قبل أكثر من عقد.. قصّف نظام بشّار السوريّين بالسلاح الكيماوي!
“المدارنت”..
تداعيات ضرب النظام السوري الكيماوي على الشعب السوري.. هل هي طبول الحرب من الغرب؟! أم استعراض.. معروف ومفهوم؟! أم خطوة على طريق اسقاط النظام؟!
اولا: بدأ الغرب حملة إعلامية كبيرة كرد على الضربة الكيماوية التي قام بها النظام على أهلنا في الغوطة ، التي استشهد فيها حوالي ألف وخمسمائة اغلبهم نساء واطفال. واصابة الالاف وبعضهم ما زال تحت الخطر. فهذا العدد وهذه التغطية والتوثيق لا يمكن أن يصمت عنها الغرب .على اساس انه حامي السلم العالمي وحريص على حياة البشر…؟
ثانيا: تكلم الرئيس الأمريكي اوباما وبحذر. (لو) تأكدنا من أن النظام فعلها لن نصمت؟!… هنا تكمن المشكلة يختبئون وراء التأكد. وكذلك البريطانيين علينا عمل ما . لكن مجلس الأمن معطل بإرادة روسية صينية. واللجنة الدولية في دمشق منعت من الذهاب لمكان الضرب بأعذار واهية.. كالحفاظ على سلامتهم. وان مهمتهم لا تطال هذه الحالة. وان الامريكان والروس اتفقوا على ضرورة اعطاء اللجنة حق معاينة المنطقة والمصابين… وهم يعلمون أن مُضي كل دقيقة من دون توثيق وفحص هو خيانة للشهداء.. لأن مع مضي الوقت يطير الغاز وتطير معه الحقيقة… ويبرد الجو وننتظر حدثا آخر يحرك الأطراف الدولية.
ثالثا: حتى تكتمل الصورة تلتحق بارجة أمريكية برفيقاتها في البحر المتوسط..لاحتمال عمل عسكري ما في سوريا… ماكين يطالب بضربة عسكرية ضد النظام السوري .وكيري الوزير الأمريكي يحادث الوزير السوري المعلم ويطالبه بضرورة السماح للجنة الدولية بالوصول للمصابين ومناطقهم . وايران تقولها علنا النظام السوري خط أحمر . يعني حاذروا.. وروسيا تتكلم من موقع المرتاح: علينا انتظار نتائج التحقيق.
رابعا: كل ذلك الحراك الدولي استهلاك سياسي في الحدث السوري . هو تعبير عن مواقف تراوح في مكانها دوليا وحتى إقليميا من الأطراف التي تعتبر نفسها مع الثورة السورية ومطالبها… وهو إعلان بالالتزام المطلق من قبل حلفاء النظام بالوقوف معه قولا وفعلا… والنتيجة على الأرض استمرار الحالة كما هي: نظام يقتل الشعب بكل الوسائل ولا خطوط حمر عمليا. بدعم علني من حلفائه . وصمت مريب من الغرب وأمريكا. يعطي بالنتيجة موقفا راضيا عما يحدث في سوريا… وأن يتم إشغال الأطراف ببعضهم أكثر.. إن مزيد من الشهداء والدمار واللجوء وضرب اللحمة الوطنية وامتداد ذلك الى الجوار الإقليمي وخاصة لبنان والعراق… وان ماحصل بضرب الكيماوي هو تقدم ميداني في الصراع… وأن التداعيات الدولية عليه ما زالت بعيدة.
خامسا: ما تزال أمريكا وروسيا متوافقتان ومتفقتان على جنيف 2. من دون توضيح الآلية أو الشروط او التقدم على الارض .وحتى فرضها على الاطراف. وهذا يعطي انطباع ان جنيف 2 ليست أكثر من مخرج (مدّعى) لحل المشكل السوري دوليا. وان كل طرف من أطراف الصراع محليا وإقليميا ودوليا يتعامل مع الحالة وفق أجندته ومصالحه الخاصة.. فالشعب السوري وثورته تحرك ليسقط النظام المستبد ويبني دولته الديمقراطية وأنه قدم الشهداء والتضحيات . إضافة لتدمير البنية التحتية العامة والخاصة وملايين من الشهداء والمعتقلين والمشردين واصبح كل الشعب السوري منخرط بشكل أو آخر بالثورة. ولن يتراجع قبل تحقيق أهدافه بالحرية والكرامة والعدالة والتقدم والدولة الديمقراطية.
سادسا: وان النظام وداعميه روسيا التي تريد استرجاع مجدها الامبراطوري أيام الاتحاد السوفييتي. مع الصين الصاعدة… والتي تجني العائد المباشر من مال الشعب السوري وبدمه وعبر داعميه ايران وعراق المالك.. مستثمرة حاجة هذه الأطراف لحليف دولي تستند عليه.. وكذلك إيران التي ترى أن ضرب النظام السوري لإسقاطه يعني قطع يدها في المنطقة وأن المعركة القادمة على أبواب طهران .. فهي تدرك أن المستهدف قوة ايران وليس موقفها السياسي فقط. وإن خلق الشرخ الطائفي سني شيعي مقصود منه حرب تمتد لعقود تنهك كل الأطراف وتزرع جروحا لا تندمل عبر الزمن وزاد الآن بخلق صراع علوي سني بعد ثورة الشعب السوري ضد النظام . وهناك عمل جاد لدفع كل الأقليات والإثنيات (والمكونات الاجتماعية العربية والسورية). حتى تلتفت لأصولها و تحارب معركة وجودها ومن خلالها.. كالمسيحية والدروز والإسماعيلية والأكراد والآشوريين..والقائمة تطول.
سابعا: والدول الاقليمية التي تصطف كل منها حسب مصلحتها. فتركيا ترى أن نار الربيع السوري تطالها اقتصاديا ومجتمعيا .حيث أغلق أمامها بوابة المشرق العربي والسوري. واجتماعيا من خلال التزامها بالثورة والشعب السوري الذي وجد فيها ملاذا آمنا.. وكذلك دول الخليج التي تعتبر أن معركة سوريا بالنسبة لها معركة الدفاع دولها واماراتها في مواجهة الغول الإيراني.. ومع العلم ان البنية الطائفية سني – شيعي في هذه الدول مفتوحة على الصراع الأهلي بوجود هذا الاحتقان والتجييش.
ثامنا: لا يغيب عن المشهد العامل “الإسرائيلي” بامتداده الغربي. وهو فاعل متبادل الاعتماد.. وهو ان الربيع العربي وانتصاراته الساحقة والسريعة. حيث اخرج مصر من معسكر حلفاء الغرب واسرائيل حصل ذلك قبل الانقلاب على الرئيس المنتخب محمد مرسي .. وإن تحول سوريا الى دولة ديموقراطية ليس من مصلحة الهيمنة المطلقة “الإسرائيلية” في المنطقة. وامتداد الربيع لبقية المشرق العربي. يعني احتمال وصوله للخليج وإعادة الثروة للشعب وتوزيع المغانم يتغير. وأن أمريكا لن تعود متحكمة لا بمصدر الطاقة ولا بطريقة الصرف ولا بالخطط الاقتصادية لتلك البلدان. وهذا يعني ان مصيرنا أصبح بيدنا.. لذلك كان الربيع العربي أسوأ كابوس عاشه الغرب و”اسرائيل” وهم الان يعيدون الهجمة على الشعب العربي. حيث يسقطون الثورة المصرية ويطلقون يد النظام في سوريا قتلا وتدميرا… ويتركون الباب مفتوحا على الحرب الأهلية في كل المنطقة.. لسان حال الغرب يقول: نظم استبدادية في هذه المنطقة او حرب اهلية ولا للديمقراطية.
تاسعا: نحن في الثورة السورية بعد ادراكنا لكل ذلك . نرى أن حقيقة الحراك الدولي هو مشاغلة للوضع وتغطية دور مطلوب ولو اعلاميا . وان المشهد يتحرك حسب المصلحة الغربية لإعادة تعويم النظام وضبط حزب الله وتحجيمه.. وانهاك السوريين لقبول صيغة دولية. تجعلنا كلنا مهزومين . وذلك برسم صورة لسوريا تحت الوصاية و متصارعة واعادة بناءها على الصيغة الطائفية والاثنية على النموذج الفاشل اللاديمقراطي في لبنان والعراق.
عاشرا: ان هذا الإدراك بالنسبة لنا يجعلنا نتصرف وفق المصلحة الوطنية السورية. مع عدم الاستهانة بالنظام السوري كخصم استراتيجي. والأطراف الدولية التي تريد مصادرة سوريا. وهذه المصلحة هي إسقاط النظام ومحاسبته وبناء الدولة الديموقراطية.. وان يكون هدفنا المباشر توحيد العمل السياسي مع الائتلاف داخله وخارجه.. وتوحيد العمل العسكري ضمن الأركان ومعه وخارجه. وان نتجاوز وبوعي استراتيجي وتكتيكي كل ما يحاك لسوريا وشعبها. وأن نكوّن عملا متكاملا سياسيا وميدانيا وينصب جهدنا على الهدف المركزي وأن نعذر بعضنا في كل ما دونه.
أخيرًا، إننا نحسب شهداءنا نجومًا مضيئة في سماء حريتنا، تذهب أرواحنا فداء للاهداف العظيمة، الحرية والكرامة والعدالة والتقدم والدولة الديموقراطية.
لن نتنازل عن دم الشهداء.. ولن نقبل أقل من الانتصار.