مقالات

مئوية الاحتلال الإيراني للأحواز.. هل من أمل في الاستقلال؟

أحمد مظهر سعدو/ سوريا

“المدارنت”..
في العشرين من نيسان 2025 يكون قد مضى مئة عام بالتمام والكمال، على بدء الاحتلال الإيراني الفارسي لإقليم الأحواز العربي، الذي يحد الخليج العربي من الشرق والشمال. وتبلغ مساحته 375 ألف كيلومتر مربع، كما تجاوز عديد سكانه عتبة 12 مليون نسمة في أقل تقدير.
بين تاريخ الاحتلال الفارسي للأحواز في 20 نيسان 1925 واليوم مضى زمن طويل، كان مليئًا بالعسف والقهر ونهب الموارد، وإلغاء اللغة العربية، وزج كل الناشطين الأحوازيين في السجون والمعتقلات الإيرانية، وكذلك سياسة التهجير القسري إلى خارج جغرافية إيران السياسية، أو في بعض الحالات، وهي كثيرة، إلى الداخل الإيراني، بعيدًا عن إقليم الأحواز العربي، في محاولة من السلطات الإيرانية، لتشتيت شمل الأحوازيين، ومنعهم من إقامة كياناتهم الوطنية، ودولتهم المستقلة، وتحت دعوى توحيد إثنيات إيران ودمجها، جرت عملية تغيير ممنهجة للديمغرافيا، بحيث جيء بالملايين من الفرس ليستوطنوا في أرض الأحواز، في أتون مستوطنات وتجمعات سكنية، هي أشبه مايكون، بما يفعله الإسرائيليون في فلسطين المحتلة، وذلك على حساب أهل المنطقة، ولنهب أهم خيراتها ومواردها وهي النفط، لأن إيران اليوم تنتج النفط وتصدره فقط من الأراضي الأحوازية المحتلة، ثم تقوم باستخدام أموال هذا النفط العربي المنهوب، لصالح وخدمة سياساتها التوسعية في المنطقة، سواء كان في سوريا قبل انتصار الثورة السورية، في 8 كانون أول 2024، أو في لبنان لدعم ميليشيا حزب الله، أو في العراق من أحل الهيمنة على القرار السياسي العراقي، وربط العراق بسياسات إيرانية، تخدم المشروع الإيراني الخطر وأدواته في المنطقة العربية، ولا ننسى بالضرورة ماتفعله إيران/ الملالي بأموال النفط الأحوازي المنهوب، في دعم الحوثيين، أو تثمير آخرين يخدمون المشروع الإيراني وينتمون إليه أيضًا.
في الذكرى المئوية لاحتلال إيران للأحواز العربي، لابد من التذكير بمدى ارتباط الأحوازيين بثورة السوريين، ثورة الحرية والكرامة، التي وقفوا إلى جانبها، بكل مايستطيعون، وهم الذين كانوا ومازالوا يعتبرون أن نصر الثورة السورية على المستبد الأسدي، ومن ثم كنس المشروع الإيراني من كامل الجغرافيا السورية،وتقويض أركان ميليشيات إيران في لبنان،  هو نصر أكيد لاجدال فيه لانتفاضة وثورة الشعب العربي الأحوازي ضد المحتل الفارسي أيضًا، الذي عاث فسادًا ونهبًا وقمعًا واعتقالًا في صفوف وكل مفاصل الشعب الأحوازي.
لقد هلل كثيرًا شعب الأحواز العربي للنصر الذي حققه السوريون على الطغاة وفرحوا لما أنجزه السوريون في سورية على الاستبداد الأسدي، وقد عملوا ما أمكنهم من أجل الوقوف إلى جانب الشعب السوري، الذي احتضن ثورة الأحوازيين في غير لحظة زمنية من تاريخ نضال الأحوازيين، ضد الشاهنشاهية في إيران، وبعدها ضد كل سياسات دولة إيران/ الملالي صاحبة وحاملة المشروع الإيراني التوسعي، الذي يهدد أمن المنطقة العربية برمتها.
واليوم إذ يتوقف شعب الأحواز طويلًا في أتون الذكرى المئوية للاحتلال الإيراني للأحواز، أي لأرضهم ووطنهم، فهم مايزالون يحلمون بالاستقلال، وعودة الأحواز العربي إلى جامعة الدول العربية، كما عادت سورية بعد انتصار الثورة، دولة عربية مستقلة يجمعها الكثير مع شعوب عربية تشبهها، وتنتمي إليها، تاريخًا ومعاصرة ومستقبلًا . ويطمح كل الأحوازيين إلى حالة يتم فيها بناء دولتهم المستقلة وعاصمتها (المُحمَّرة ) كما يتطلعون بحق إلى دعم عربي جدي وحقيقي، يسهم في تحقيق النصر وكنس الاحتلال الإيراني، وهم يعملون على هذا الطريق بروية وحنكة سياسية، عبر الاستمرار في تمتين أواصر التلاحم، ولم الصفوف بين كل فصائل وقوى الشعب العربي الأحوازي، وكل جبهاته السياسية، والوطنية الأحوازية، ضمن صياغات وطنية حداثية ديمقراطية جديدة، عملوا عليها، وتمكنوا على طريقها وهديها حتى الآن، من إنشاء (المجلس الوطني الأحوازي) الذي يشارك فيه العديد من قوى الثورة والمعارضة الأحوازية، ويعيد إنتاج الواقع الأحوازي على أساس الوطن الواحد والشعب الواحد، وكذلك المآلات التي لابد من أن تكون واحدة، لدى جميع الأحوازيين.
إن أي وقفة موضوعية اليوم في الذكرى المئوية لاحتلال الأحواز العربي، لابد لها من الاشتغال في إطار تفكير سياسي موضوعي، حداثي يعي الواقع الجديد تمام الوعي وكذلك جملة المتغيرات التي حصلت  في المنطقة العربية ويدرك تمام الإدراك أن هناك تغيرات جيوسياسية كثيرة قد حصلت في المنطقة العربية، والشرق أوسطية،  كما لابد من أن تعكس المسألة بكليتها إيجابًا على واقع واحتمالات تحرير الأحواز التي لم تعد بعيدة المنال أبدًا، والتي باتت (كما يقال في المشهد السياسي للمنطقة وحسب تحليلات عميقة ومستقبلية)، قاب قوسين أو أدنى من إمكانية التحقيق كحالة من حالات الاستقلال، في لحظة زمنية أضحت فيها دولة إيران كأضعف مايكون، وإن لم يتم استغلال هذه اللحظة الزمنية، قد يفوت كثير من الوقت، ومن المتغيرات، وقد لاتتكرر هذه اللحظة، إذ إنه لابد من استثمارها وتثميرها وإعادة إنتاج الواقع الأحوازي والعربي الجديد، على حساب ضعف إيران الواضح للعيان، وانكماش سياساتها التوسعية، بشكل كبير وملحوظ، بعد خساراتها الكبرى في سوريا، وكذلك في لبنان بعد انكسار الميليشيات الأهم بالنسبة لها والتابعة لها ونعني بذلك ميليشيا حزب الله المنكمش والمتراجع كليًا داخليًا وخارجيًا، فهل يستطيع الأحوازيون استغلال ذلك واستثماره واقتناص الفرص عبر التعاون مع الجيران العرب، والتحول واقعيًا نحو ثورة شعبية أحوازية، وقد تكون لدى باقي الشعوب في إيران أيضًا، ثورة وانتفاضة عارمة تقتلع كل جذور الاحتلال الإيراني، وتعيد الأرض الأحوازية إلى أهلها لتعود إمارة ودولة الأحواز دولة عربية مستقلة، تعيد إنتاج نفسها داخل محيطها الإقليمي والعربي، وهو الخارج من مرحلة تاريخية جديدة، ليتحرك جديًا نحو مرحلة  أخرى مختلفة ومتميزة، قد لا تتكرر فرصتها في قادم الأيام، إن لم تحسن هذه الشعوب وكذلك الأنظمة استغلالها كما يجب.

 المصدر: “تلفزيون سوريا”
المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى