت فيها عبثا، ومن دون طائل من أجل إرضاء النظام الايراني ومسايرته، ويبدو واضحا بأن لسان حال النظام الايراني يومها کان يسخر من هذا التجمع، ويعتبره مجرد جعجعة في فنجان لن يغير من الواقع الايراني شيئا، خصوصا، وإن النظام الايراني قد أدخل البلدان الغربية في شبکة وهم الاعتدال والاصلاح، وجعلها تعوّل على إمکانية حدوث تغيير إيجابي من داخل النظام نفسه.
هذا المسعى المشبوه من کل النواحي، کان يهدف في الاساس الى إضفاء المزيد من التعتيم والتهميش على دور وتأثير المقاومة الايرانية، وإيجاد بدائل إفتراضية تمويهية مخادعة، بإمکانها خدمة النظام أکثر من أيّ شئ آخر، لکن الملفت للنظر هنا، أن المقاومة الايرانية ومع معرفتها بأن مواصلتها للصراع والمواجهة مع النظام الايراني بهذه الصورة، بالغ الصعوبة والتعقيد، لکنها رغم ذلك، ولأنها کانت تعلم بحجم مسٶوليتها الاعتبارية أمام الشعب الايراني وقضيته الاساسية، فإنه قبلت رهان التحدّي وخاضته عن طيب خاطر.
أول الغيث قطرة.. ثم ينهمر! هذا ما قد حدث وجرى مع النظام الايراني، بعد سلسلة القرارات القضائية للدول الغربية بإخراج المقاومة الايرانية من قائمة الارهاب التي تمّ إدراجها فيها ظلما وتعسفا، إذ بوغت النظام الايراني بذلك حتى أفقده صوابه ولا سيما وإنه کان حصيلة جهود قانونية بذلتها المقاومة الايرانية في المحاکم الغربية، وحققت فيها إنتصارا لامعا يشار له بالبنان، لکن الذي أزعج النظام الايراني وأربکه وجعله يعاني الأمرّين، إن المقاومة الايرانية لم تتوقف عند هذا الحدّ، بل إنها ذهبت أبعد من ذلك عندما قامت بإيلاء أهمية أکبر للتجمع السنوي وتوسيع دائرة المشارکة الشعبية الايرانية أولا فيه، ومن ثم المشارکة الدولية فيه ثانيا.
تزايد الاقبال والمشارکة في تجمعات المقاومة الايرانية إيرانيًا ودوليًا، ولا سيما بعد أن وصل الامر الى حدّ مشارکة ممثلين عن دول من خمسة قارات من العالم، ومشارکة عشرات الالاف من الايرانيين المقيمين في الشتات، والاهم من ذلك، هو متابعة الشعب الايراني من الداخل لهذه التجمعات وتواصلها وتفاعلها معه، أجبر النظام رغما عنه على مراجعة حساباته وأخذه مسألة التجمعات السنوية للمقاومة الايرانية على إنه تحدّي وتهديد جدّي ضدّه، وإن ما قد جرى أثناء عقد التجمع السنوي للعام 2018 و2020، يکفي لجعل العالم کله على معرفة وإطلاع کاملين بحجم وتأثير هذه التجمعات على النظام.
تجمع المقاومة الايرانية للعام 2024 من أجل إيران حرة، والذي تشاء الاقدار أن يتزامن مع مسرحية إنتخابات الرئاسة الواهية، الملفت للنظر فيه، أنه قد أثبت دوره وتأثيره وفعاليته اللافتة للنظر على الاوضاع في داخل إيران، وإن المقاطعة الملفتة للنظر للشعب الايراني في المشارکة في إنتخابات الرئاسة، بجوليتها الاولى والثانية، کانت حاصل تحصيل ونتيجة عملية لتأثير التجمع السنوي للمقاومة الايرانية، الذي أکد وأثبت بأن المشکلة والخلل في بقاء وإستمرار النظام، وليس في أيّ شئ آخر، وأن الطريق الوحيد لإيران حرّة غير ممکن إلا من خلال إسقاط هذا النظام!