لن تصمد “إسرائيل” إقتصاديًا أمام حرب غير متوقعة؟!
“المدارنت”..
ندفع ثمناً باهظاً في الجانب الاقتصادي أيضاً، حين نتحدث عن حرب بحجم الحرب التي نشبت في 7 أكتوبر علينا أن نتحدث أيضاً عن كلفتها المادية الهائلة. نحن نتحدث عن أنواع مختلفة من الكلفة؛ هناك الكلفة المباشرة لوزارة الدفاع والجيش: الدفع عن أيام الاحتياط، والدفع على الذخائر، وتعبئة المخزونات للذخائر، والوقود، وهكذا دواليك. وهناك الكلفة الاقتصادية للحرب أيضاً، وهذا يعني أنه يجب معرفة فقدان الناتج، وكلفة تشويش الحياة اليومية الطبيعية وغيرها.
كيفما نظرنا إلى الأمور، نجد كلفة اقتصادية لا بأس بها. قبل أن ندخل إلى الأرقام، يجدر بنا أن نذكر أن الاقتصاد الإسرائيلي دخل الحرب وهو في حالة جيدة. هذا يعني أن حكومة نتنياهو كان فيها مصادر تستمد منها المال دون تلقي مساعدات خارجية بتعابير دولارية. ماذا يعني هذا؟ أولاً وقبل كل شيء، نسبة دين إسرائيل كانت متدنية بحيث كان ممكناً اقتراض المال حتى وإن كان بأسعار عالية.
بنك إسرائيل يحافظ على أرصدة عملة أجنبية عالية، كانت تدور حول 215 مليار دولار. وهذا يتيح لإسرائيل سيولة من العملة الأجنبية. المعنى؟ عندما كانت حاجة إلى الدولارات لشراء الذخائر، كانت تلك الدولارات. وعندما يذعر المستثمرون الأجانب من الحرب ويريدون سحب أموالهم، يكون هذا الرصيد موجوداً، وهذا معطى مهم جداً للإبقاء على سير حرب لا تجر الاقتصاد إلى الهوة.
جملة سيناريوهات وهموم
بشكل مبدئي، البحث الشامل والأكثر مصداقية حول كلفة الحرب أجراه بنك إسرائيل، والمقصود هو دائرة البحث في البنك التي يترأسها عدي برندرن، وهو اقتصادي ذو قامة. ثمة غير قليل من سيناريوهات للحرب، وكل سيناريو يحتاج إلى تعبير اقتصادي، لكن بنك إسرائيل استوعب الحدث، فصله إلى شواكل ووصل إلى عدد 255 مليار شيكل. أي أن كل يوم يمر دون إنهاء الحرب يكلف بائع الضرائب الإسرائيلي 315 مليون شيكل.
نعم، هذه كلفة الحرب حتى اليوم وحتى نهاية العام 2025، لكن توجد هنا “لكن” كبيرة. هذه الكلفة لا تأخذ بالحسبان سيناريو حرب شاملة مع إيران. هنا تقدر محافل اقتصادية مطلعة على التفاصيل بأنه لن تكون كلفة اقتصادية عالية جداً لمثل هذه الحرب، إذ إنه في ضوء تجربة متراكمة لدى جهاز الأمن من هجومين إيرانيين على إسرائيل وهجوم إسرائيلي مضاد، فإننا نتحدث عن معركة يفترض أن تكون قصيرة نسبياً.
وثمة سيناريو آخر لا يأخذ بالحسبان اشتعالاً إضافياً مع حزب الله. لكن هنا أيضاً، انتزع الجيش من حزب الله الذي يقف على حدودنا الشمالية قدراته التي كان يفترض أن تخفض كلفة هذا السيناريو.
وثمة سيناريو آخر لا يؤخذ الآن في الحسبان الاقتصادي، وهو اشتعال الجبهة الجنوبية. هنا أيضاً نزع الجيش غير قليل من قدرات المنظمات في غزة. وعليه، فإن حرباً بقوة عالية لن تكون مثلما رأينا في بداية الحرب، لذا لن تكون الميزانية المالية مشابهة. والسيناريو الذي تشتعل فيه كل الجبهات بالتوازي لم يؤخذ بالحسبان بتعابير اقتصادية.
ما أُخذ بالحسبان حقاً هو استمرار الحرب في الجبهة الجنوبية والشمالية بقوى متغيرة – أي اشتعال، هدوء واشتعال متجدد.
هذا يعني أنه كل قوة الاحتياط التي جندت في بداية الحرب لن تجند، ومن هنا يستخدم الجيش الذخائر استخداماً أقل، وهكذا دواليك.
هذا السيناريو يأخذ بالحسبان تأهب وحدات احتياط كبيرة، لكن ليس في مداها الأقصى. يأخذ بالحسبان تشوشاً جزئياً جداً للحياة في الجبهة الداخلية، ومن هنا أيضاً سيكون فقدان الإنتاج محدوداً، ومن هنا أيضاً فقدان المداخيل من الضرائب للدولة، وهكذا دواليك.
الجبهة الإسرائيلية الداخلية قوية
ينبغي الآن أن نفهم الوضعية. إسرائيل في مستوى عال من انعدام اليقين، وكل سيناريو لم نفكر فيه قد يفاجئ، لكن الاقتصاد الإسرائيلي قوي الآن. الجبهة الإسرائيلية الداخلية قوية، وإسرائيل معتادة على الانتقال السريع من الحياة الطبيعية إلى الطوارئ، ومن ثم إلى الحياة الطبيعية. وعليه، يجب أن يقال كل شيء بتحفظ. كل الجهات الاقتصادية تعيش بسلام مع سيناريوهات بنك إسرائيل التي أخذت بالحسبان كل احتياجات الجيش كما عرضت ومع هوامش أمان معقولة.