فلسطينيّون حُرموا العيد في جنين بعدما قتل جيش العدوّ أبناءهم!
“المدارنت”
لم تتمكن عبير غزاوي سوى من قضاء دقائق معدودة لزيارة قبرَي ابنيها صباح عيد الأضحى المبارك، قبل أن يُخلي الجنود الإسرائيليون المقبرة القريبة من مخيم جنين للاجئين، الذي أخلي من سكانه في الضفة الغربية المحتلة.
نفذ الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية استمرت شهورًا في المخيم، ما أجبر عبير غزاوي، وآلاف السكان الآخرين، على الفرار والنزوح بعيدًا عن منازلهم.
تعتزّ عبير غزاوي بتحقيق “انتصار صغير”
خلال الدقائق القليلة الثمينة
التي قضتها عند قبريّ ابنيْها
ومع ذلك، تعتز غزاوي بتحقيق “انتصار صغير” خلال الدقائق القليلة الثمينة التي قضتها عند قبري ابنيها.
قالت عبير، البالغة من العمر 48 عامًا: “في العيد الماضي “عيد الفطر” اقتحموا المخيم. حتى إنهم أطلقوا النار علينا. لكن في هذا العيد، لم يطلقوا النار، فقط طردونا من المقبرة مرتين”.
أضافت: “تمكّنا من زيارة أرضنا، وتنظيف محيط القبور، وسكب ماء الورد وبعض العطر عليها”، كما جرت العادة في أول أيام عيد الأضحى، الذي بدأ الجمعة.
جاء رجال ونساء إلى مقبرة مخيم جنين حاملين الزهور والرياحين. وجلس كثيرون بجانب القبور يصلّون، ويمسحون عنها الغبار، ويقتلعون الأعشاب.
بعد ذلك بوقت قصير، وصلت سيارة مدرعة إلى الموقع، وترجّل منها جنود لإخلاء المقبرة من المعزين، الذين غادروها بصمت ووقار، من دون احتجاج.
قُتل محمد وباسل، ابنا عبير، في كانون الثاني/يناير 2024، في مستشفى جنين، برصاص عناصر وحدة إسرائيلية متنكرة بلباس مدني. وقد نعتهما لاحقًا حركة “الجهاد الإسلامي”.
ومثل الأم الثكلى، رثى كثيرون من أهالي جنين أبناءهم الذين قُتلوا خلال عمليات الاقتحام الإسرائيلية المتكررة للمدينة، التي تضم فصائل فلسطينية تقاتل إسرائيل.
“ليس هناك عيد”
في العملية العسكرية، الجارية منذ شهور، في شمال الضفة الغربية، التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967، أخلت القوات الإسرائيلية، التي تقول إنها تستهدف المقاتلين، ثلاثة مخيمات للاجئين من جميع سكانها، ونشرت دبابات في جنين.
ذهب محمد أبو حجاب، البالغ 51 عامًا، إلى المقبرة الواقعة في الطرف الآخر من المدينة، لزيارة قبر ابنه، الذي قُتل في كانون الثاني/يناير، في غارة إسرائيلية أسفرت عن مقتل خمسة آخرين.
وقال بحزن، واقفًا بجانب شواهد القبور الستة الصغيرة: “ليس هناك عيد. فقدت ابني، كيف يمكنني أن أحتفل بالعيد؟”.
لم يقدم الجيش الإسرائيلي تفاصيل في حينه، مكتفيًا بالقول إنه نفذ “عملية في منطقة جنين”.
أضاف أبو حجاب: “لا حسيب ولا رقيب. أحد الضحايا كان طفلًا، من مواليد 2008، لم يتجاوز السادسة عشرة”.
وتابع، مشيرًا إلى استمرار انتشار الجيش في جنين: “ما يزال لديّ ثلاثة أطفال آخرين. أعيش 24 ساعة في اليوم في حالة من القلق، لا نعرف راحة البال”.
من حوله، جلس أفراد العائلات أو وقفوا حول القبور في مقبرة الحي الشرقي في جنين، التي توجّهوا إليها بعد صلاة العيد في المسجد الكبير القريب.
محمد حزوزي: الاحتلال سينتهي
في النهاية مهما طال الأمر
أقام إمام المسجد صلاة الغائب في المقبرة على أرواح من قُتلوا في غزة، ومن قُتلوا في جنين، خصوصًا على يد الجيش الإسرائيلي.
وقال همام السعدي، البالغ 31 عامًا، إنه يزور المقبرة في كل مناسبة دينية منذ مقتل شقيقه في غارة إسرائيلية، “لمجرد أن أجلس معه”.
“أملنا الوحيد”
على عدد كبير من القبور كُتبت كلمة “الشهيد”، ووُضعت صور لشباب يحملون بنادق.
فقد محمد حزوزي، البالغ 61 عامًا، ابنه خلال عملية عسكرية، في تشرين الثاني/نوفمبر 2024. ويعاني الأب من البطالة منذ أوقفت إسرائيل إصدار تصاريح العمل لسكان الضفة الغربية، بعد اندلاع حرب غزة في تشرين الأول/أكتوبر 2023.
ورغم الانتشار العسكري الإسرائيلي في جنين، لا يزال حزوزي متمسكًا بالأمل: “إنهم هناك منذ شهور، لكن كل احتلال سينتهي في النهاية، مهما طال الأمر… إن شاء الله، سنحقق هدفنا في إقامة دولتنا الفلسطينية. هذا أملنا الوحيد… تفاءلوا بالخير تجدوه”.