“هآرتس” لقادة “إسرائيل”: لا تفجّروا برميل الوقود في الضفة.. سيريق الدماء من الطرفين!
“المدارنت”..
في 21 كانون الثاني، بدأت عملية “السور الحديدي” في الضفة الغربية خصوصاً في مخيمات اللاجئين: مخيم جنين ومخيم طولكرم ومخيم نور شمس. وأكد وزير الدفاع، يسرائيل كاتس، أن الأمر لا يتعلق بنشاطات محدودة ضد التنظيمات الإرهابية هناك، بل بتنفيذ خطة اليمين المتطرف: إخلاء السكان من المخيمات لفترة طويلة. اليمين المتطرف وممثلوه في الحكومة وفي الكنيست يحتفلون، والوزير سموتريتش اجتاز نسبة الحسم في الاستطلاعات، والوزير كاتس والجيش يؤكدون أن هكذا ندافع عن أنفسنا من “الإرهاب الإسلامي”.
إزاء عودة الرئيس ترامب إلى البيت الأبيض وضعف منظومة القانون والنظام الدولية حتى قبل ذلك، لا يبدو أن هناك جهة دولية يمكنها وضع الكوابح أمام سلوك حكومة إسرائيل. أما على الصعيد الداخلي في إسرائيل، فلا جهة مهمة في المعارضة معنية بحقوق الإنسان ومصير الفلسطينيين الذين طردوا من بيوتهم بسبب نشاطات الجيش الإسرائيلي في مخيمات اللاجئين، أو في أماكن أخرى في الضفة بسبب مذابح وإرهاب نشطاء اليمين.
تتصرف إسرائيل بشكل غريب، ليس تجاه السكان الفلسطينيين فقط. فأحلام اليمين المتطرف بتحويل الضفة الغربية إلى غزة وجنوب لبنان، تتجاهل حقيقة أن برميل المواد المتفجرة الذي يحاولون تفجيره يعيش فيه نحو نصف مليون إسرائيلي في 147 مستوطنة رسمية و236 بؤرة استيطانية ومزرعة معزولة، باستثناء شرقي القدس (حسب معطيات حركة “السلام الآن”). إن انتشار المستوطنات والبؤر الاستيطانية في أرجاء الضفة يضر بالفلسطينيين، وبالقدرة أيضاً على حماية من يعيشون فيها.
لا ينجح “الشاباك” والجيش في إحباط كل العمليات الإرهابية. الخميس الماضي، تفجرت عبوات في ثلاث حافلات في مدن في مركز البلاد، في إطار ما ظهر أنه محاولة تنفيذ عملية متعددة الساحات. في الضفة الغربية الكثير من السلاح بدرجة غير مسبوقة. لذلك، فإن تفجر برميل المواد المتفجرة هذا سيستدعي عدداً لانهائياً من العمليات الإرهابية في الضفة الغربية وداخل إسرائيل، ويتوقع “الشاباك” والجيش يتوقع مواجهة صعوبة كبيرة في تصفية هذا الإرهاب.
في الانتفاضة الثانية أيضاً لم يتم إحباط عدد كبير من العمليات الإرهابية، وبسبب ذلك قتل وأصيب عدد كبير من الإسرائيليين. في حينه، كان يعيش في الضفة الغربية 228 ألف إسرائيلي فقط في 120 مستوطنة رسمية و90 بؤرة استيطانية. الأمر الصادم في هذه العمليات هو قتل الفتيين، يعقوب كوبي مندل ويوسف ايش بوسكيله، عندما كانا يتنزهان قرب بيتهما في تقوع. اعتادت حكومات إسرائيل ومعظم الجمهور الإسرائيلي على تجاهل تحذيرات نشطاء حقوق الإنسان الذين يدافعون عن حقوق الفلسطينيين في الضفة.
وشاهدنا كيف تجاهلت حكومة نتنياهو ومؤيدوها التحذيرات المتكررة من أن أهداف الحرب في غزة، وأنه لا يمكن إعادة جميع المخطوفين على قيد الحياة، وفي الوقت نفسه شن حرب ضروس ضد حماس. والآن يبدو أن أهداف الحرب في الضفة متناقضة؛ فلا يمكن تفجير برميل المواد المتفجرة هناك والتسبب ببدء انتفاضة ستكون أوسع وأكثر تسليحاً من سابقاتها، وفي الوقت نفسه تقليل المس بأرواح وحياة الإسرائيليين الذين يعيشون داخل هذا البرميل وخارجه أيضاً. بل العكس هو ما سيحدث.
بدلاً من الكذب على الجمهور الإسرائيلي، يجب قول الحقيقة له. إذا تفجر برميل المواد المتفجرة في الضفة، فلن يتضرر الفلسطينيون وحدهم، بل المدنيون الإسرائيليون أيضاً. وسيمر وقت طويل، وسيزداد عدد الضحايا إلى أن يهدأ اشتعال البرميل، ومرة أخرى سننتظر انفجاره القادم.
إن تفجير برميل المواد المتفجرة لن يجلب أي حل حقيقي، بل سيوسع دائرة الضحايا والثأر وسفك الدماء في الطرفين.