نصيحة خامنئي لبزشکيان!
خاص “المدارنت”..
لم يسبق أن قام الولي الفقيه (السيد) علي خامنئي، بتوجيه نصائح وإرشادات لرئيس فاز في الانتخابات التي يقوم به النظام الايراني، کما هو الحال في النصيحة التي قام بتوجيهها الى رئيس النظام الجديد مسعود بزشکيان، من خلال حداد عادل، عضو مجلس تشخيص مصلحة النظام ومستشاره، الذي يلفت النظر کثيرا فيما لو قمنا بعرضها على الاحداث والتطورات التي مرت بالنظام خلال الاعوام الاخيرة بصورة خاصة حيث صارت معالم الازمة الحادة التي يعاني من جرائها النظام من مختلف الجوانب واضحة وليس بالامکان التستر عليها وإخفائها.
ماذا قال خامنئي في نصيحته موضوع حديثنا؛ إنه قال وکما نقل حداد عادل عنه الى مسعود بزشکيان: “أنت تعرف مدى اهتمامي بالقضايا الثقافية. ومع ذلك، أريد أن أنصح الرئيس بالتركيز على حلّ المشكلات الاقتصادية. يجب أن يكون الرئيس حذرا في الأمور الثقافية والاجتماعية لتجنب خلق المتاعب لنفسه. مشكلتك الرئيسية هي القضايا الاقتصادية. لذا ركز على ذلك، وانتبه للقضايا الثقافية أيضا، لكن لا تخلق مشكلات لحكومتك، وجوب الترکيز على القضايا الاقتصادية وجعلها المشکلة الرئيسية، والحذر والانتباه للقضايا الثقافية والاجتماعية وحتى تجنب الخوض فيها، هو الخط والمسار العام الذي حدده خامنئي لبزشکيان وأمره بالسير فيه والالتزام به، ونتساءل؛ ما سبب هذه النصيحة بهذه المضامين المحددة وخلال هذه الفترة حيث يواجه النظام واحدة من أعقد وأصعب المراحل التي مر بها لحد الان؟
خامنئي عندما ينصح الرئيس، فإنه يأمره، ذلك إنه لو خالفه فإنه سيواجه مصيرا مجهولا أو على الاقل سيتم تحجيمه وتحديد تحرکاته ودوره المحدد أصلا، ولذلك فإنه عندما ينصح بزشکيان بجعل القضايا الاقتصادية مشکلته الرئيسية فإنه ومن خلال يريد الإيحاء للعالم بأن مشکلة النظام وحتى إختلافه مع الشعب يعود لأسباب إقتصادية بحتة ولو تم حلها أو على الاقل تحسينها فإن الامور والاوضاع بين النظام والشعب ستصبح على مايرام وعلى حد القول المعروف “يا دار ما دخلك شرّ”!
کما إن خامنئي، عندما يأمر بزشکيان بتجنب الخوض في القضايا الثقافية والاجتماعية وتجنبها، فإن هذا الکلام ليس مجرد کلام عرضي أو من دون طائل، إذ يمکن حمله على عدة محامل منها:
ـ إنه يأمره بالتخلي عن ما سعى للإيحاء به من کونه محسوب على التيار المعروف کذبا بالاصلاحي وأن يحدد موقفه من النظام ولاسيما وإنه قد أطلق سلسلة من التصريحات المتناقضة فهو تارة إصلاحي وتارة متشدد!
ـ خامنئي يعلم بأن النظام في أضعف حالاته ولاسيما من الناحيتين الثقافية والاجتماعية حيث يواجه النظام ما يمکن أن نسميه بفقر مدقع بهاتين الناحيتين، وإن إنفجار أية مواجهة بين النظام والشعب من هاتين الناحيتين ستنقلب وبالا على النظام وحتى إن إنتفاضة 16 سبتمبر2022، کانت في حد ذاتها تعبيرا وتجسيدا للرفض الشعبي الصريح للطروحات الثقافية والاجتماعية للنظام.
ـ خامنئي يعلم جيدا بأن الاجيال الشابة تنأى بنفسها بعيدا عن الطروحات الفکرية والثقافية والاجتماعية للنظام وتقبل بصورة غير مسبوقة على أفکار وطروحات منظمة مجاهدي خلق، الخصم الرئيسي للنظام، بدليل أن وحدات المقاومة التابعة لها، تتکون من الشبان الايرانيين من الجنسين وعلى الرغم من مزاعم النظام بإعتقاله أعدادا من المنتمين لهذه الوحدات فإنها ومن خلال إستمرار ممارسة نشاطاتها في سائر أرجاء إيران، دليل على إن إقبال الشبان مستمر.
وخلاصة القول؛ يريد خامنئي من بزشکيان، أن يتوخى الحذر من إحداث أية مشکلة لنظام هو غارق أساسا في قاع بحر من المشكلات العويصة، التي لا يتمکن من حلها، وهو يتخوف کثيرا من مشکلة جديدة قد تکون بمثابة القشة التي تقصم ظهر البعير!