عربي ودولي

“هآرتس”: ارتعبت “إسرائيل” من السفينة “مادلين” لأنها ستكشف إجرامها!

لحظة إعتقال قوات العدوّ إحدى الناشطات على متن السفين “مادلين”

“المدارنت”
أي عملية جريئة هذه. مقاتلونا الأبطال نجحوا خلافاً لكل التوقعات، في السيطرة على السفينة، التي تحمل حفنة من نشطاء السلام الأوروبيين وعدداً من أكياس الطحين. “أهنئ الجيش الإسرائيلي على السيطرة السريعة والواثقة”، كتب أمس وزير الدفاع ومنبع الكاريكاتير الإنساني، يسرائيل كاتس أمس. “الأمر كان يشبه عملية عنتيبة على أقل تقدير”.
في وسط سيل الشعارات الوطنية والنكات المبتذلة التي أطلقت أمس حول هذا الأمر، كان يصعب إيجاد تفسير منطقي لقرار وقف سفينة المساعدات. ما الذي كان سيحدث لو سمح لسفينة مادلين بالوصول إلى غزة؟ في نهاية المطاف، كانت السفينة تحمل كمية قليلة من طعام الأطفال والطحين والأرز والحفاضات (“أقل من حمولة شاحنة مساعدات”، هكذا سخرت وزارة الخارجية وكأن غريتا تونبيرغ وشركاءها هم المسؤولون عن تجويع القطاع). إسرائيل كانت تعرف ما الذي تحمله السفينة. ولهذا منعت وصولها. هذا هو الخطر الحقيقي، ليس خرق الحصار، بل تشويه الرواية.
ما تم إرسال الجيش لإحباطه في البحر المتوسط لا يعتبر اختراقاً لوجستياً، بل تسلل فكري: الإمكانية الصادمة هي اعتبار الفلسطينيين بشراً يعانون، وليسوا وحوشاً أسطورية. الحكومة اعتبرت القافلة إلى غزة “تحريضاً إعلامياً”، وهو بحق كان محاولة يائسة ينتظرها الفشل، لإثارة الاهتمام الدولي حول المذبحة التي تحدث في غزة. وإذا قلنا إن هذا عمل رمزي فهذا صحيح، هو عمل رمزي مثل نشاطات كثيرة للمقاومة، مثل الوقوف أمام الدبابات في ميدان تياننمين، ومثل القبضة المرفوعة في احتفال منح الميداليات الأولمبية، ومثل رفع صور الأطفال القتلى خارج القواعد العسكرية.
إزاء التهديد الاستراتيجي لإرسالية حفاضات للأطفال الفلسطينيين، استلت دولة إسرائيل كل المدافع الدعائية. وزارة الخارجية ألصقت بسفينة المساعدات لقب “قارب السيلفي” في محاولة مثيرة للشفقة لعرض النشطاء المصممين فيها كمجموعة مؤثرين مدللين وهواة لجذب الانتباه. الوزير كاتس في المقابل قرر تبني المقاربة التعليمية المجربة للبرتقالة الآلية، وأمر الجيش الإسرائيلي أن يعرض على النشطاء “فيلم الفظائع” لـ 7 أكتوبر. ولحسن حظه، لا أحد يجبره على مشاهدة أفلام الرعب التي ترتكبها إسرائيل في غزة، ولكن ربما حان الوقت لذلك.
سينما كابوس كاتس ترتكز إلى وهم أن النشطاء الذين عرضوا أنفسهم للخطر في قافلة غزة لا يعرفون عن جرائم حماس. وإذا قمنا بحقنهم في الوريد فسيصبحون صهاينة يتفاخرون بصهيونيتهم. ولكن هؤلاء الأشخاص شاهدوا 7 أكتوبر، و8 أكتوبر أيضاً، والـ 244 والـ 612 من أكتوبر. هم شاهدوا الجثث التي تم قصفها وهي تتناثر في الهواء، وأشخاصاً يحترقون في خيام النازحين، ومدناً كاملة أصبحت أنقاضاً، وشاهدوا أطفالاً يموتون جوعاً ومرضاً. خلافاً للرؤية المشوهة السائدة عندنا، هم ببساطة لا يعتقدون أن قتل مئات المدنيين سيعطينا شيكاً مفتوحاً للقيام بالتطهير العرقي وارتكاب جرائم حرب وتدمير منفلت العقال.
إسرائيل أوقفت السفينة لنفس السبب الذي ترفض فيه السماح للمراسلين الأجانب بالدخول إلى غزة، لأنها تعرف ما الذي تفعله هناك، وهي تفضل عدم تحدث العالم عن ذلك. هذه السفينة الصغيرة أصبحت خطراً على سلامة الجمهور، ليس بسبب الصناديق الصغيرة التي تحملها، بل بسبب القيم السامية التي تمثلها بروحها: الشفقة، الإنسانية، التضامن، رفض غض النظر عن الشر. الدولة التي تتمرغ في وحل ادعاء الحق وادعاء أنها الضحية، فهذه الأفكار تعد تهديداً وجودياً حقيقياً لها.

يوعنا غونين/ “هآرتس” العبرية
المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى