غزة تنادي: آن الأوان لسماع صوت الشعب!
خاص “المدارنت”
في قلب الدمار، وبين البيوت المهدّمة والخيام المؤقتة، يعلو صوت جديد في غزة — صوت ينادي بالحياة، لا بالموت، وبالسلام، لا بالمواجهة المستمرة. إنه صوت الشعب الذي تعب من الحروب، من الجوع، من التشريد، ومن الشعارات التي لا تُطعم جائعًا ولا تُعالج جريحًا.
في الأسابيع الأخيرة، تزايدت التصريحات الشعبية داخل غزة التي تطالب بوقف الحرب، وبفتح المجال لحل سياسي يعيد للناس كرامتهم، ومستقبلهم. كثيرون يرون أن الوقت قد حان لتغيير المسار، فالمعاناة اليومية لم تعد تُحتمل، والخسائر البشرية والاقتصادية بلغت حدًا كارثيًا.
“نريد أن نعيش كبشر”، يقول أحد سكان بيت لاهيا، وهو يحاول جمع ما تبقى من منزله المدمر. “لا نطلب رفاهية، بل فقط حياة نستحقها”. هذا الشعور يتكرر في كل زاوية من غزة، ويعبّر عن رغبة عميقة في تغيير الواقع لا يمكن تجاهلها بعد الآن.
الغريب أن هذا الصوت الشعبي الواضح لا يجد من يمثّله سياسيًا. القوى المتصارعة لا تزال منشغلة بحساباتها الداخلية، فيما تتصاعد الدعوات لمشاركة أوسع من أطراف فلسطينية وعربية — مثل السلطة الفلسطينية ومصر — للمساعدة في إيجاد مخرج من هذه الكارثة.
غزة لا تطلب تدخلًا خارجيًا لفرض حلول، بل تطلب فقط أن يُعطى صوتها وزنًا، وأن تتحول مطالبها البسيطة والعادلة إلى خطوات حقيقية تعيد لها الأمل والكرامة.
غياب القيادة يترك غزة
وحدها في مواجهة الكارثة
وفي الوقت الذي تنهار فيه البنية التحتية، وتزداد أعداد الضحايا يومًا بعد يوم، يشعر كثير من أهالي غزة، أنهم تُركوا لمصائرهم، في مواجهة الموت والجوع والتشريد، من دون قيادة مسؤولة تعبّر عنهم أو تسعى بصدق لإنقاذهم من هذه الكارثة المتفاقمة.
الكهرباء مقطوعة، المياه ملوثة، والمستشفيات عاجزة عن استقبال الجرحى أو توفير الدواء للمرضى، في حين أن القادة السياسيين يكتفون بإطلاق التصريحات من خارج غزة، بعيدًا عن واقع الحرب والمعاناة. هؤلاء القادة يعيشون في أمان نسبي، بينما يدفع سكان القطاع الثمن من أرواحهم وأجسادهم وكرامتهم.
ما يزيد من حالة الغضب الشعبي هو أن الخطاب السياسي ما يزال مكرّسًا لتبرير المعاناة بدلًا من السعي لإنهائها. الكلمات لم تعد تكفي، و”الانتصار” المزعوم لا يعني شيئًا أمام دموع أم فقدت أبناءها، أو طفل يبحث عن لقمة في حاوية، أو شاب بلا مأوى ولا مستقبل.
اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، تحتاج غزة إلى قيادة شجاعة ومسؤولة، قريبة من الناس، قادرة على أن تسمع وتفهم وتُمثّل الشارع الحقيقي، لا أن تتحدث باسمه من دون أن تعيش وجعه. قيادة تعرف أن الكرامة ليست فقط في المواجهة، بل في إنقاذ الأرواح، وفتح الأفق أمام شعب أنهكه الحصار والحرب والانقسام.
غزة لم تعد تحتمل المزيد من الشعارات، بل تحتاج إلى أفعال. إلى من يعيد للناس شعورهم بالانتماء، ويأخذ بيدهم نحو حياة تُبنى على السلام والعدالة، لا على الدمار والانقسام.