عودة ترامب لرئاسة أميركا بعد هزيمة هاريس
“المدارنت”..
أعلن المرشح الجمهوري دونالد ترامب (78 عاما)، فوزه في انتخابات الرئاسة الأمريكية يوم الأربعاء الماضي، في عودة سياسية مذهلة إلى البيت الأبيض لرئيس سابق غادره بعد أن رفض قبول الهزيمة قبل أربعة أعوام، مما أثار تمردا عنيفا في مبنى الكابيتول بواشنطن.
ومن المرجح أن تمثل القيادة الأمريكية الجديدة لترامب اختبارا للمؤسسات الديمقراطية الأمريكية في الداخل وعلاقات الولايات المتحدة الخارجية.
وتأكدت عودة ترامب إلى البيت الأبيض بحصوله على أكثر من 270 من أصوات المجمع الانتخابي اللازمة للفوز بالرئاسة، وذلك في أعقاب حملة طويلة عرفت الكثير من التقلبات وتعرض فيها لإدانة قضائية ومحاولتي اغتيال، ومزيد من تعميق للاستقطاب في البلاد.
ودفع فوز ترامب بأصوات ولاية ويسكونسن المتأرجحة إلى تجاوزه الحد المطلوب للفوز بالانتخابات، حيث فاز بعدد 279 من أصوات المجمع الانتخابي مقابل 223 صوتا لهاريس، حتى قبل فرز الأصوات في عدد من الولايات.
كما تقدم ترامب على هاريس بنحو خمسة ملايين صوت في التصويت الشعبي، حيث تجاوز عدد ناخبيه 71 مليون ناخب.
وفي وقت سابق، أعلن ترامب تحقيقه “فوزا تاريخيا” في الانتخابات.
وقال في خطاب الفوز بمدينة بالم بيتش بولاية فلوريدا: “حصلنا على الأغلبية بمجلس الشيوخ، وفزنا في الولايات المتأرجحة، وأصبحت الرئيس الـ47 للولايات المتحدة”.
أضاف: “هذا انتصار رائع للشعب الأمريكي سيسمح لنا بجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى”.
ووصف فوزه بولاية رئاسية جديدة بأنه “انتصار تاريخي وسياسي لم تر الولايات المتحدة مثيلا له من قبل”.
وتابع: “سنساعد بلدنا على التعافي، وسنصلح حدودنا”.
وفي إشارة إلى ولايته الرئاسية السابقة بين عامي 2017 و2021، قال ترامب لأنصاره: “أريد أن أشكر الشعب الأمريكي على الشرف الاستثنائي بانتخابي لأعلى منصب في البلاد وهو الرئيس الـ47 والـ45”.
وقال: “بالإضافة إلى الفوز بولايات نورث كارولينا وجورجيا المتأرجحة، وأنا أحب هذه الأماكن، نحن الآن نفوز في ميشيغان وأريزونا ونيفادا وألاسكا، ما يعني أننا سنحصل على 315 صوتًا انتخابيًا على الأقل”، مضيفا “لقد فزنا أيضًا بالتصويت الشعبي”.
وأطاح ترامب بمنافسيه داخل حزبه الجمهوري ثم تغلب على المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، مستغلا مخاوف الناخبين من ارتفاع الأسعار، وما قاله من دون دليل عن ارتفاع معدلات الجريمة بسبب الهجرة غير الشرعية.
وفاز الجمهوريون بأغلبية مقاعد مجلس الشيوخ الأمريكي بعد أن قلبوا موازين المقاعد التي كانت تحت سيطرة الديمقراطيين في ولايتي ويست فرجينيا وأوهايو. ولم يحقق أي من الحزبين تقدما واضحا في المعركة للسيطرة على مجلس النواب حيث يتمتع الجمهوريون في الوقت الراهن بأغلبية ضئيلة.
ويأتي فوز ترامب بالرئاسة على الرغم من نسب التأييد المنخفضة التي كان يحصل عليها باستمرار خلال الحملة. وسبق أن تعرض للمحاسبة مرتين لمحاولة عزله كما وجهت إليه اتهامات جنائية أربع مرات واتهم بالمسؤولية المدنية عن اعتداء جنسي وتشهير. وفي مايو/ أيار أدانت هيئة محلفين في نيويورك، ترامب، بتهمة تزوير سجلات تجارية للتستر على دفع أموال لشراء صمت نجمة أفلام إباحية.
وسيكون لانتصاره آثار كبيرة على سياسات الولايات المتحدة التجارية وتغير المناخ والحرب في أوكرانيا والضرائب الأمريكية والهجرة.
وقال ترامب إنه يريد أن تكون في يده سلطة لطرد الموظفين الحكوميين الذين يعتبرهم غير مخلصين. ويخشى معارضوه من أن يحول وزارة العدل وغيرها من وكالات إنفاذ القانون الاتحادية إلى أسلحة سياسية في مواجهة من يتصور أنهم أعداؤه.
وربما تكون فترة ترامب الرئاسية الثانية سببا في اتساع الخلاف بين الديمقراطيين والجمهوريين حول قضايا مثل العرق والجنس وماذا وكيف يتم تعليم الأطفال وحقوق الإنجاب.
وعلى الرغم من تلك الخلافات والمشكلات القانونية، سيكون ترامب ثاني رئيس سابق يفوز بفترة رئاسية ثانية بعد مغادرة البيت الأبيض بعد جروفر كليفلاند، الذي تولى فترتين مدة كل منهما أربع سنوات بدءا من عامي 1885 و1893.
وقال آلان أبراموفيتش، أستاذ العلوم السياسية المتخصص في سلوك الناخبين والسياسات الحزبية في جامعة إيموري، إن فوز ترامب سيوسع الخلافات داخل المجتمع الأمريكي بالنظر إلى ادعاءاته الكاذبة بتزوير الانتخابات والخطاب المناهض للمهاجرين وشيطنة خصومه السياسيين.
وبمجرد أن يصدق الكونغرس على نتيجة الانتخابات في السادس من يناير كانون الثاني 2025، من المقرر أن يتولى ترامب ونائبه المقبل السناتور الأمريكي جي دي فانس منصبيهما في يوم التنصيب المقرر 20 يناير كانون الثاني.
وطوال فترة حملته الرئاسية التي استمرت عامين، كان ترامب يشير إلى أنه سيعطي الأولوية للولاء الشخصي في تعيين إدارته. وتعهد بمنح مناصب في إدارته للملياردير إيلون ماسك والمرشح الرئاسي السابق روبرت كينيدي جونيور، وكلاهما من المؤيدين المتحمسين.
وتُجرى الانتخابات الأمريكية بشكل غير مباشر؛ فهناك “المجمع الانتخابي” الذي يضم 538 صوتا.
ولكل ولاية عدد محدد من أصوات المجمع الانتخابي يساوي عدد ممثليها في مجلسي النواب والشيوخ، وأي مرشح يفوز بأصوات مواطني الولاية يقتنص كل حصتها من الأصوات.
ويُستثنى من ذلك ولايتي نبراسكا ومين، فهما الوحيدتان اللتان لهما نظام خاص يسمح بتقسيم أصوات المجمع الانتخابي على المرشحين بحسب نسبة الأصوات التي يحصل عليها كل منهم.
وحتى يفوز أي مرشح بالمنصب، لا بد أن يحصل على الأغلبية المطلقة من أصوات المجمع الانتخابي، أي 270 صوتا.
وخلصت بيانات أولية لاستطلاعات آراء الناخبين لدى خروجهم من مراكز الاقتراع من “إديسون ريسيرش” إلى أن ما يقرب من ثلاثة أرباع الناخبين قالوا إن الديمقراطية الأمريكية مهددة، ما يعكس القلق العميق في البلاد بعد حملة مثيرة للجدال.
وتشير البيانات إلى أن الديمقراطية والاقتصاد من أهم القضايا بالنسبة للناخبين، إذ أشار نحو ثلث المشاركين إلى كل منهما، يليهما الإجهاض والهجرة. وأظهر الاستطلاع أن 73 في المئة من الناخبين يعتقدون أن الديمقراطية في خطر، مقابل 25 في المئة فقط قالوا إنها آمنة.