كاتب أميركي: أسباب موافقة (ميليشيا) الحوثي” على السلام مع واشنطن!
“المدارنت”
في ضوء موافقة (ميليشيا) “الحوثيّين”، على وقف مهاجمة سفن الشحن عبر البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن، الذي يحظى بدعم كبير، قال الكاتب الأمريكي جيمس هولمز، رئيس قسم الاستراتيجية البحرية في كلية الحرب البحرية، في تقرير نشرته مجلة “ناشونال إنتريست” الأمريكية، في رد على تساؤل من طيار عمّا إذا كانت القوة الجوية أثبتت حسمها في الحرب البحرية غير النظامية ضد الجماعة اليمنية: “إن ذلك محتمل”.
وذكر هولمز أن مقاله الذي نشره موقع “ترانسناشوال إنستتيوت” الإلكتروني في أواخر مارس/ آذار، وانحاز فيه إلى الأدميرال البحري الراحل جيه. سي. ويلي، الذي صرح بأن القوة الجوية والأشكال الأخرى العشوائية “التراكمية” للحرب لا تحدد نتيجة الصراع المسلح وحدها، هو ما دفع إلى هذا الحوار. ويرى ويلي أن السيطرة، بصفة عامة، على منطقة رئيسية أو شيء على سطح الأرض، هو هدف الاستراتيجية العسكرية. وأن قصف شيء من الجو لا يماثل السيطرة عليه.
ويشير هولمز إلى أن المثل الذي يضربه ويلي بـ”رجل في الموقع يحمل سلاحا ناريا”، جندي أو فرد بمشاة البحرية يقف على أرض صلبة وهو يحمل سلاحا ناريا ثقيلا، هو السلاح “المدعوم”. فالجندي هو أداة السيطرة الملموسة؛ لذلك هو الفيصل في النجاح العسكري. وبعبارة أخرى، القوة الجوية مهمة، لكنها غير كافية لتحقيق الانتصار وفرض السلام بعد الحرب. لا يمكن تحقيق نتائج مستمرة دون قوة برية.
وقف إطلاق النار مع “الحوثيين” ليس سلامًا
يشير هولمز إلى نقطتين، الأولى، أنه لقياس ما إذا كانت إحدى العمليات أو الحملات العسكرية حاسمة، من المفيد أن يتم تعريف ما تعنيه كلمة حاسمة. ليس هناك تعريف عالمي متفق عليه للكلمة، كما هو الحال بالنسبة إلى العديد من المصطلحات في مجال الأعمال الحربية. ويأتي التعريف الذي يتم استخدامه عادة في الأروقة العريقة لكلية الحرب البحرية في نيوبورت من كارل فون كلاوزهفيتس، الخبير العسكري في بروسيا في القرن الـ19. ويعرف كلاوزهفيتس الهجوم الاستراتيجي الذي يؤدي “مباشرة إلى السلام” بأنه مهمة حاسمة.
ويمكن أن يشير الحسم إلى الوقت، بما يعني أن الهجوم الاستراتيجي يعجل بالسلام على الفور تقريبا. وقد تكون له أهمية جغرافية مكانية، بما يعني أن السلام يحل بمجرد السيطرة على منطقة أو مدينة رئيسية أو قوات العدو، أو كليهما.
لكن الحملة العسكرية الأمريكية التي قادتها البحرية باستخدام الصواريخ والقوة الجوية ضد الحوثيين لم تؤد إلى السلام، لا مباشرة ولا غير ذلك. في الواقع، أشار المتحدث باسم جماعة الحوثي بالتحديد إلى أن الهجمات على إسرائيل -الغرض الجوهري من حملة الحركة- ستستمر. وواصل الحوثيون إطلاق صواريخهم صوب الدولة اليهودية. وإن ما أسفر عن قصف الولايات المتحدة والتحالف الدولي كان توقفا في جهد ثانوي قد يكون مؤقتا، وهو مهاجمة طرق الشحن الإقليمية. ولم تمثل الهجمات العشوائية على حركة الشحن إلا ضغطا بسيطا على إسرائيل، وكان إنهاؤها خيارا سهلا.
وبالتالي فإن أقوى ادعاء مبرر لصالح قدرة القوة الجوية على تحقيق الانتصار في الحرب في البحر الأحمر هو أن الضربات الجوية والصاروخية حثت الحوثيين على تحجيم جزء من حملتهم، التي كلفتهم الكثير في البنية التحتية العسكرية والمعدات، بينما أسهمت بالقليل، إن كان لها أي إسهام، في هدفهم الأساسي لإجبار إسرائيل على وقف الهجوم على غزة. ووفقا لهذا المعيار، فالدعم الحماسي لصالح الطيران كان سابقا لأوانه في أفضل الأحوال.
الحرب.. تحليل للتكلفة والجدوى
ويشير هولمز في النقطة الثانية إلى أن الأدميرال ويلي قد يكون بالغ في قاعدته بشأن عدم حسم العمليات التراكمية. وبالعودة إلى كلاوزهفيتس مجددا، فقد لاحظ الكاتب أن مدى تقدير الطرف المحارب لـ”هدفه السياسي” يحدد “أهمية” أو معدل إنفاقه للموارد العسكرية لتحقيقه.
ونتيجة متغير التكلفة والجدوى وفقا لكلاوزهفيتس هي أنه ليس هناك ثمن ثابت للهدف السياسي. في الواقع، هناك دور للعدو في تحديد الثمن، وسيحاول رفعه بالتأكيد. وإذا بدأ الهدف يكلف أكثر من قيمته بالنسبة لقيادة الطرف المحارب، يقول منطق التكلفة والجدوى إن الوقت قد حان للانسحاب والتوقف عن دفع الثمن من أجله.
إن أي عدد من التطورات قد يحدث اضطرابا في هذا المتغير، فقد يضطر الخصم إلى إنفاق موارد بمعدل أكبر مما توقعنه القيادة. أو قد تطول الحملة لوقت أطول من المتوقع. وقد تتوقف القيادة، التي قد تتغير بمرور الوقت، عن الاهتمام بالهدف بذات الإخلاص الذي كانت عليه. وفي أي من هذه الحالات قد تصبح تكلفة الهدف السياسي أكبر من قيمته بالنسبة للطرف المحارب، وعند ذلك ستميل القيادة إلى تقليص خسائرها.
وختم هولمز بالقول إنه من غير المستبعد تماما أن يضرب القصف الجوي خصما تعوزه الحماسة حتى يخضعه عن طريق تفعيل متغيره المنطقي للتكلفة والجدوى الذي وضعه كلاوزهفيتس. فإذا رأت القيادة الحوثية قيمة قليلة في الاندفاع في مهاجمة السفن التجارية والتابعة للقوات البحرية، قد تلغي هذا الجزء من الحملة العسكرية المناهضة لإسرائيل، لتوقف الهجمات الموجهة بقيادة الولايات المتحدة بينما تعيد توجيه الذخيرة والموارد إلى الجهد الرئيسي. وبهذا المعني الضيق الجزئي، قد تكون القوة الجوية غير المصحوبة بهجوم أرضي دفعت حسابات الحوثيين إلى نتيجة مرضية لواشنطن. لقد حددت القوة الجوية شيئا رغم أنها لم تحقق السلام بشكل مباشر. فهل كانت القوة الجوية حاسمة في البحر الأحمر؟ ربما.