نتنياهو في قفص الاستجواب.. مجرم حرب متسلسل الإدانات!

“المدارنت”
بدأت أمس المرحلة الأخطر من محاكمة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو باتهامات الفساد والرشوة وإساءة الأمانة، حيث يدور ملف أول حول حصولها وأفراد من عائلته على هدايا ثمينة من رجال أعمال مقابل تسهيلات في ميادين استثمار مختلفة، ويختص ملف ثانٍ بعقد صفقة مع ناشر صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية لقاء تغطية إعلامية إيجابية، والملف الثالث يحتوي على صفقة إعلامية مماثلة لقاء تقديم تسهيلات لمالك موقع «واللا» الإخباري وشركة «بيزك» للاتصالات.
ودخل نتنياهو قفص الاستجواب المباشر بعد 36 جلسة تحقيق وطلبات إفادة تولى القيام بها محاميه الخاص، الذي حرص على طرح أسئلة تقود غالباً إلى تبرئة ساحة المتهم. والفارق الحاسم هذه المرة أن الادعاء هو الذي سيتولى طرح الأسئلة وسيحظر على المتهم التشاور مع فريق الدفاع الخاص به، كما أن الادعاء بات يمتلك ذخيرة وافرة للعثور على الثغرات والتناقضات في أقوال نتنياهو نفسه خلال جلسات إدلاء بشهادات شخصية بدأت منذ كانون الأول/ ديسمبر العام الماضي.
ولعل أطرف ما اكتنف هذه المرحلة من محاكمة نتنياهو كان التصريح بأنه أطلع وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو على واقعة الاستجواب، فلم يصدّق الأخير ما يسمع، و«أنا كذلك لم أصدّق، ففي قناعتي أن هذا التحقيق بأسره نكتة». وفي الوسع ملامة وزير خارجية القوة الكونية الأعظم لأن مكاتبه لم تضعه في صورة ما سيشهده رئيس حكومة ليست حليفة لواشنطن بقدر ما هي مخفر أمامي سياسي وعسكري وأمني وتجسسي للولايات المتحدة في المنطقة.
لا عجب في المقابل، ولا ملامة، أن يسخر نتنياهو من القضاء والمحاكم في دولة الاحتلال، فيبادر بنفسه إلى فضح أكذوبة «الواحة الديمقراطية الوحيدة» في الشرق الأوسط. فالتحالف الإسرائيلي الحاكم اليوم ليس الأكثر يمينية وتطرفاً وعنصرية وفاشية على امتداد حكومات الكيان الصهيوني فقط، بل هو الأشدّ إمعاناً في كشف الأغطية عن أضاليل «الديمقراطية» الإسرائيلية عبر السعي إلى إبطال صلاحيات المحكمة العليا، والضرب عرض الحائط بقراراتها واجتهاداتها كما في مسلسل إطاحة نتنياهو برئيس الشاباك رونين بار.
يسهل الإدراك، بالتالي، أن الاستجواب قد يستغرق ما يزيد عن 100 جلسة كما يقول الادعاء، وفي غضون ذلك سوف يواصل نتنياهو حرب الإبادة والتجويع والتهجير قي قطاع غزة مستنداً في ذلك إلى شرائح شعبية إسرائيلية واصلت الوفاء لنهجه ومنحته فترات في الحكم لم يبلغها دافيد بن غوريون نفسه، ومتكئاً أيضاً على مساندة أمريكية أقرب إلى التفويض التام حتى حين تشوبه «وجهات نظر» متباينة.
والأهمّ بالطبع حقيقة ماثلة كسيف مسلط على رأس نتنياهو، فهو مطلوب للعدالة الدولية باتهامات أفدح من الفساد لأنها تدور حول شبهة الإبادة الجماعية، وهو مدان سلفاً لدى أغلبية ساحقة من قطاعات الرأي العام العالمي، حتى في البلدان التي اشتُهرت بصداقة الاحتلال. وهذه بدورها حيثيات تجعله يقف في قفص الاستجواب، كمجرم حرب متسلسل الإدانات.