محاولات إعادة “الدکتاتورية” الى إيران..!
خاص “المدارنت”..
عند النظر في تجارب سياسية حدثت في التاريخ المعاصر، ولا سيما تلك المتعلقة بفرض خيارات على شعوب في مناطق مختلفة من العالم، تختلف عن خياراتها، فإن تلك الخيارات سرعان ما کان يظهر في الافق، مٶشرات فشلها وتتعقد الامور والاوضاع أکثر، إذ أن الحلول السطحية أو غير النابعة من داخل واقع شعوب البلدان نفسها، هي حلول فوقية وأشبه ما تکون بزبَد البحر.
التجارب المرة التي تعيشها الشعوب، وتعاني من آثارها وتداعياتها السلبية، يجب أن تٶخذ بنظر الاعتبار من قبل المجتمع الدولي ولا سيما الدول المعنية بذلك عند إجراء عمليات البحث والدراسة من أجل الخروج بموقف أو رأي من أجل معالجتها، والسعي من أجل إجراء وضع “رتوش” أو عمليات تجميل للتجارب المرّة، وإعادة تسويقها لفرضها مجددا، هو بمثابة خطأ کبير سينعکس على الدول المعنية، خصوصا، إذا کان هناك خيار أمثل وأفضل لهذه الشعوب، ويجري العمل على تجاهله أو التغطية عليه لأسباب وعوامل هي في الواقع في غير مصلحة تلك الشعوب.
النظر في الاوضاع في إيران، وبشکل خاص، بعد أن سقطت معظم الاقنعة عن الوجه الحقيقي للنظام الايراني، الذي ظهر على حقيقته البشعة، ولا سيما من حيث رفض الشعب الايراني له، وعزمه على إسقاطه ووجود معارضة وطنية إيرانية بارزة متمثلة في المقاومة الايرانية التي لها برنامجها السياسي الشفاف لإيران، ما بعد هـذا النظـام.
يبدو أنه قد کان کاف لإقناع المجتمع الدولي، وبخاصة دول القرار، والدول المعنية بالشأن الايراني، أن التغيير قادم الى إيران، شاؤوا أم أبوا، وهذا ما جعل البعض يفکر بخيارات من أجل التغيير في إيران، هي في الواقع خيارات لا تتفق مع إطلاقا مع الخيار الاساسي المطروح على الساحة الوطنية في إيران.
خلال الشهرين المنصرمين، صدر من جانب العديد من البرلمانات في العالم، بيانات تعلن تإييدها للمجلس الوطني، بإعتباره البديل السياسي المناسب للنظام الايراني، کما إنها رأت في برنامج النقاط العشرة للسيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة من جانب المقاومة الايرانية، بأنها أفضل خارطة طريق لإيران، ما بعد النظام الحاکم فيهـا.
والذي يلفت النظر هنا، أن هذه البيانات کانت متزامنة مع النضال المحتدم من قبل الشعب ضد النظام، الرافض للدکتاتورية، سواء کانت لرجال الدين أم لأيتام الشاه.
ولا ريب من أن هذا التطور المرافق لتردي وتدهور أوضاع النظام وتضعضعه، قد دفعه لکي يبذل ما بوسعه من أجل إيجاد ثمة طريق أو سبيل لبقائه، وهو کما يبدو قد وجد في زعزعة الثقة بنضال الشعب وبخياره الوطني في السعي من أجل إقامة جمهورية ديموقراطية، تضع حدًا للدکتاتورية في إيران.
ولم يکن هناك من طريق أو سبيل سوى الرهان على الحصان الهزيل لدکتاتورية الشاه المخلوع الذي تمّ دفنه قبل 45 عاما من الآن، والملفت للنظر إن رهان البعض على أبن الشاه، کخيار لإيران المستقبل، قد اتفق وتطابق مع خيار النظام من أجل الالتفاف على سقوطه الذي صار إحتماله واردًا أکثر من أيّ وقت آخر.
هذا المسعى المشبوه، الذي يريد إعادة الدکتاتورية الى إيران، بغطاء لا يمکنه أبدا ستر عورات الدکتاتورية، وحرف الانظار عنها، رغم إننا واثقون من فشل هذا المسعى لأنه مرفوض في الاساس من جانب الشعب، أولا، ولکونه يخدم مصلحة النظام الدکتاتوري الحالي، وهو إن أدّى الى شيء، فإنه يعرقل عملية التغيير الحقيقية في إيران، بعض الوقت ولکن لن يحول دونها!