“المدارنت”..
في عام 1992 قال رئيس الحكومة “الإسرائيلية” الأسبق (الإرهابي الصهيوني) إسحق رابين: «أتمنى أن أستيقظ من النوم ذات يوم فأرى غزة وقد ابتلعها البحر»، لكن غزة لم يبتلعها البحر ولم تغرق، بل غرقت “إسرائيل” في رمالها ووحلها، وصمدت وقاومت، واضطر الاحتلال إلى الانسحاب منها عام 2005، وتفكيك 21 مستوطنة كان قد أقامها فيها.
كما تصدت لكل الاعتداءات التي استهدفتها منذ العام 2008، بدءاً بما أسمته “إسرائيل” «الرصاص المصبوب» ثم “عمود السحاب” و”الجرف الصامد” و”صيحة الفجر” و”حارس الأسوار” و”الفجر الصادق”، وصولاً إلى عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي وحتى اليوم.
في كل هذه الحروب كان الهدف “الإسرائيلي” واحداً، هو القضاء على الوجود الفلسطيني وقضيته العادلة، وهو الهدف الذي كرره رئيس الوزراء “الإسرائيلي” الحالي (الإرهابي الصهيوني) بنيامين نتنياهو، الذي لا يزال يصرّ على تحقيق «النصر المطلق» بعد مضي عشرة شهور على حرب الإبادة التي ينفذها جيشه ضد الشعب الفلسطيني في القطاع.
ما تحقق حتى الآن من أهداف نتنياهو هو ارتكاب المجازر وتدمير المدن والقرى والمستشفيات والمدارس وأماكن لجوء النازحين الذين يطاردهم من مكان إلى آخر، بحثاً عن نصر لم يتحقق ولن يتحقق؛ ذلك أن غزة ما زالت تقاوم في الشمال والوسط والجنوب، وما زال الجيش “الإسرائيلي” (الإرهابي الصهيوني) يعاود اقتحام مناطق كان انسحب منها بعدما يفاجأ بأنها ما تزال تقاوم وتكبده خسائر يومية.
لا شك أن نتنياهو أخطأ في الحساب، لأن غزة عصية على الاستسلام ولن تقدم له حبل النجاة من مصير نهايته السياسية الذي ينتظره.
غزة لم يبتلعها البحر، بل هي على مدى عشرة شهور تبتلع جيش الاحتلال ودباباته وآلياته العسكرية، رغم الجوع والعطش وجراحها ومآسيها والكوارث الإنسانية التي تعانيها.
نتنياهو مصرٌّ على ركوب رأسه وإيغاله بالدم الفلسطيني لإرواء غله وحقده وعنصريته مع مجموعته الحكومية المتطرفة الغارقة في العنصرية وأبشع أشكال الإرهاب من خلال دعوات الإبادة واستخدام الأسلحة النووية والتجويع حتى الموت، وممارسة شتى فنون التعذيب اللاأخلاقية ضد الأسرى الفلسطينيين.
نتنياهو يخوض حرباً خاسرة، هذا ما أكده ضباط “إسرائيليون” (إرهابيون صهاينة) قاتلوا في غزة في رسالة بعثوا بها إلى رئيس الأركان بثتها القناة 14 “الإسرائيلية” قالوا فيها: «مندهشون إزاء تصريحات متكررة من رتب عسكرية رفيعة بأن النصر قريب».
أضافوا: «نحن الذين كنا في الميدان نعلم تماماً أن الوضع لا يزال بعيداً عن النصر»، وقالوا أيضاً: «لا يزال لدى العدو قدرات عابرة للحدود ومسيّرات وبنية تحتية في الأنفاق». هذه شهادة من ضباط قاتلوا في غزة وعانوا ما عانوه في الميدان.
ويقول الجنرال المتقاعد (الإرهابي الصهيوني) يسرائيل زيف للقناة 12 “الإسرائيلية”: «دخلنا رفح ولم يكن هناك انتصار مطلق بل أكبر أزمة منذ قيام “إسرائيل”.. يردد نتنياهو مقولة النصر المطلق منذ أشهر ولم يحققها حتى الآن». أضاف: «لا يوجد لدى “إسرائيل” أي استراتيجية أو خطة لحرب منظمة، ونتنياهو لا يصغي إلى المؤسسة الأمنية ويتصرف بطريقة انفعالية ويتجاهل التدهور الذي يخرج عن السيطرة».
أما (الإرهابي الصهيوني) بيني غانتس، زعيم «معسكر الدولة»، فيقول: «لم تكن هناك حكومة في “إسرائيل”، جلبت مثل هذه الكارثة الثقيلة التي جلبها نتنياهو».
غزة لم ولن يبتلعها البحر.
مقالات