تربية وثقافة
نظرة في (حكي تنّور) للروائي عمر سعيد
خاص “المدارنت”..
(حكي تنّور)، كتاب تحفيز واستثارة على مستوى جيلين، فهو يستثيرُ ذكرياتِ الجيل القديم الذي عاش تلك المرحلة، ولا سيّما من أبناء القرى، وهو أيضاً يستثير خيالاتِ من قرأ (حكي تنّور) من الجيل الجديد، الذي يحاول أن يستوعب مجتمع (حكي تنّور)، ويفهم نمط حياته، مع كثير من المعاناة للوصول إلى هذا الفهم. وقد حاول عمر سعيد، أن يخفّف من هذه المعاناة من خلال نصّة الأوّل (التنّور)، حين عرّف به وبما يرتبط به من مَرافق وأدوات وطقوس.
(حكي تنّور)، وظّف الرمز حيناً للتعبير عن الواقع، واستخدم الأسلوب المباشر حيناً آخر. في (حكي تنّور) الكثير من المحاكمات العقليّة التي نتّفق مع أغلبها، ونختلف مع بعضها. هذه المحاكماتُ العقليّة التي سردها بأسلوب مشوّق وجذّاب كان أبرزها وأكثرها وضوحاً نصّ (لماذا فشلت)، ولا مجال هنا للتوقّف عند تفاصيله.
(حكي تنّور) فقْدٌ وحنين؛ فقْد لأمور كثيرة أغلبها يدور حول المنطق والمحاكمات العقليّة كما أسلفت، وليس أقلَّها ما يدور حول المشاعر والعواطف والحنين إلى بيت الطفولة الأوّل. وقد اكتشفت الشاعرة حكمت حسن هذا الشعور بالفقد، ووقفت عليه في أوّل جملة لها في تقديمها للكتاب: “التنّور عُمّر كثيراً، وكان لا بدّ له من الغياب”.
في (حكي تنّور) استنكارٌ من قبل عمر سعيد، لزمن التنّور، وحكيِ مجتمع التنّور من جهة، وحنينٌ إليه من جهة أخرى، وقد تبدّى هذا الحنين بشكل غير مباشر من خلال قراءتنا لما وراء السطور، وبشكل مباشر من خلال بعض النصوص التي كان لأفراد الأسرة، أسرةِ عمر سعيد، فيها دور أو ظهور: الأب، الأمّ (رحمهما الله)، والابن (غدي).
في الواقع/ المنطق، وفي العاطفة لاحظنا وجود الأب والأمّ، منفصلين، أي كلٌّ في نصّ كنصّ (الصوت نادراً ما يخون)، ونصّ (أشدُّ صناديق الفُرجة خلوداً)، أو مجتمعَين في نصّ واحد كنصّ (في كعبة أمّي أطوف لا في سواها)، وكان هذا النوع من النصوص أصدق نصوص (حكي تنّور) وأجملها وأكثرها تأثيراً فينا نحن القرّاء، وأكثرها تعبيراً عن جوهر عمر سعيد الإنسان الروائيّ.
=======================