مقالات

نتنياهو وشركاه: الإبادة ممكنة والهدنة مستحيلة!

“المدارنت”
بعد إعلان (الإرهابي الصهيوني) بنيامين نتنياهو، الثلاثاء، أنه يأمل أن يعلن «بشرى» بشأن إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة، سارع مكتبه إلى القول إن رئيس الوزراء لم يقصد الإعلان عن شيء بل أشار فقط الى جهود للتوصل إلى صفقة، ونقلت هيئة البث الإسرائيلية بعدها عن «مصادر مطلعة» أنها «لا تعرف ماذا يقصد نتنياهو بكلامه».
كما قال مسؤول إسرائيلي لاحقا إنه لا يمكن لأي حكومة مسؤولة أن «تقبل مقترح حماس بشأن وقف إطلاق النار». يمثل هذا مشهدا مقاربا لما حصل، بتعديلات أو تنويعات مختلفة، مرات عديدة من قبل حكومة نتنياهو خلال المفاوضات التي تلت أكثر من 600 يوم على بدء العدوان على القطاع. يضاف إلى ذلك تصديق الحكومة الإسرائيلية على استدعاء 450 ألف من جنود الاحتياط.

سبقت ذلك تصريحات للرئيس الأمريكي دونالد ترامب يبشّر فيها بقرب ظهور أخبار سارة حول نهاية الحرب في قطاع غزة، وتصريحات لمبعوثه للشرق الأوسط ستيف ويتكوف قال إنه قدم مقترحا ستوافق عليه إسرائيل «وعلى حماس القبول به» لكن ما حصل كان العكس فقد هبطت درجات التصريحات الإسرائيلية من التبشير بالاتفاق إلى رفضه باعتباره «مقترح حماس» وليس مقترح أمريكا.
يفترض ما حصل الظن بأن «بشرى» نتنياهو قامت على الاعتقاد بأن صفقة ويتكوف ستجبر «حماس» على إطلاق الأسرى مقابل وقف القتل والتجويع لستين يوما، فترضى إدارة ترامب ويخف الضغط الداخلي على حكومة إسرائيل، فتنتظر حكومة نتنياهو وشركاه شهرين لتعود إثرها لاستكمال عمليات الإبادة عند انتهاء المهلة الزمنية.
ما جعل المقترح الأمريكي يتحول إلى «مقترح حماس» في رأي «المصادر المطلعة» القريبة سياسيا على ما يظهر من الوزيرين المتطرفين بن غفير وسموتريتش هو أن الاتفاق ينص، كما أشارت مصادر من «حماس»، على تهيئة الظروف لمباحثات حول وقف دائم لوقف إطلاق النار، وعدم تجريد «حماس» من قوتها التفاوضية حيث ستبقي بحوزتها على عدد من الأسرى الإسرائيليين الأحياء بعد انتهاء الهدنة وكذلك انسحاب قوات الاحتلال من المناطق الشرقية والشمالية والجنوبية لقطاع غزة في اليوم الخامس من بدء سريان التهدئة.
يحفل الموقف الأمريكي، الراعي للمفاوضات بين إسرائيل و«حماس»، بتناقض جليّ يتمثّل في أن هذا المسعى لا يمكن أن يؤدي لضغط حقيقي على إسرائيل طالما أن المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل (والتي بلغت، حسب وزارة الحرب الإسرائيلية، منذ بدء حرب غزة 800 طائرة وحوالي 140 سفينة نقلت أكثر من 90 ألف طن من المعدات العسكرية) لم تتوقف.
من الأكيد طبعا أن الخطوات التي اتخذها ترامب، من بدء المفاوضات مع إيران، ووقف الحرب على اليمن، وإعلان رفع العقوبات عن سوريا، والامتناع عن زيارة إسرائيل، هي وسائل ضغط سياسية قوية لكن هذا الضغط لم يصل بعد إلى درجة وقف الدعم العسكريّ، أو الضغط السياسي الصريح والمعلن ضد نتنياهو بشكل يمكن أن يهدد بتفكك حكومته وذهاب إسرائيل إلى انتخابات جديدة.
في المقابل، صار واضحا أن الحرب على «حماس» تحوّلت إلى حرب إبادة علنية تهدف أيضا إلى تطهير عرقي للفلسطينيين، وهو أمر يصدّع النظام الدوليّ بشكل غير مسبوق، كما يفاقم الخلافات بين أوروبا وأمريكا، ويضعف شعارات ترامب حول إنهاء الحروب، ويتناقض مع جهوده لتقليص المساعدات لدول العالم الأخرى، بحيث يظهر أن تكاليف المساعدات لإسرائيل يتناقض مع أشكال التقليص الهائلة في ميزانيات الوزارات الأمريكية.
المعادلة الواضحة بالنسبة لنتنياهو هي أن الإبادة، رغم الأكلاف القانونية الهائلة، والغضب الدولي المتصاعد، هي الخيار الممكن، لأن الخيار الآخر يعني انفضاض شركائه الإرهابيين عنه وتفكك حكومته وذهابه الى انتخابات قد لا يربح فيها مجددا، وصعود احتمالات محاسبته على حدث 7 تشرين أول/ أكتوبر، إضافة إلى التهم الأخرى التي تلاحقه في محاكم إسرائيل، ومحاكم الأمم المتحدة.

رأي “القدس العربي” اليوم
المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى