عربي ودولي

نداء وطني… دعوة للعمل..!

“المدارنت”..
فرح السوريين الغامر وسعادتهم التي عبّر عنها الملايين منهم بأشكال مختلفة؛ لخلاصهم من نظام الطغيان والإبادة الجماعية، نظامِ العائلة والكبتاغون، يجب أن يتحول سريعاً الى آليات عمل ومبادرات، تؤكد على دورهم وحضورهم في بناء وصناعة مستقبلهم الذي يحلمون به، وضحوا لأجله كثيراً جداً، وهذا هو الضمان الوحيد لعدم العودة إلى سياسات الماضي البغيض من قهر واستبداد وتعدٍ على الكرامات.
وعلى الرغم من الخطوات الإيجابية الكثيرة التي أقدمت عليها الهيئة القيادية الجديدة، وخطابها المطمئن للداخل والخارج، إلا أنه علينا الكثير لعمله في ظل التحديات الضخمة والعوائق الكبيرة والكثيرة التي تركها النظام البائد على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية و…و…
إنّ الظروف الموضوعية التي صنعتِ التغييرَ بالشكل الذي تم، تقتضي، من وجهة نظرنا، أن يُحرضَ كافة السوريين على ممارسة دورهم المناط بهم، وعدم الاكتفاء بانتظار القادم أو ما يأتيهم من “أولي الأمر”. فانطلاقة الثورة بكل معانيها النبيلة كانت تعني الرغبةَ في كسر احتكار السياسة من قبل “الدولة” وإعادتها للمجتمع باعتبارها خبزهم اليومي، حاضرهم ومستقبلهم، ومن هنا فإن نداءنا موجه لكافة قوى المجتمع للمبادرة في تشكيل نفسها والتعبير عن ذاتها والمساهمة في عبور هذه المرحلة الحرجة والخطيرة من تاريخ سوريا.
إنّ إسهام المجتمعينِ الأهلي والمدني في بناء سوريا، ضرورةٌ وضمانةٌ لوطننا الذي نتطلع إليه، إضافة إلى تجمعات المغتربات السورية خصوصاً في أوروبا، التي أصبحت غنية بالخبرة والتجربة والكفاءات المختلفة، فكما هو معروف ومسلم به، وفي كل الدول والمجتمعات، تُعَدُّ قوة المجتمع المدني قوةً للدولة ذاتها، وهي الرافعة الحقيقية للمجتمع شعباً ودولة، وهي بيضة القبان كما يقولون، تحصن المجتمع، وتمنحه مناعة ذاتية ووقاية من الاختراق ومحاولات العبث، طالما أنّ غايتنا بناء وطن خال من الاستبداد وامتداداته وثقافته، وبعيد عن الإقصاء والتمييز، أو الإلغاء والتهميش.
للفرح ساعته، وهو حق لنا جميعاً، ولكن المطلوب منا، كسوريين، العملُ الجادُّ المثمر والنشط، فالتحديات كبيرة محلياً وإقليمياً ودولياً، ولا نعتقد بأنّ السلطة الحالية دون مؤازرة السوريين وتعاضدهم قادرة على مواجهة هذه التحديات.
من هنا فإن دعوتنا لأن تكون المرحلة الانتقالية سريعة، وأن تكون هناك خارطةُ طريقٍ واضحةٌ لبناء المؤسسات السياسية والتشريعية والقضائية في أقرب وقت ممكن.
صحيح أنّ الأمنَ يُعَدُّ الهاجسٌ الأول في هذه المرحلة للخلاص من ما بقي من سلطات الأمر الواقع، ومن فلول النظام الطائفي، تشكل تحدياً لكافة السوريين، خصوصاً مع محاولات بعض هؤلاء إثارة الفتن والقلاقل، وبث خطاب كراهية طائفي، وهو أمر يتوقف عليه بقاء سوريا واحدة موحدة، إلا أن ذلك يجب أن لا يعطل العمل على باقي المسارات المطلوبة، والعديدة، التي نتحدث عنها.
من موقعنا الوطني، ودورنا في عقود الاستبداد العجاف، وعلى امتداد سنوات الثورة المباركة، فإننا ندعو لفتح أوسع حوار وطني، حول مختلف قضايا الحاضر والمستقبل وصياغة ذلك ببرنامج عمل يصل مسامع السلطة الحالية، التي نعتقد أنها معنية ومهتمة بذلك، وعليها واجب التحريض عليه، وذلك عبر مؤسسات المجتمعين الأهلي والمدني (الأحزاب- المنظمات- الجمعيات- المنديات- الهيئات- المجالس..).
إنّ ما قيل من السيد أحمد الشرع عن مؤتمر وطني سوري عام في المرحلة القادمة، نعتقد من الأهمية بمكان التهيئة له، لنحدد ما نقوله في هذا الحوار الواسع بين كافة أطياف السوريين ونعتقد أنه يبدد كلَّ المخاوف لديهم، ويعطيهم الطمأنينة لبناء دولة مدنية لكل أبنائها، ديموقراطية، وذات سيادة على كافة أراضيها، وبعيدة ما أمكنها ذلك، عن الاستقطاب الإقليمي والدولي، ومحاولات الهيمنة على أراضيها وقرارها.
إنّ حال سوريا اليوم يستدعي تفهماً من كافة الأطراف والقوى، فهي مريضة وعاجزة، ومنهكة، ولحظة التغيير فيها أتت في خضم تحولات إقليمية كبرى وحروب مستعرة تشهد اضمحلال مشاريع وبروز أخرى، ومن هنا على جميع أبنائها وقواها اقتراح ما يُسهم بنهوضها ويدعم تعافيها، لبلورة هوية وطنية جامعة، ومشاريع ذات صبغة وطنية صرفة، بعيداً عن الشعارات والأيديولوجيات الزائفة التي خلقت بالأمس اصطفافات قاتلة، ووضعتِ العربة قبل الحصان.
يبقى لنا القول في هذه العجالة: لقد انتهت حقبة مظلمة من تاريخ سوريا، وبدأت أخرى، وكلنا أمل أن تكون مشرقة؛ يعود معها السوريون لممارسة دورهم التاريخي والحضاري في محيطهم وعلى المستوى الدولي، بعد أن يكونوا قد أنجزوا مشروعهم الوطني، وأعادوا بناء سوريا على أسس مدنية حداثية، وطووا صفحة الاستبداد والطغيان التي لن تنتهي دون إرساء قيم الحق والعدل والمساواة التي تعني القصاص ومحاسبة كلِ القتلة والمجرمين والفاسدين.
سوريا تحتاجنا وتنادينا.

الرأي الأسبوعي لـ”ملتقى العروبيّين السوريّين”
المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى