“مخزون الإغاثة”.. خطة مغربية لمواجهة الكوارث الطبيعية!
“المدارنت”
بهدف تعزيز سرعة الاستجابة عند وقوع كوارث طبيعية أو صناعية، أعلن المغرب، في مايو/ أيار الماضي، بدء العمل على إنشاء مستودع للتخزين والإغاثة في جهة “الرباط سلا القنيطرة” الواقعة شمال غرب المملكة.
وأشرف الملك محمد السادس في بلدة عامر التابعة لمدينة سلا، على إعطاء انطلاقة المشروع الذي يحمل اسم “منصة المخزون والاحتياطات الأولية” لجهة الرباط سلا القنيطرة، وفق ما ذكرته وكالة الأنباء المغربية حينها.
وجهة الرباط سلا القنيطرة، هي واحدة من 12 جهة إدارية في المغرب، وفق التقسيم الإداري الجديد المعتمد منذ 2015.
ويهم المشروع العاصمة الرباط والمناطق القريبة منها، على أن تُعمم التجربة لاحقا في جميع أنحاء البلاد.
ويأتي المشروع في سياق استعداد المغرب لمواجهة الكوارث، بعد أن شهد خلال السنوات الماضية أحداثا طبيعية مأساوية، أبرزها زلزال الحوز عام 2023، وسيول وفيضانات خلال 2024.
وستضم المنصة، وفق وكالة الأنباء المغربية الرسمية، خياما وأغطية وأَسِرّة وأدوية ومواد غذائية، على أن تُعمم التجربة لاحقا في جميع أنحاء المملكة، من أجل مواجهة الكوارث مثل الزلازل والفيضانات والمخاطر الكيماوية والصناعية والإشعاعية بشكل فوري.
وسيتم إنجاز المنصة على مساحة 20 هكتارا (الهكتار يعادل 10 آلاف متر مربع) خلال مدة 12 شهرا، وبميزانية إجمالية تبلغ 287.5 مليون درهم (نحو 29 مليون دولار).
ويشمل المشروع إنشاء 6 مستودعات، ومهبط مروحيات، ومواقف للسيارات، ضمن منظومة لوجستية متكاملة.
وأشارت الوكالة إلى وجود خطة لاحقة لتشييد 12 منصة مماثلة في مختلف مناطق البلاد، بميزانية تقدر بنحو 7 مليارات درهم (700 مليون دولار).
مخزون الإغاثة
ويرى الخبير الاقتصادي المغربي سامي أمين أن من بين الأسباب التي دفعت المغرب لاتخاذ هذه الخطوة تجربة الكوارث الأخيرة، التي كشفت عن الحاجة إلى هيكلة احتياطيات مركزية قريبة من المراكز السكنية الكبرى ودروب الإمداد.
وقال أمين إن دوافع هذه الخطوة تتمثل أيضا في تعزيز وتجويد منظومة الطوارئ، “من خلال إدراج أفضل الممارسات الدولية في إدارة وقيادة الأزمات، حيث يقتضي الأمر وجود منصات جاهزة للنشر الفوري، بما يحد من تأخر وصول الإغاثة إلى المتضررين”.
وأشار أمين إلى أن من أسباب ودوافع إطلاق المشروع “الرؤية الملكية في دعم الصمود الترابي عبر أدوات استشرافية ولوجستية رقمية موحّدة قادرة على التدخل خلال 6 ساعات من انطلاق عملية الإغاثة”.
مواجهة الكوارث الطبيعية
ويأتي المشروع في سياق استعداد المغرب لمواجهة الكوارث، بعد أن شهد خلال السنوات الماضية كوارث طبيعية، أبرزها زلزال الحوز، والسيول والفيضانات خلال 2024.
ففي 8 سبتمبر 2023 ضرب زلزال بقوة 7 درجات عددا من المدن، بينها الرباط والدار البيضاء ومكناس وفاس ومراكش وأكادير وتارودانت، ما أدى إلى مصرع 2960 وإصابة 6125، إضافة إلى دمار مادي كبير، بحسب وزارة الداخلية.
كما شهدت البلاد خلال سبتمبر 2024 فيضانات وسيولا ناتجة عن أمطار غزيرة، أدت إلى مصرع أكثر من 18 شخصا، وتسببت بأضرار واسعة في البنية التحتية، وقطع طرق رئيسية، وانهيار أو تضرر أكثر من 1200 منزل جنوب شرقي البلاد.
وأشار الخبير المغربي إلى أهمية الموقع والتموضع الاستراتيجي، حيث يعتبر اختيار موقع المنصة بجهة الرباط سلا القنيطرة استجابةً لكثافة سكانية تزيد على 4 ملايين نسمة وخطوط مواصلات رئيسية تضمن تغطية جغرافية واسعة.
كما أوضح أهمية التهيئة اللوجستية المتكاملة، حيث تضم المنصة مستودعات بها مختلف الاحتياجات والتجهيزات الطبية ومواد الإنقاذ، للتدخل في حالة الزلزال أو الفيضانات أو المخاطر الكيماوية أو الإشعاعية.
وبحسب أمين، فإن ما يرفع من نجاعة الاستراتيجية الجديدة نظام إدارة رقمي موحد، من خلال رقمنة العمليات بما يسهل تتبع عمليات الشحن والتوزيع، مع تحقيق زمن استجابة لا يتجاوز 6 ساعات من إخطار انطلاق العملية.
تجربة إدارة الأزمات
وأوضح أمين أن لدى المغرب خبرة تراكمية مهمة في إدارة وقيادة الأزمات، مثل زلزال الحسيمة 2004، وزلزال الحوز 2023، والفيضانات 2024 بالجنوب الشرقي، بالإضافة إلى التجربة الناجحة في إدارة أزمة وباء كورونا.
ولفت إلى أن هذه التجارب السابقة “ستفيد البلاد، وتجعل التجربة الجديدة قادرة على رفع درجة جاهزية المملكة وجعلها رائدة في الإقليم في إدارة الطوارئ، وفق المواصفات الدولية”.
وأشار أمين إلى أن هذه الخطوات ستعزز قدرات البلاد على الصمود وتوفير استجابة فورية وعصرية لحماية المواطنين والمحافظة على استمرارية التنمية، تمهيداً لاعتماد هذه البنية في كامل جهات المملكة وضمان أمنها وتحقيق مخزونها الاستراتيجي المستقبلي.