مقالات

منهجية التفكير العربي بين اللغة والدين/ الجزء (2-2)

أديب الحاج عمر/ لبنان

خاص “المدارنت”..
رابطة إنسانية عضوية بين العقل العربي والحكمة، وهذه (الحكمة) إنما تعني في دلالتها ومعانيها، أنها: العدل والعلم والحلم والنبوة والقرآن والإنجيل.
ولما كان الحلم يعني رجحان العقل، والحكمة هي الحلم، ويعني أن الحكمة هي العقل في أفضل حالاته، وارقى انتاجاته. وبهذا المعنى تقترب إلى الحق والدين. كما وتبيّن أنها الحجة المانعة لأيّ توهّم وفساد، فهي دليل الصلاح والحق في السداد الموجه من نور العقل لبلوغ أعلى مراتب الإيمان اليقيني الحق، فالحكمة دليل سلطان العقل المؤمن والقاطع للحق وفصل الخطاب فيه.
الله سبحانه وتعالى، أحكم الحاكمين، فهو الحكيم وله الحكم، ذو الحكمة. وهذا دليل معرفة الأشياء بأفضل الأساليب وأدقها عن طريق ما قدمته العلوم، وبهذا يكون دقيق الصناعات وأدقها.
والحكمة أعلى مراتب العلم “وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا”.. “مريم/ 12″. أيّ علما وفقها، وهي دليل المواعظ التي ينتفع بها التاس، ويتفرع عنها، المحكم، الذي لا اختلاف فيه ولا اضطراب. وتعني المفصل من القرآن، لأنه احكم بيانه بنفسه. “… أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ“/ سورة هود/ 1”. وهذا دلالة توحيد وتثبيت نبوة وشرائعها الإسلامية، من حيث أن القرآن يفسر بعضه بعضا. (انظر لسان العرب، مج 5، دار صادر، ص/ 140 وما بعدها).
نذكر شواهد القرآن العظيم على معاني الدقيقة للحكمة، فهذا دعاء ابراهيم وإسماعيل: “رَرَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ“/ سورة البقرة/129.
بمعنى القرآن والإنجيل: “… وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ..”/ المائدة/110.
بمعنى العدل “.. وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ/ سور ص/ (20)”.
ص/20، بمعنى العلم ،أي دليل العقل على صحة الايمان، “.. يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا/ سورة البقرة/ 269.
وايضًا. “.. ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ”/ سورة النحل/ 125.
وللبيان نخلص إلى أن العقل العربي، طاقة مبدعة، وقادرة مؤهلة لتحقيق حضارة إنسانية علمية عالمية، كما قضى أمر الله، فلا تستعجلوه، حيث تتولد نتيجة لجدلية العلاقة والروابط، المادية والمعنوية والعلمية، بينه، كعقل يملك خاصية منهج فكري راق، وبين حكمة الله تعالى في البلوغ والتبليغ، اعتمادا لبيان القرآن العظيم، ولسانه العربي المبين.
فالحكمة تؤم الحق، والسنن الإلهية ثابتة، لا تبديل فيها ولا تغيير، وتقضي بأن يحق الحق ويزهق الباطل. كل ذلك دلالات وإشارات، تعلن قدوة العقل العربي عن انطلاق مسيرة نحو صحوة العرب على قدر تمسكهم بالله وكتابه وشرعه، وعلى قدر ما يملك الشعب العربي المؤمن من تراث حاضره الذي بين يديه، من لغة، ودين، وكتاب مُبين، فهو السبيل نحو الفتهم ووحدتهم، وقوتهم، بقدر تصميمهم على التمسك بفهم وتطبيق التشريع الإسلامي من خلال النص القرآني ولسانه العربي المبين، زارعونه في حياتهم اليومية منارة هداية، للعلم المثمر، والعمل الصالح، والقول الحق، وحكمة العقل.

المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى