عربي ودولي

“هآرتس” عن فلسطينيّين بالضفة: طردونا من بيوتنا بـ”القوة” واتخذونا “دروعاً بشرية”!

“المدارنت”..
القاعة التي تحولت إلى معسكر مهجرين في كفر اللبد قرب طولكرم، تحوي فرشات تغطي الأرضية. هنا ينام مهجرون من مخيمات اللاجئين في طولكرم ونور شمس، الذين أمرهم الجيش بإخلاء بيوتهم أو تركوها بإرادتهم تحسباً لعملية “السور الحديدي” في الضفة الغربية. التحدث معهم يكشف عدداً من أساليب عمل الجيش: اقتحام البيوت وإجبار سكانها على المغادرة، أحياناً بدون أي مساعدة على طول الطريق. وكشف أيضاً أن الفلسطينيين تم استخدامهم كدروع بشرية واحتجازهم لأيام بدون التمكن من الاتصال مع العالم الخارجي.
حسب التقديرات، بلغ تراوح عدد المهجرين الفلسطينيين من مخيمات اللاجئين في شمال الضفة جراء عملية الجيش الإسرائيلي، بين 30 – 40 ألف شخص، 500 منهم وجدوا ملجأ في كفر اللبد، سواء في شقق مستأجرة أو في مخيمات للمهجرين.
حسب أقوالهم، لم يأتوا إلى هنا عبثاً: أمرهم الجنود الإسرائيليون التوجه إلى هذا الاتجاه عندما اقتحم المخيم في ليلة ماطرة في 9 شباط، التي بدأت فيها عملية في نور شمس. “في منتصف الليل، طوق الجيش المخيم بالكامل، وبدأ ينادي بمكبرات الصوت على الناس”، قال إبراهيم، أحد سكان المخيم. “بعد ذلك، اقتحم الجيش بيتي وأخذني. كان الطقس ماطراً وبارداً، استخدمني الجنود درعاً بشرياً، ومشوا خلفي وصوبوا سلاحهم نحوي”. وقال أيضاً: “الجنود تجولوا معي في ثلاثة – أربعة أحياء، حتى وصلنا إلى حي المنشية في المخيم، وطلبوا مني التوجه نحو الجنوب. لم يكن معي شيء، ليس سوى ملابسي التي أرتديها”.
قبل ذلك، بدأ الجيش العمل في مخيم طولكرم للاجئين، المخيم الكبير، وإخلاء سكانه. أول أمس، تم تدمير 11 بيتاً هناك لتوسيع الشارع الذي يمر في المخيم ليتيح للسيارات العسكرية الوصول إلى وسطه. الدمار يثير الرعب في أوساط المهجرين، وهم لا يعرفون إذا كان سيمكنهم العودة وإلى أين؟!
نفى الجيش هناك بأن هناك سياسة رسمية لإخلاء السكان من الضفة، وقال إنه يسمح لمن يريد المغادرة فعل ذلك. ولكن شهادات كثيرة تدل على وجود نموذج يجبر فيه الجنود السكان على المغادرة. وحسب أقوال إبراهيم، فإن الجنود سمحوا لوالديه بالبقاء في بيتهما على مدخل المخيم، لكنهما يعانيان من انقطاع المياه ونقص في الطعام. المحلات في المنطقة مغلقة طوال الوقت، والطعام يدخل المخيم بشكل غير منظم وبكميات صغيرة.
في غضون ذلك، وجد إبراهيم و70 شخصاً من سكان المخيم، ملجأ مؤقتاً في كفر اللبد. على مدخل القاعة التي ينام فيها الرجال، كان هناك شخص يقلي الفلافل على غاز بدائي، وإلى جانبه صناديق خضراوات. قبل بضعة أيام، اقتحم الجيش القاعة واعتقل ثلاثة أشخاص. في هذا الأسبوع، في محاولة لتشجيعهم، أُجري حفل زفاف لعروسين كان زواجهما وشيكاً، وشوهدت أول أمس بقايا الزينة في القاعة.
كل ما يوجد هنا، كما يقول سكان القرية المستضيفة، مصدره مبادرات أشخاص أفراد تجندوا من أجل المهجرين. “في اليوم الذي بدأ فيه الهجوم (على مخيم نور شمس)، جاء الناس من الصباح الباكر لاستقبال إخوانهم”، قال عبد الله ياسين فقهة، إمام مسجد في القرية ويقوم بتنسيق المساعدات. “كلنا تجندنا. شخص أحضر فرشة وآخر أحضر بطانية. لم يكن أي رد من التنظيمات الرسمية أو المنظمات الدولية والمحلية. كل ذلك جهد شعبي”.
وليد، من سكان مخيم طولكرم، جاء إلى كفر اللبد مع زوجته وأولاده الستة. “لقد طردونا في منتصف الليل في الجو الماطر”، قال. “اقتحموا بوابة الجيران، ثم دخلوا عندنا وقالوا: يلا، اخرجوا من البيت”. قال لي الجندي إنه يمكننا العودة بعد أسبوعين. في هذه الأثناء، أنا هنا منذ 24 يوماً”. حسب قوله، ترك هو وأبناء عائلته المخيم بدون ملابس وأموال؛ لأن الجنود حثوهم على المغادرة، واضطر لارتداء نفس الملابس عشرة أيام. الأولاد لا يذهبون إلى المدرسة الموجودة في المخيم الذي غادروه.
العمليات العسكرية المتواترة تحولت إلى عمل يومي لسكان مخيمات اللاجئين في طولكرم. “هم يأتون أسبوعياً”، قال وليد. “بدأنا نحاول توقع متى سيحدث ذلك في كل أسبوع. هل سيدخلون الثلاثاء أم الأربعاء، ونضع خططاً لذلك – ملء المياه وجمع الغذاء لأربعة أو خمسة أيام. عمليات سابقة أجبرت العائلة على مغادرة المخيم، لكن ليوم أو يومين في كل مرة. بسبب النزوح المتواصل في هذه المرة، خطر بباله أن هدف إسرائيل هو تفكيك المخيم. “ما يفعلونه يعتبر عقاباً جماعياً”.
قال. “أنت لا تريد المسلحين، بل تريد معاقبة الجميع. أنت تبحث عن عشرين شخصاً، وبسببهم تعاقب 40 ألفاً. هذا يعتبر فشلاً للجيش”. سكان المخيم يعودون ويذكرون امرأتين من سكان المخيم: سندس شلبي، الحامل التي أطلقوا عليها النار وقتلوها عندما حاولت الخروج من المخيم. ورهف الأشقر التي قتلها الجنود عندما فجروا باب بيتها. والقرية المستضيفة عرفت ذلك، ولكن في وقت متأخر، بعد أن أطلق الجنود النار وقتلوا صدام رجب، ابن السبع سنوات عندما كان يزور والده في طولكرم.
أول أمس، أقامت منظمة “أطباء من أجل حقوق الإنسان” عيادة متنقلة في كفر اللبد. تجمع خارج العيادة الكثير من النازحين، وقالوا إنه لم يكفهم أخذ أدوية لأمراض مزمنة يعانون منها. صلاح الحاج يحيى، مدير العيادة، قال إن الأطباء والممرضين المتطوعين عالجوا اليوم 400 شخص مهجر. “الوضع فظيع ومحزن جداً”.
قال: “هناك مسّ بالحق في الصحة والسكن والحصول على المياه وحرية الحركة والتعليم. الناس جوعى ولا يملكون أدوية أو مواد أو ملابس دافئة في الطقس البارد جدًا”. وحسب قوله، فإن المس بنشاطات “الأونروا” تفاقم وضع سكان مخيمات اللاجئين بشكل خاص وسكان الضفة بشكل عام. ويضاف إلى ذلك ديون وزارة الصحة في رام الله للموردين التي تنبع من احتجاز أموال الضرائب للسلطة الفلسطينية من قبل إسرائيل. هكذا تفاقم نقص في الأدوية. “نطلب من حكومة إسرائيل والجيش الإسرائيلي وقف المس بالأبرياء الذين يشكلون الأغلبية الساحقة من سكان مخيمات اللاجئين”، قال الحاج يحيى.
رد المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي “الجيش الإسرائيلي لا يخلي السكان في “يهودا والسامرة”، لكنه يسمح لمن يريد الابتعاد عن مناطق المعارك فعل ذلك بأمان. القوات تعمل وفقاً للقانون الدولي وقيم الجيش الإسرائيلي، مع تقليص المس بالمدنيين بقدر الإمكان. التوجيهات تحظر استخدام الأشخاص غير المتورطين في مهمات عسكرية، وأي خرق للتعليمات يتم التحقيق فيه وعلاجه”. 

المصدر: هاجر شيزاف/ “هآرتس” العبرية
المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى