عربي ودولي

غزّة أمام مفترق طرق.. القيادة في قطر.. وجهود دولية لإغاثة أهالي القطاع!


فلسطين/ خاص “المدارنت”

“نريد أن نعيش بكرامة”. بهذه العبارة يختصر سكان قطاع غزّة، رسالتهم إلى العالم وإلى القيادة السياسية التي تتابع من بعيد.
سنوات من الدماء والدمار والوعود المؤجلة دفعت الناس إلى حافة الإنهاك الكامل، وسط تساؤلات يومية، عمّا يُفعل من أجل الناس؟ من أجل وقف الحرب؟ من أجل إعادة بناء ما دمره الاحتلال؟
في ظل هذا الواقع المعقد، تتجه الأنظار إلى القيادات السياسية المقيمة في الخارج، وتحديدًا إلى خليل الحية، أحد أبرز قادة حركة حماس.

خليل الحية.. الدور السياسي وآلام الناس
يُعرف خليل الحية، القيادي البارز في حركة حماس، بدوره المحوري في المحادثات السياسية والوساطات الإقليمية، لا سيما تلك التي تُعقد في الدوحة، حيث يقيم منذ بداية الحرب الأخيرة. يشارك في مفاوضات رفيعة المستوى، ويتحدث باسم المقاومة، لكن في شوارع غزة، حيث تتراكم الأنقاض وتختلط رائحة الغبار بالدم، يتنامى شعور عميق بالفجوة بين القيادة والناس.
يقول أحد المواطنين من مدينة غزة: “نحترم كل من يعمل من أجل القضية، لكننا نريد من يسمع أنيننا قبل أن يفاوض باسمنا. نريد من يعيش بيننا، لا من يتحدث من خلف الزجاج العازل في الفنادق”.
في خان يونس، تقول أم لخمسة أطفال: “نتمنى أن يأتي الحيّة ويعيش يومًا هنا بين الأنقاض، ليرى كيف ننام، كيف نأكل، كيف نخاف على أولادنا كل لحظة. المقاومة لا تكون فقط بالشعارات، بل بحماية الحياة”.

معاناة يومية وصمت سياسي
الوضع الإنساني في القطاع يتدهور بشكل غير مسبوق. الجوع يطرق أبواب كل بيت، المساعدات لا تكفي، المشافي تئن، والمدارس لم تعد سوى ملاجئ. وفي مقابل هذه الصورة القاتمة، يتساءل السكان: أين القرارات الحاسمة؟ أين صوت القيادة الحقيقي الذي يتحدث بلسان الناس لا باسم تنظيم أو حسابات سياسية؟
العديد من الأصوات، حتى داخل صفوف مؤيدي حماس، بدأت تطالب بتغيير النهج السياسي، أو على الأقل بمراجعة الأولويات. “نريد وقفًا حقيقيًا لإطلاق النار، نريد حلاً سياسيًا لا يُؤجل، نريد أن نعيش كباقي البشر”، هكذا عبّر شاب عشريني من مخيم النصيرات.

قيادة بعيدة وشعب يدفع الثمن
يرى مراقبون أن المسافة الجغرافية بين القيادة في قطر والواقع الميداني في غزة، باتت تمثل عائقًا حقيقيًا أمام فهم عمق المأساة. ويؤكد محللون سياسيون أن الاستمرار في إدارة الأزمة من الخارج، من دون وجود فعلي داخل القطاع، يُفقد القيادة جزءًا من شرعيتها الأخلاقية والسياسية.
ففي الوقت الذي تتنقل فيه الوفود بين العواصم، يَدفن غزّيون أبناءهم بأيديهم، ويقفون في طوابير طويلة من أجل ربطة خبز أو علبة دواء. بينما تُدار الحسابات على طاولة المفاوضات، وتُدار حياة الناس على حافة اليأس.

الحاجة إلى قرار شجاع
مع كل هذه الضغوط، تبقى الكرة في ملعب من بيده القرار. وتبقى غزّة تنتظر من يسمع صرختها بصدق. فهل يُقدم خليل الحية والقيادة السياسية على اتخاذ خطوة حاسمة تُعيد الأولوية للناس؟ هل يكون هناك تحرك يُنهي النزيف، ويضع مستقبل غزة وسكانها فوق كل الاعتبارات الأخرى؟
التاريخ لا يرحم. والشعب لا ينسى من وقف معه، ومن أدار له ظهره في لحظة الخطر.

جهود دولية لتأمين الإغاثة في غزة

من جهة ثانية، وفي خطوة جديدة تهدف إلى كسر حدة الأزمة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة، تعتزم الولايات المتحدة إنشاء “مناطق آمنة” في جنوب القطاع، بإشراف شركات أميركية مستقلة، لتأمين وصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين بعيدًا عن مخاطر الفوضى والنهب والتدخلات المسلحة.

توزيع منظم وآمن للمساعدات
المناطق المقرر إنشاؤها ستُخصّص لاستقبال النازحين وتوفير الغذاء والمياه والرعاية الطبية والمأوى. وتهدف إلى تنظيم عملية توزيع المساعدات بصورة شفافة وآمنة، بما يضمن وصولها إلى مستحقيها دون عوائق أو استغلال سياسي.
بحسب مصادر أميركية، فإن هذه المبادرة تأتي ضمن اتفاقيات دولية لضمان تقديم الدعم الإنساني المباشر لسكان غزة، في ظل استمرار النزاع والدمار الواسع.

دعم شعبي مشروط بالأمان
عدد من السكان المحليين أعربوا عن دعمهم الحذر لهذه الخطوة. يقول أحد النازحين من مدينة خان يونس: “نحن بحاجة ماسة إلى تنظيم عملية الإغاثة.. كل يوم ننتظر شاحنة طعام أو خيمة، نعيش على الأمل فقط”.
وتأمل العائلات المهجرة أن تساهم هذه المناطق في استعادة بعض من مظاهر الحياة اليومية وسط حالة الانهيار، خاصة في ما يتعلق بالغذاء والرعاية الصحية والمأوى.

عراقيل ميدانية ومخاوف من التعطيل
ورغم الترحيب الشعبي، تواجه المبادرة تحديات على الأرض. فقد وردت تقارير تفيد بأن بعض الفصائل المسلحة، بما فيها حركة حماس، حذّرت المدنيين من التعامل مع مراكز الإغاثة الجديدة، في محاولة للسيطرة على حركة المساعدات وتوجيهها بما يخدم مصالحها.
وأعرب نشطاء حقوقيون عن قلقهم من أن تؤدي هذه التدخلات إلى تعطيل المبادرة، وبالتالي حرمان الآلاف من العائلات من الحصول على أبسط متطلبات البقاء.

خطوة إنسانية في لحظة حرجة
يرى مراقبون أن هذه المناطق قد تمثل نقطة تحوّل في الاستجابة الإنسانية في غزة، إذا ما أُتيحت لها فرصة العمل بعيدًا عن التعطيل والضغوط السياسية. فالسكان، المنهكون من النزوح والحصار والدمار، باتوا بحاجة إلى مبادرات عملية تنقذ ما تبقى من كرامة العيش.
ومع اقتراب انطلاق العمل بهذه المناطق خلال الأيام المقبلة، يبقى السؤال الأهم: هل ستنجح هذه الخطة في فرض مسار جديد لحماية المدنيين، أم ستواجه مصيرًا مشابهًا لمحاولات سابقة أُجهضت قبل أن تُثمر؟

تحقيق وحوار أسامة الأتاسي
المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى