مقالات

«هدنة التلقيح» لا تكفي!

أول إصابة بشلل الأطفال في غزّة!

“المدارنت”..
يتطلع سكان قطاع غزة لتلبية نداء الأمم المتحدة بإعلان هدنة مؤقتة تسمح بحملة تطعيم (تلقيح) ضد شلل الأطفال، الذي أصبح واحداً من أخطر تداعيات العدوان “الإسرائيلي”، وفي الوقت الذي تتكثف فيه الجهود لوقف دائم لإطلاق النار والعمل على مواجهة الكارثة الإنسانية، يأتي الحديث عن هذه الهدنة التي لن تغني عن الهدف الأسمى المتمثل في إنهاء هذه الحرب بشكل كامل ووقف زعزعة استقرار المنطقة.
طلب هدنة إنسانية شاملة لتطعيم الأطفال تقدمت به الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها مثل «اليونسيف» و«الأونروا» ومنظمة الصحة العالمية منذ أيام، وجاء الرد الإسرائيلي متأخراً ومبهماً وفاقداً للمصداقية، فقد تحدث مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن السماح بتطبيق هدنة في أماكن معينة في قطاع غزة من دون وقف للعمليات العسكرية، وأن هذه الموافقة جاءت بضغط أمريكي وليس لدواع إنسانية، ما يعني أن هذا التعهد مشكوك فيه، ولن يلبي الغرض المرجو منه، رغم أن الجانب الفلسطيني في غزة أعلن الموافقة على وقف لإطلاق النار لسبعة أيام، وحذر من تلاعب الطرف الآخر، وتجاهله حقوق الشعب الفلسطيني، بما فيها الحق الأصيل في الرعاية الطبية.
التوصل إلى هذه الهدنة جاء نتيجة ضغوط ودعوات ومناشدات تقدمت بها أطراف عدة، بما فيها دولة الإمارات، التي لا تفوّت مناسبة دون أن تشدد على إنهاء هذه الحرب العدوانية وحماية المدنيين والمرافق العامة، في الوقت الذي تواصل فيه على الأرض عمليات النجدة وإغاثة المنكوبين، وقد أفلحت مرة أخرى عندما وقعت عملية «الفارس الشهم 3» مذكرة تفاهم مع بلدية غزة لتنفيذ مشروع صيانة وتشغيل شبكات المياه المتضررة والمُدمرة في مناطق شمال القطاع.
يأتي هذا المشروع ضمن الاستجابة الإنسانية، خصوصاً في الشمال، حيث دمرت الحرب معظم البنية التحتية الحيوية، خصوصاً شبكات خطوط المياه والآبار ومحطات التحلية، والمفروض اليوم على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته ويكثف المساعي للتصدي لهذه الكارثة الإنسانية التي تفوق الوصف، حتى يستعيد المدنيون الأبرياء الأمل في حياة طبيعية بعد أشهر طويلة تحت نيران القصف والدمار والتهجير والأمراض والمجاعة.
الهدنة الهشة، التي يجري الحديث عنها لتطعيم الأطفال ضد الشلل في غزة، لا يمكن أن تنجح إذا لم تتوفر الظروف الأمنية المناسبة لحماية الطواقم الطبية والأماكن المخصصة لاستقبال الأسر والطرق المؤدية إليها.
فبالتزامن مع الإعلان عن هذه الهدنة تعرضت شاحنة لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة وتحمل شعار هذه المنظمة الإنسانية 10 مرات لنيران الجيش الإسرائيلي، بما في ذلك رصاصات استهدفت نوافذها الأمامية، بينما كانت ضمن قافلة تم تنسيق تحركها بشكل كامل مع الجيش الإسرائيلي، لكن هذا الجيش لم يرع حرمة هذه السيارة مثلما فعل سابقاً مع سيارات «المطبخ المركزي العالمي»، ويفعل مع المدارس ومراكز الإيواء التابعة ل«الأونروا».
وفي ظل هذا التهديد فإن الإعلان عن هدنة والحرب دائرة لا معنى له، بل إنه استخفاف شنيع بمصائر الأبرياء وبالمنظمات الدولية. وقطاع غزة، الذي تم تدميره وتشريد أهله، لا يحتاج إلى هدنة كهذه، بل إلى وقف شامل للحرب واستنفار واسع لإنهاء هذه الكارثة الإنسانية.

المصدر: إفتتاحية “الخليج الإماراتية” اليوم
المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى