محليات سياسية

السنيورة: “حزب الله” يستخدم بدعة “الثلث المعطل” للقبض على الدولة ومنع انتخاب أي رئيس للجمهورية.. وتوسع “القرض الحسن” مثير للريبة

السيد فؤاد السنيورة

“المدارنت”..
أشار السيد فؤاد السنيورة، (رئيس حكومة لبنانية أسبق)  الى أنه “في المبدأ يفترض بجميع النواب أن يشاركوا في جلسات مجلس النواب لانتخاب رئيس الجمهورية الجديد. وتاريخ لبنان يبين أنه، وحتى عهد قريب، كانت تعقد جلسات انتخاب رئيس الجمهورية، ودائما كان يحضرها جميع النواب، واجبهم أن يسهّلوا عملية الانتخاب، لا أن يعمدوا إلى التغيّب عنها”، مضيفا “هذه البدعة الجديدة التي اعتمدها حزب الله، عبر ما يسمى الثلث المعطل، أكان في الحكومة أو في المجلس النيابي هي ممارسة تحمل اسمها وهو التعطيل”.
عون ضمن لـ”حزب الله” سيطرته على الجمهورية اللبنانية
وقال السنيورة في حديث الى قناة “العربية/ الحدث”، اليوم: “وكما حصل فعليا، فإنَّ هذا التعطيل أدى إلى أن يستعملها حزب الله وسيلة من أجل أن يقبض على عنق الجمهورية اللبنانية، ويكون قادرا عندها أن يمنع انتخاب أي رئيس للجمهورية ما لم يكن هذا الرئيس تابعا له. وكما أصبح واضحا فانَّ هذا الأمر بدأ على الأقل منذ عام 2006 عندما جرى توقيع الاتفاق بين الجنرال ميشال عون و”حزب الله”. وهو ما يُسمّى “تفاهم مار مخايل”، بحيث ضمن الحزب للجنرال عون أن يكون في موقع رئاسة الجمهورية، وضمن الجنرال عون للحزب أن يفرض سلطته وهيمنته على الجمهورية اللبنانية. ولقد دأ الحزب في ممارسة هذه العملية التعطيلية، والتي شاهدنا فصولا منها في تعطيل انتخاب رئيس الجمهورية لقرابة 7 أشهر عام 2008، وبعد ذلك لمدة عامين ونصف عام من 2014 حتى 2016”.
إعتصام النواب في “البرلمان” لن يؤدي الى نتيجة
وعن اعتصام بعض النواب في مجلس النواب، قال: “إنه وسيلة من وسائل التعبير عن الغضب والاعتراض، ولكن لا أعلم ولا أعتقد انه سيأتي بنتيجة حتمية ينتخب بنتيجتها الرئيس الجديد. ولكن هي وسيلة من الوسائل التي يلجأ إليها بعض النواب للتعبير عن اعتراضهم عن عدم التوصل إلى انتخاب الرئيس الجديد. ولكن أرى أنَّ على هؤلاء النواب الذين يشاطرون هؤلاء المعتصمين، وبدلا من أن يشاركوا في عملية الانتخاب يضعون أوراق بيضاء أو أوراقا يقصد من ورائها ان يصار إلى تعطيلها، فإني أرى أن عليهم أن يمارسوا موقفهم الصحيح والداعي الى انتخاب رئيس جمهورية، والذي عليهم أن يختاروه.
ولذلك، فإنَّ عليهم أنيعبروا  عن رأيهم بطريقة صحيحة، وبالتالي أن يبادروا إلى انتخاب الرئيس الجديد وليس بوسائل تعطيلية، ولكن من نوع آخر.
لذلك أعتقد انه هذه العملية اليوم هي وسيلة للتعبير، ولكن لا اشاطرهم رأيهم في أنها ستؤدي إلى نتيجة حاسمة في التعجيل في التوصل إلى انتخاب الرئيس الجديد”.
“جمعية القرض الحسن تعمل خلافا للقانون”
وعن قضية جمعية القرض الحسن، والتي بدأت تتوسع إلى مناطق أخرى لا نفوذ لـ”حزب الله” فيها وكيف حصلت على الترخيص، قال: للاجابة عن هذا السؤال، ينبغي توضيح الأمر بشكل كامل.
في لبنان هناك قانون أساسي، وهو قانون الجمعيات العثماني، وهو القانون المطبق في لبنان منذ العام 1908. وهو القانون الذي يعطي اللبنانيين قدرا كبيرا من الحرية لإنشاء الجمعيات الخيرية والاجتماعية على أساس العلم والخبر، وبموجب هذا القانون تخضع تلك الجمعيات لرقابة وزارة الداخلية.
هذه الجمعيات هي جمعيات اجتماعية، ولكن جمعية القرض الحسن التي حصلت على ترخيص من وزارة الداخلية عام 1987 لتأسيس جمعية اجتماعية وليست جمعية مالية. وهناك فرق كبير بين هذين النوعين. ولكن تبقى مسؤولية وزارة الداخلية قائمة على هذه الجمعية وعليها مراقبتها، ولا سيما لأنها تقوم بغير العمل التي يسمح لها القانون القيام به.
إذ انه، وللحصول على ترخيص من أجل ممارسة عمليات التمويل والإقراض والحصول على ودائع، فإن هذا الأمر يقتضي بمن هم وراء هذه الجمعية الحصول مبدئيا على ترخيص من المرجع الصالح. هذا الامر لا ينطبق عليه قانون الجمعيات العثماني، ولذلك عندما نتحدث عن جمعية القرض الحسن بأنها قد حصلت على ترخيص فهذا أمر غير صحيح.
ترخيص “القرض الحسن” لا يخوّلها القيام بالعمليات ىالمالية
هذا الترخيص الذي لديها لا يخولها أن تقوم بالعمل الذي تقوم به الآن. العمل الذي تقوم به ينبغي أن تحصل، قبل مزاولته على ترخيص من السلطة النقدية، أي من مصرف لبنان، على أساس التزام أحكام قانون النقد والتسليف، وبالتالي الحصول على الترخيص الذي يخولها ممارسة الأعمال المالية، وينبغي أن يكون ذلك عبر مصرف لبنان، وهو السلطة النقدية.
لا تستطيع جمعية القرض الحسن أن تمارس عملية الحصول على الودائع أو أن تقوم بعمليات الإقراض من دون أن تحصل على الترخيص اللازم والصحيح من السلطة النقدية. أي إمّا كمصرف أو كمؤسسة مالية، وفي هاتين الحالين لا تنطبق ممارسة هذه الأعمال على مؤسسة جمعية القرض الحسن.
بالتالي، فإن مؤسسة القرض الحسن تمارس عملها الآن خارج القانون وبشكلٍ مخالف للقانون كليا، ولا تستطيع أن تمارس هذه الأعمال. كما أنها عندما تقوم بذلك، فإنها ليست خاضعة لرقابة المصرف المركزي للجنة الرقابة على المصارف. وهي تقوم بعملها من دون أي رقابة على الإطلاق من السلطات المختصة.
في الحصيلة، هناك مخالفة فاقعة للقوانين المرعية في لبنان، ولا يمكن لها أن تستمر بعملها هذا”.
“أساليب ملتوية”
وعن طريقة توفير القرض دولارات للمواطنين، وكيف يمكنهم السحب عبر الصراف الآلي والمصارف الباقية لا يمكنها ذلك حتى بالليرة وبسقف محدد، قال: “لو كانت هذه المؤسسة تعمل بأموال صحيحة وسليمة لكانت لجأت إلى الأسلوب الطبيعي، والصحيح، أي التقدم من مصرف لبنان للحصول على الترخيص اللازم، وأن تكون بذلك قادرة على أن تستوفي شروط الترخيص. لكنها لم تعتمد هذا الأسلوب. وهي اعتمدت أسلوبا آخر فهي حصلت على الترخيص من وزارة الداخلية في عام 1987 لممارسة عملها. وهي مستمرة مدى الاعوام الماضية في عمل مخالف للقانون.
من جهة أخرى، تبين الإحصاءات التي تنشرها الجمعية نفسها، والتي تظهر انها جمعية من المؤسسات التابعة لـ”حزب الله”. وأنه، خلال الأعوام الماضية، بلغ عدد الحسابات المفتوحة للعدد التراكمي للمقترضين وعمليات الإقراض، والتي وصل مجموعها التراكمي إلى نحو 1,900,000 حساب اقتراض مدى هذه الأعوام (أكثر من 35 عاما)، وبمبلغ إجمالي لعمليات القروض الممنوحة التي تقدر بنحو 4 مليارات دولار.
نشاط “القرض الحسن” مخالف للقانون
لكن الآن رصيد عدد حسابات القروض الموجودة حاليا هو بحدود 300,000، وأنَّ لدى هذه الجمعية أكثر من 30 فرعا في مختلف المناطق اللبنانية، وهي تعتمد الصراف الآلي أيضا.
لكن نعود إلى الأمر الأساس، في أن هذا كله هو خارج عن القانون ومن دون موافقة السلطة النقدية ورقابتها، وهو مخالف للقانون.
هذه الجمعية، وعلى ما يبدو، تعتمد أساليب ملتوية للحصول على التمويل، وهي تسميها وللتعمية عليها، وحتى لا تستخدم عبارة ودائع، فهي تسميها مساهمات ومشاركات وغيرها من الأمور. وهي تستخدم هذه الأموال للإقراض. وهي تقوم بعمليات الإقراض استنادا إلى ضمانات أو كفالات شخصية أو عينية أو ذهبية.
ما أقول لك هو أن أعمال هذه المؤسسة من أساسها لا تلتزم القواعد المالية الصحيحة، وإلاّ لكانت الجمعية لجأت الى الحصول على التراخيص من المؤسسة المصرفية المركزية المسؤولة. السبب الذي دعا الجمعية إلى هذا الأسلوب يثير الكثير من الشكوك والريبة حول مصادر هذه الأموال التي تحصل عليها وأعمالها وهي ربما يشوبها الكثير من الشكوك، وبكونها لا تخضع للرقابة المفروضة على أعمال كهذه. وبالتالي على مصرف لبنان أن يقوم بالتحقق من طبيعة أعمالها ومصادر أموالها.
لقد لجأت هذه الجمعية إلى هذا الأسلوب المخالف للقانون وهذا التوسع الذي تقوم به هو أيضا مثير للريبة. وأن تقوم ببناء فرع في منطقة سوق الغرب وفي منطقة غير صديقة أمر مستغرب.
الحصول على ترخيص من أجل البناء، وهذا يتم عبر البلدية وعبر التنظيم المدني. وهذا أمر لا أدري إن كان قد جرى التقدم للحصول على الترخيص بالبناء باسم مؤسسة القرض الحسن، أو باسم أشخاص طبيعيين، وبالتالي يبدو أن هناك من علم بذلك وربما عبَّر عن ضيقه ورفضه لهذه العملية لأن هذه العملية ستثير إشكاليات أو حساسيات في تلك المنطقة”.
وعن انعكاسات تخطي القرض الحسن مناطق نفوذ “حزب الله على النظام النقدي، وحتى انعكاساته سياسيا، قال: “عملها مخالف للقانون، ولكن انعكاساتها المباشرة على الوضع المصرفي اللبناني لا أعتقد أنها كثيرة. ولكن الأمر يؤشر إلى حالة غير مقبولة، وهو ينذر بالمزيد من سقوط دولة القانون والنظام في لبنان، وإلى إثارة الشكوك عن مدى التزام أحكام القانون في لبنان، وبما يعني تحول الدولة إلى دولة فاشلة.
واجب مصرف لبنان التحقق ممّا تقوم به “القرض الحسن”
لذلك كله، هناك انعكاسات سلبية على مدى احترام نظامنا المالي في لبنان. وهذا يقتضي من مصرف لبنان أن يبادر إلى التحقق مما تقوم به هذه الجمعية لأنها تخالف نصا قانونيا صريحا.
أما في ما خص إنشاء الفرع، فهذا أمر يتعلق بما يسمى شعور بعض المناطق بأن هذه العملية هي أشبه ما تكون بعملية التسلل إلى مناطق ليست مؤيدة لفريق “حزب الله”، وبالتالي، يبدو أن الأمر قد انعكس رفضا لدى مجموعات من المواطنين ضد هذه العملية. وبالتالي هذا الأمر يقتضي بوزارة الداخلية أن تقوم بعملها وتتفحص حقيقة هذا الخبر، وبالتالي عليها، أي الوزارة، أن تحول دون قيام هذا العمل لئلا يؤدي إلى نوع من الحساسية والسلبيات، وبالتالي إلى نوع بما يسمى عدم الاستقرار في تلك المناطق”.

المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى