في “حفلة الشرق الأوسط”.. “إسرائيل”: نتنياهو يرمينا للكلاب!
“المدارنت”
(الرئيس الأميركي دونالد) ترامب نوع من (رئيس حكومة العدوّ الإرهابي الصهيوني بنيامين) نتنياهو، لكنه أكبر، نتنياهو شعبوي، لكن ترامب شعبوي مع محفزات. نتنياهو متلاعب وترامب أكثر بكثير. نتنياهو نرجسي، لكن مقارنة بترامب هو بني بيغن. نتنياهو محتال، لكن ترامب أكبر المحتالين. ضمير نتنياهو نقي؟ ترامب لا ضمير على الإطلاق. من ناحية نتنياهو، بعده الطوفان؟ ترامب هو الطوفان. باختصار، كما تقول القصيدة إياها، كل ما يعرفه نتنياهو يعمله ترامب بشكل أفضل.
قد تكون مزحة رائعة من التاريخ، يرافقها حس دعابة، لكن النكتة على حسابنا. فإذا كان نتنياهو يقف على رأس آلة السم، فإن ترامب يقف على رأس القوة العظمى. تقف من خلف ترامب كل رافعات القوة العظمى في مجالات الأمن، والاقتصاد، والسياسية والنفوذ. يقف من خلف نتنياهو يانون مجيد ويعقوب بردوغو، وهذه ليس قوى.
لو لم يكن الحديث يدور هنا عن مصيرنا، لاعتبرناه عرضاً رائعاً من العدالة الشعرية. عندما يصطدم نتنياهو بأناس من نوع الكلينتونيين –أوباما أو بايدن – يزدهر. هذا مجال راحته، يلفهم بعجين طري، ويسحبهم من أنوفهم، ويعد ولا يفي، ينهك، يكذب، يندم ويتردد ويتلوى ويتباكى، والنتيجة مشابهة في نهاية الأمر: الزمن يمر ولا شيء يحصل باستثناء القرف وخيبة الأمل.
ولكن عندما يصدم بترامب فالأمر معاكس؛ فليس لترامب إنصات أو صبر لترهات نتنياهو. وهو يضيع الوقت؟ بالتالي نواصل بدونه. قرأ نتنياهو في الصحيفة عن مفاوضات مباشرة بين الأمريكيين وحماس، وبعد ذلك احتفل بنصر مؤقت مع إبعاد بوهلر مؤقتاً. غير أنه نصر أشبه بهزيمة. عاد بوهلر، وعادت المفاوضات مع حماس، وقرأ نتنياهو عن تحرير إيدان ألكسندر، وها نحن نتلقى ضربة مدوية حين تعرف العالم كله على الالتزام الأمريكي لتحرير مخطوفين أمريكيين مقابل انغلاق الحس الإسرائيلي لتحرير مخطوفين إسرائيليين.
هذا وصف جزئي، فنتنياهو قرأ عن اتفاق بين الأمريكيين والحوثيين، الذي في إطاره ألقي بنا إلى الكلاب، أما عن المفاوضات المباشرة بين الأمريكيين والإيرانيين فلم يمهله ترامب القراءة حتى، لأنه شكل زينة حية وشاحبة لإعلان ترامب عن المفاوضات في الموقف البائس إياه في البيت الأبيض.
والآن، تخيلوا أن يقرر “ولي العهد” المنفي في ميامي تفعيل آلة السم البيبية ضد ترامب. فكم من الوقت سيستغرق نفيه إلى كوبا؟ لا توازنات لدى الرئيس الحالي ولا كوابح، ولا قواعد ولا آداب مائدة. هو يفعل ما يروقه. ونتنياهو لا يروقه الآن.
وبالفعل، لم يتأخر الرد الصهيوني المناسب. أمس، قبل 11 صباحاً بقليل، قال يانون مغيل إن “ترامب مهرج”. ولما كنت مشاركاً في هذا البث التاريخي، سارعت لأسأل نفسي: إلى أين نواصل؟ هل ستشرق الشمس غداً؟ إلى أين اختفى “دونالد بن بغل”؟ إلى أين اختفت أصوات الفرح التي انطلقت في أرجاء القناة 14 وفي باقي أجنحة آلة السم ليلة الانتصار الأخير لترامب؟
إلى أين تبخر “الرب تبارك اسمه يحبني دوماً” التي عزفت على مدار الساعة في حينه؟ والأهم: هل هذه بداية منطلق سلس؟ وبعد أن عرفوا نائب المسيح كـ “مهرج”، هل يستنتجون بأن المسيح نفسه، ابن عم من لحم ودم؛ أي نتنياهو، هو المهرج الضحل.
وكما تقول النكتة إياها (“الاعتداء اعتداء”)، والطائفة طائفة. سيبقون أمام المهرج حتى النهاية المريرة. لا خيار آخر.
في الأيام القريبة القادمة ستعقد في الشرق الأوسط حفلة كبرى. ومن لا يدعى إليها؟ إسرائيل. ولمن هناك السعودية وقطر والإمارات، وثمة حديث عن أردوغان وأبو مازن والشرع السوري. ثمة صفقات بالتريليونات على الطاولة ونظام إقليمي جديد. كان يمكننا أن نكون هناك، على رأس الطاولة، لكن نتنياهو يفضل بن غفير وسموتريتش. نتنياهو رهينة الضحلين غريبي الأطوار الأكثر عزلة، ونحن عالقون معه.
في عهد رؤساء آخرين، كان يمكن لهذا أن يمر بسلام نسبي. لدى أوباما وبايدن وكلينتون، كان هناك التزام أساسي لإسرائيل، كانت خطوط حمراء لا يتم تجاوزها. حتى لو كان نتنياهو ينهك، يجنن، يكذب ويكره عليهم حياتهم، عاقبوه رمزياً، ضمن الإطار.
أما لدى ترامب فالقواعد مختلفة. أي، لا توجد قواعد. يمكنه أن ينقلب، أن “يكتشف” نتنياهو من جديد، ويغير الاتجاه، ويجري التفافة حدوة حصان ويبدأ كل شيء من جديد. نأمل في حدوث هذا، لأن الاتجاه الحالي يؤدي إلى كارثة. لشدة الأسف، الفشل كله لنتنياهو لكن الكارثة لنا.