مقالات

فلسطين.. جردة حساب مع العام المنصرم!

“المدارنت”..
ودّعت البشرية، حسب التواقيت الجغرافية المختلفة لكل بلد، والطقوس المحلية أو المشتركة مع باقي أقاليم العالم، والأحوال السياسية والاقتصادية في كل دولة، سنة 2024 الميلادية.

في خضم الاحتفالات التي عمّت المعمورة، كانت فلسطين، المكان المقدّس لديانات العالم السماوية الثلاث، والموقع الذي ولد فيه السيد المسيح، تُستباح، ويُباد شعبها بأنواع القتل الممنهج، وبعد القصف، والحرق، والقنص، وتجويع أطفالها حتى الموت، بات الرضّع فيها يُقتلون بالبرد.
كان هذا حال قطاع غزة طوال العام الماضي، إضافة إلى قرابة ثلاثة أشهر قبله، وبما أنه لا تظهر، في المدى القريب، بوادر على توقّف آلة القتل الإسرائيلية، فإن هذا يطرح على البشرية، وليس على الفلسطينيين، أو العرب، أو المسلمين فحسب، مسألة كبرى تحتاج حلا كي لا تصبح الهمجية المنفلتة من أي قانون، هي القانون.
يشكّل استمرار هذه التراجيديا الهائلة التي نكب العالم الحديث الذي نشأ على أنقاض الحرب العالمية الثانية بها الفلسطينيين مفارقة عظيمة يُصلب فيها الشعب الذي ولد فيه المسيح الناصريّ، كتعويض و«فداء» للجرائم الهائلة التي ارتكبتها العنصرية الغربية ممثلة بالنازية الألمانية.
يُضاف إلى هذا «الحلّ» الفظيع للمسألة اليهودية في الغرب، أن هذا الغرب، الذي يعتبر، في وعي البشرية، وأذهان الكثير من شعوبه ونخبه، مركز المسيحية المعاصر، والذي تتركّز فيه الثروات التي جُمعت على مدى قرون من الاستيطان، والاستعمار المديد، سواء في الولايات المتحدة الأمريكية أو أوروبا الغربية، هو الذي يدعم الإسرائيليين، الدولة حديثة المنشأ، التي جاء أغلب سكانها اليهود من أوروبا الشرقية، وهو الذي يقدّم لإسرائيل الدعم العسكريّ والمالي، لتنفيذ هذه المذبحة المستمرة.
في حمأة هذه المقتلة الدموية للفلسطينيين، وفي استعارة همجية لصورة الألعاب النارية المنتشرة في سماوات العالم، كانت إسرائيل تضيء سماء قطاع غزة بالقذائف والصواريخ، وتتابع تدميرها ليس للحياة فحسب بل كذلك لإمكانيات النجاة، عبر تدمير مجمل النظام الصحي في القطاع، وحرق المشافي واستهداف الأطباء والممرضين وطواقم الإسعاف.
في هذا السياق، سيتذكر الفلسطينيون، والعالم معهم، «انتصار» الجبروت الإسرائيلي على حسام أبو صفية، مدير مشفى كمال عدوان، الذي سجّلت الكاميرات صموده الأسطوري، ومشيته البطولية نحو باب المركبة العسكرية الإسرائيلية القادمة لاعتقاله!
ترك العام الآفل للفلسطينيين تحت رحمة عدوّ لا يرحم، وآلة قتل لا تتوقف، متجاهلا الجثث المترامية التي تتناهشها الكلاب، والرضّع والأطفال الموتى جوعا وبردا، والحوامل اللاتي غرقت خيمهن أو احترقت، وتركهم بانتظار دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي الجديد، الذي يطالب الضحايا بتقديم الحل… وإلا!

رأي “القدس العربي” اليوم
المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى