محليات سياسية

ندوة لـ”منظمة العمل” في ذكرى محسن ابراهيم.. درباس وأبو العردات وطه يشيدون بنضاله ونقدَه الذاتي النافذ

المشاركون في الندوة

بيروت/ “المدارنت”..
أقامت “منظمة العمل اليساري الديموقراطي العلماني”، ندوة لمناسبة الذكرى الثالثة لرحيل الأمين العام لـ”منظمة العمل الشيوعي” في لبنان، محسن ابراهيم، تحدث خلالها كل من المحامي رشيد درباس وأمين سرّ “فصائل منظمة التحرير الفلسطينية” في لبنان، أمين سرّ “حركة فتح” فتحي أبو العردات، ورئيس المكتب التنفيذي للمنظمة زكي طه، في حضور حشد من الشخصيات والفاعليات الاجتماعية والثقافية والطبية والاكاديمية.
درباس
عرض درباس بداية، تمرّسه بالعمل الحزبي مع مصطفى صيداوي وبرهان غلاييني ورشيد فهمي كرامي ومعن زيادة، كنواة أولى لحركة القوميين العرب في طرابلس، والمؤسسين الأوائل ومنهم جورج حبش وعزت حرب ومصطفى بيضون واحمد ستيتية والدكتور جميل كبي”. وقال: “بعدها كان لقائي الاول مع محسن ابراهيم، بحضور عبد الحليم حريبة وقد انبهرت بقوة شخصيته وثقته بنفسه وخفة ظله وسعة اطلاعه وقدرته على عقد الصداقات، وأحسست بإنتمائي إلى شخصه بقدر انتمائي إلى فكره … وتحولت معها التراتبية الحزبية إلى صداقة وثيقة ورحابة تفكير حر وشجاعة نقد للآخر وللذات، وولوع بإجراء المراجعات الدائمة رغم مخاطرها”.
أضاف: “نجتمع الآن لنؤنسن ذكراه بمن بقي من أصدقائه ورفاقه. وتوقف عند لقاءاتهم في منزل صديقنا الكبير توفيق سلطان وجان عبيد برفقة فؤاد شبقلو ومحمود طبو… وزياراتهم إلى المختارة في الذكرى السنوية لاستشهاد المعلم كمال جنبلاط إلى جانب وليد جنبلاط لنضع ورودا على ضريحه”.
وأشار إلى المرحلة الناصرية و”أدواره المؤثرة من خلال العلاقة الاستثنائية التي نسجها مع الرئيس جمال عبد الناصر”. وأكد أنه يتحدث عن “حقبة طويلة وبأسماء كثيرين كنا في عداد شهودها”.
وختم درباس: “الكتابة عن محسن ابراهيم، تعني مذكرات جيل بأكمله، تراءى له النصر ثم عاقر الهزيمة، ولكنه استنبط دروساً كثيرة كان أبرز عناوينها خطابه الصريح والشجاع في تأبين الشهيد جورج حاوي، إذ مارس نقداً ذاتياً علنياً نادراً ما يعتمده قادة الاحزاب… لقد رحل وهو على ايمانه بضرورة استعادة الدولة اللبنانية إلى أهلها… لقد أودعنا معكم آمالنا كلها طي الاجيال التي تلدها أمهاتها مع وثيقة ولادة هي خريطة فلسطين”.
أبو العردات
ورأى أبو العردات أنه “برحيل محسن ابراهيم تفقد المنطقة أحد أبرز رموز النضال الوطني والقومي والأممي ورفيق درب الشهيد القائد الرمز ياسر عرفات والزعيم الوطني والعربي الكبير كمال جنبلاط والقادة المناضلين الكبار جورج حاوي وجورج حبش وآخرين”… وقال: “دمج ابراهيم بين التحرر الوطني والقومي والأممي والنهج اليساري التقدمي”.
واعتبر أن “شخصاً بهذا الغنى في ادواره ونضاله من الصعب أن يختزل، بدليل اندماجه في الثورات الناصرية إلى الجزائرية واليمنية، وبقيت فلسطين ونكبتها وثورتها وقضيتها الأبرز والأكثر حضوراً في تفاصيل حياته النضالية اليومية حتى آخر يوم في حياته”.
وتوقف عند “محطات نضاله الوطني اللبناني والقومي الفلسطيني والعربي… ورغم الندوب التي تركها الغزو الصهيوني للبنان والحروب الاهلية لم يهدأ محسن ابراهيم ولم يستكن وأطلق مع رفيقه جورج حاوي جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية التي دحرت الاحتلال الصهييوني من بيروت وصيدا ومختلف المناطق اللبنانية وصولاً إلى الشريط الحدودي.. وكان ابراهيم يلتقي عرفت وقادة الفصائل والمقاومة أبو جهاد وقادة فتح في تونس وغيرها من العواصم العربية تعبيراً عن إيمانه بالقضية والقرار الوطني الفلسطيني المستقل. وعمل دوماً على رأب صدع  الخلافات السياسية الفلسطينية وقاد حوارات بين الفصائل في أكثر من محطة حفاظاً على الوحدة الوطنية الفلسطينية ووحدة البرنامج السياسي والاهداف الوطنية”.
واستعرض “الدور الذي لعبه ابراهيم لدى انتقال عرفات إلى مستشفى بيرسي الفرنسي مع كل من ابي مازن وأبي العلاء وقادة فتح ومنظمة التحرير وساهم في انتقال سلس للسلطة في رئاسة منظمة التحرير ورئاسة السلطة الوطنية الفلسطينية بعد وفاة أبي عمار. كما حافظ على علاقات مميزة بالرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي منحه في 23 شباط 2017  وسام الاستحقاق والتميز الذهبي تقديراً لتاريخه مع القضية الفلسطينية”.
وأنهى أبو العردات، قائلاً: “مآثره لا تحصى ولا تعد، وقد غادرنا في زمن نحن فيه أحوج ما نكون إلي ذلك المفكر العبقري والسياسي الهادئ بعد حياة حافلة بالنضال والعطاء… إنا لعهدك باقون، وستبقى ذكراك حاضرة تتناقلها الأجيال الفلسطينية جيلاً بعد جيل”.
طه
وأكد طه، أن “محسن ابراهيم، مفكرًا وقائدًا سياسيًا ومناضلًا، خاض تجارب ومعارك كبرى في سبيل القَضايا التي رأى أنها تستحق الالتزام والتضحية من أجلها، ورأى مبكراً في المشروع الصهيوني مشروع اغتصاب استعماري استيطاني توسعي يتجاوز فلسطين، للسيطرة على المنطقة واخضاعها وحجز تطورها وتحررها السياسي والاقتصادي والاجتماعي. ومن موقعه الوطني اللبناني، وجد في نضال الشعب الفلسطيني من أجل قضيته، حاجز الدفاع الاول عن كل بلد عربي تستهدفه اسرائيل، ولبنان أولها.
ومبكراً أيضاً أدرك أهمية عروبة مصر من بوابة  قضية فلسطين، ولذلك كانت العلاقة الاستثنائية التي ربطته مع جمال عبد الناصر، ومع جميع القادة العرب الذين رفعوا شعارات التحرر والوحدة والحرية. لكن العلاقة الأهم كانت مع ياسر عرفات قائد الثورة الفلسطينية، وكمال جنبلاط قائد الحركة الوطنية اللبنانية.
وعرض للمحطات النقدية التي أطلقها الراحل خلال مسيرته، مؤكداُ أن المراجعة النقدية الأشمل والاهم هي التي قام بها في أعقاب الزلازل الفكرية والسياسية التي تسببت بها جملة الاحداث والتطورات العالمية والعربية، من انهيار المعسكر الاشتراكي وتفككه، إلى عودة النضال الوطني الفلسطيني إلى  الداخل.. انتهاءً بالقرار الدولي والعربي بوقف الحرب الاهلية في لبنان، وموافقة اللبنانيين على اتفاق الطائف. وتكليف النظام السوري بالاشراف على تنفيذه. ليتولى انطلاقاً من مصالحه تنظيم الخلافات بين أهل السلطة وإدارة النزاعات بينهم من بوابة إعادة تشكيلها.
واستعاد ما قاله في مناسبة تكريم رفيقه الشهيد جورج حاوي، “عندما غادر إنكفاءه ليصارح اللبنانيين أولاً بالأخطاء الفادحة التي ارتكبتها الحركة الوطنية اللبنانية، عندما ساهمت في تحميل البلد من أعباء النضال الفلسطيني المسلح فوق ما يحتمل من طاقة. وعندما استسهلت الحرب الاهلية طريقاً للخوض في مغامرة التغيير تحت وهم اختصار الطريق. وهما الخطآان  اللذان كانت تداعياتهما سلبية وخطيرة على بنية البلد والحركة الوطنية واليسار في آن”، مضيفا “في الوقت ذاته حمّل  قوى النظام السياسي سد الأفق أمام التغيير، واطلاق الحراك الطائفي المستعر ما هدر استحقاق تحرر لبنان من قيد الوصاية السورية الغليظ، ومصادرة انجاز تحرير جنوب لبنان من نير الاحتلال الاسرائيلي، وتعطيل مفاعيلهما الوطنية الجامعة”.
ولفت الى أن “ابراهيم، حقق فتوحات في مقاربة قضايا الاشتراكية والرأسمالية، والوضع الدولي على نحو لم يسبقه إليه أحد. وكان للوضع العربي وقضية فلسطين حصة وازنة ومقاربات فريدة لا تزال موضع استلهام. بخاصة وأن المسار الانحداري الذي دخله الوضع العربي منذ هزيمة حزيران 1967، بلغ  راهناً مرحلة تدميرية للدول والمجتمعات العربية بقوة سياسة تعميم الفوضى الاميركية الخلاقة في المنطقة منذ  أكثر من ثلاثة عقود. ورغم ذلك لم يُفاجأ باستمرار توهج شعاع الضوء والأمل على أرض فلسطين، لأنه كان في موقع  المتابعة ليوميات وتفاصيل المسيرة النضالية لشعبها، ولشؤون وشجون قضيته الوطنية على غير انقطاع، مع قائد ثورتها ورئيس سلطتها الوطنية الشهيد ياسر عرفات، ثم مع الرئيس أبو مازن”.
واشار الى أن صرخة ابراهيم أنها كانت برسم قوى اليسار والحركة الديمقراطية، علّها تستدرك وتتعلّم من الأخطاء التي كلفت الكثير من الدماء. لكنها أضاعت الفرصة، واستمر أكثرها في البحث عن مواقع له في أحضان تشكيلات الطوائف التي تعرف جيداً كيف تدير صراعاتها، وكيف تنظم تحالفاتها لتقاسم السلطة والمغانم.
وتابع: إننا ونحن نتابع مسيرة تجدد المنظمة التي شارك محسن ابراهيم في تأسيسها نكتشف كل يوم  أهمية الإرث الغني الذي تركه لنا في شتى ميادين الفكر والسياسة والنضال الاجتماعي اليساري والديمقراطي. لتسريع الخطى في سبيل الإنقاذ الصعب، ومتابعة السير نحو التغيير الديمقراطي والاجتماعي الأصعب، وهما الطريق الوحيد لخلاص اللبنانيين.
وأشار الى أن “محسن ابراهيم، رحل في الزمن الصعب والمصير المجهول. زمن غياب السياسة النبيلة وانعدام رجال الدولة والفراغ في جميع مواقع السلطة. زمن الفساد السياسي والعهر الطائفي وثقافة النهب والتعطيل والاستقواء بكل الأسلحة المتاحة دون أي رادع  سياسي أو وطني أو اخلاقي. الاستعصاءات الداخلية تجاوزت الفراغ الرئاسي وموقع لبنان وهويته الوطنية، لتطال فكرة ووجود الدولة الوطنية الجامعة وحاجة اللبنانيين لدورها ومؤسساتها. وهي قضايا لن تجد حلولاً لها في الاتفاقات الاقليمية ومقررات القمم وقرارات التطبيع بين انظمة الاستبداد,
ووفي ختام كلمته، جدد طه دعوة “قوى المعارضة المستقلة عن احزاب السلطة بجميع تياراتها الفكرية، والنواب الوطنيين والتغييريين حقاًـ الى تنظيم اوسع حوار من أجل تأسيس حركة معارضة ديموقراطية تعددية من أجل انقاذ لبنان، وإعادة بناء دولته الواحدة كي يبقى للبنانيين وطن ومستقبل”.

المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى