مقالات

لماذا أحبّ الناس نواف سلام؟!

نواف سلام

“المدارنت”..
يقال ان (الرئيس المكلف تشكيل حكومة في لبنان) نواف سلام، شاغل الدنيا ومالىء الناس. ومع ذلك، استطاع خلال ايام ان يحرك المياه الآسنة التي فاضت في مستنقعات منظومة من الخارجين على قوانين الاجتماع الانساني.
المطر شحيح هذا العام. لعله نادر. والطبيعة عاقر والتربة يابسة والحجارة تحاصر الرمال وتسد منافذ الحياة عن الروايا. ومع ذلك، لم يتسنّ للمطر القليل ان يتلقف الثرثرة البكماء التي ألقيت على الدكتور نواف سلام، المكلف تشكيل الحكومة في زمن الموت والاموات.
كان مجيء نواف سلام، على ايقاع متفرد كالحلم في ليلة الكوابيس. والارجح، ان قدومه في هذه اللحظة بالتحديد كان تحديًا مفاجئا لبلادة الناس، لهجرتهم الى ضرب متفحم من الذاكرة المتكلسة.
لم يأتِ نواف سلام في عصر الينابيع، وبحبوحة المطر المكدس على الطرق الحزينة, لعله شد الرحال الى البلد المصاب بلعنة السحر والسحرة والساحرات في زمن القحط، وتيبس الادمغة وتعفن المخيلة وامتداد الالسنة الى الارض اليباب.
قيل ان نواف سلام، جاء في غير زمنه. أصحاب هذا الرأي يتمنون لو كان نواف سلام من جنس الملائكة، ليتوه في كواليس الشياطين. غير انه لسوء طالعهم، جاء متلبساً شخصية اخرى. صانع الالعاب المذهلة في زمن التبلد المذهبي، يسعى الى فك الارتباط بين الدولة وأبالسة الطوائف بين خزينة الدولة وتكالب الأيدي الحرام على مقدرات الناس، المحكومين بالإدلاء بشهادة الزور حتى لا تثور ثائرة الزعيم.
مطر اسود غزير، ما انفك يتساقط منذ تكليف نواف سلام.
وجوه ترشح ناراً عيون، تقذف حمماً قلوب تضمر الشر اللئيم. ونواف سلام، لا يزال يعوّل على نبض الناس الآتي من حيث يتحول التشبث بالحياة ممانعة من نوع آخر، لا يبيع الوطن من اجل حفنة من الدولارات.
الناس احبوا نواف سلام، اعجبوا بشخصيته التي لا تمارس الشعوذة ولا تستحضر الارواح من خزائن المال، ولا تتفنن في الثلث والربع، ولا تحاضر في عفة الميثاقية.
أحبّ الناس نواف سلام، لأنهم رأوا فيه مرايا صافية حتى اذا نظروا اليها لم يقعوا على ملامح هستيرية مخيفة متحول.
يتشاطرون عليه، يتذاكون، ينصبون انفسهم مرشدين روحيين لمذاهبهم، يستميتون دفاعا عن ارث المذاهب، حتى ولو اضطروا الى مرمغة انوفهم في وحول تقاليدهم. وعلى الضفة الاخرى، يسترسل نواف سلام في استرخائه، وهو يتأملهم من قريب ومن بعيد، ويقول في سره، ليتهم يتوقفون عن الإيحاء بأنهم نوع ثمين من الجواهر النادرة.
لا أحد نادرا وثمينا لدى نواف سلام، الا من يستلهم القانون في صوغ الحياة على نحو غير تقليدي.
الناس تستهوي هذه الشخصية، التي تذكرها بأن الحلم بفكفكة الفساد، والتغلب على الرشوة وابطال مفاعيل المذهبية، ولجم الزعيم الدجال وقهر الخوف والتشبث بالحياة، ليست من المحظورات بل هي حلال صاف.
الناس أحبّوا نواف سلام، واقتربوا منه، ولعلهم باتوا يخشون عليه، حتى لا يهرب الحلم او يتبخر او يموت.

المصدر: جهاد الترك/ صفحة الكاتب على منصّة “ميتا”
المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى