مقالات

كيف ستعبّر قمة بغداد عن المتغيّرات الإقليمية؟

“المدارنت”
تبدأ في العاصمة العراقية بغداد، اليوم، السبت، (الواقع فيه 17 أيار 2025) أعمال القمة العربية الرابعة والثلاثين، وذلك على خلفية متغيّرات عربية وإقليمية كبيرة، أهمّها سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، وانتخاب رئيس للبنان، وتشكيل حكومة جديدة، والأوضاع الخطيرة في فلسطين.

تجري القمة العربية إذن مع توضّح معالم الإبادة في غزة، والتهديد الوجودي الإسرائيلي للشعب الفلسطيني، مع إعلان إسرائيلي كاسح عن التغلّب والغطرسة عبر غارات مدمرة اليمن وتوغّلات واحتلال وغارات في سوريا، وكذلك الإبقاء على مواضع محتلة وغارات في لبنان؛ وإضافة إلى هذا التهديد الخارجي، تتعرض بلدان عربية لصراعات داخلية فتاكة، كما يحصل بين الجيش و«الدعم السريع» في السودان، وفيما يستمر الانقسام بين شرق وغرب ليبيا تندلع اشتباكات في العاصمة طرابلس، ويعاني العديد من الشعوب العربية من أوضاع اقتصادية وسياسية شديدة الصعوبة.
بتنظيمها للقمة، تود حكومة بغداد أن تعلن أن العراق تعافى من الحقبة الدموية التي غرق فيها بعد الاحتلال الأمريكي وصعود حكومات ذات طابع طائفيّ طاغ، كما أنها باستضافتها للقمة تود التأكيد على العلاقات مع المحيط العربيّ الذي عوملت دوله (باستثناء سوريا خلال حكم الأسد) لأشكال من العداء وصلت أحيانا حد التهديد بالقصف على لسان بعض الميليشيات الشيعية، بشكل عكس على مدى سنوات طويلة، النفوذ الإيراني الطاغي على السياسات العراقية.
أظهر امتناع الرئيس السوري أحمد الشرع عن حضور القمة، بعد تهديدات تعرّض لها من ساسة ونواب ومسؤولي ميليشيات، أن الطائفيّة ما زالت راجحة في معادلات القوة في العراق، وأن النفوذ الإيرانيّ ما زال فاعلا أيضا، وهما العنصران اللذان كانا في صلب عملية تدمير تعافي العراق داخليا، وتقاربه مع محيطه العربي، خارجيا.
غير أنه إذا صدقت المعلومات التي أظهرتها «وثيقة غير رسمية» نشرتها وسائل إعلام عربية عن قرارات القمة فإن تلك القرارات ستكشف سعيا من الحكومة العراقية للتعبير عن التغيّر في سوريا، وذلك عبر بند يعلن الالتزام بالحفاظ على سيادة سوريا ودعم الحكومة الانتقالية وإدانة الاعتداءات الإسرائيلية (ولن ينسى طبعا الترحيب بإعلان الرئيس الأمريكي رفع العقوبات، ودعم جهود الحكومة في مكافحة تنظيم «الدولة»).
أحد البنود المقترحة والذي لا يني يتكرر في بيانات القمم العربية، هو بند إدانة احتلال إيران لجزر إماراتية، وبناء منشآت سكانية لتوطين إيرانيين فيها، واستنكار تصريحات مسؤولين إيرانيين كبار بخصوصها، والأغلب أن هذا سيكون أحد الأثمان التي ستضطر الحكومة الإيرانية لدفعها مقابل عقد القمة، ولو تسبب ذلك في غضب إيرانيّ (أو ميليشياوي) متوقـع.
تأتي قمة بغداد بعد قمة القاهرة «غير العادية» التي انعقدت في آذار/مارس الماضي، والتي أقرّت خطة عربية لوقف إطلاق النار وانسحاب إسرائيل وإعادة إعمار القطاع، وهذه الخطة تتعرّض بدورها لـ«إبادة» إسرائيلية وهو ما يجعل القمة الحالية أقرب للقاء اجتماعي يجري فيه «جبر خواطر» العرب والعراقيين، أما التوقعات التي عبّر عنها نائب عراقي بالحديث عن «استثمارات عربية بـ30 مليارا» بعد القمة، وذلك بعد صفقات الترليونات الترامبية في الخليج العربي، فقد يكون هو البند الحقيقي الذي تأمل بغداد في تحقيقه من «حفل العلاقات العامة» هذا!

رأي “القدس العربي” اليوم
المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى