مقالات

هـــل لـلـمـشـــرق الــعـــربـــي قـــائــمــــــة؟!

كتب حسن مطر 

… تناول رهط من المفكرين والباحثين والمهتمين بقضايا أوطانهم وأمتهم العربية حال ما هو قائم فيها من وقائع وتحديات ومخاطر جمّة عبر السؤال المنهجي والمسؤول الذي طرحه “مركز الحوار العربي في واشنطن  هل للمشرق العربي قائمة؟

 هذا السؤال الذي يقتحم بدلالاته المواطن العربي يثير لديه من جهة الحزن الشديد لما آلت اليه أوضاع الامة في هذا الزمن العربي الرديء، ومن جهة اخرى القليل القليل من الأمل الذي يراه بعيدا حيث بات ساحة تمارس فوقها القوى الاجنبية، عالمية واقليمية، مشاريع ومخططات ليس اقلها التقاطعات والنفوذ والسيطرة وصولا إلى الاحتلالات وقتل واعدام رؤساء عرب وتحويل البعض منهم إلى عقوبات جنائية ضد حقوق الانسان، او باسناد قرارات دولية لم تنصف يوما قضايا العرب لا بفلسطين المحتلة من الصهاينة ومجازرها اليومية ومحاولات محو كل اثر عربي فلسطيني، والتي نراها تتمدد إلى المقدسات الدينية المسيحية والاسلامية التي يستميت دفاعا عنها الشعب الفلسطيني البطل الذي يلقى ابناؤه في #الدول العربية الحصار والتضييق، ولا في اي قضية من قضاياهم العادلة، اذ تبقى هذه القرارات الدولية حبرا على ورق ينساها كثير من المسؤولين العرب قبل غيرهم وتدخل هذه القرارات في مستودعات النسيان والنكران، من دون ان يكون ممكنا ان يحل الحكام العرب مشكلاتهم وازماتهم بأنفسهم بدلا من دعوة الاجنبي او استدعائه لنفسه بقوة الامر الواقع الذي يتيح له الدخول من كل الابواب المشرعة وذات الحمايات الضعيفة، لان السابق عليها حماية السلطة وامن السلطة وحراستها مع ترحيل واجب الحفاظ على الوجود وطنا وشعبا وثروات، بل تاريخا وحاضرا ومستقبلا، فيصبح للاجنبي ومصالحه وغاياته الكلمة الفصل بكل ما يتعلق بهذه الدول، كما هي الحال في العراق وليبيا والحرب الدائرة في اليمن ودول عربية اخرى داخل ذات الفِخاخ المغطاة ببعض وريقات التوت

 لا شك في ان ما نحن بصدده يثير الحذر والجدل كما يثير الاستفزاز والحيرة، محزن في كثير منه نعم، لكنه يفتح على امل كما يراه المفكر والمحاضر الدكتور كمال خلف الطويل، رغم اننا وسط هول من التحديات وبين برزخ من العتمة والنور، منها انشطار وتشظي الدولة الوطنية، التجزئة وفقدان الكيان الكبير الجامع والسوق الواسعة النافعة، وحتى يكون للمشرق العربي قائمة يحتاج إلى فعل ارادة وضرورة لدى شعبه وحكامه وادراك بالوعي الجمعي المسؤول، انه لا يستقيم ولا قائمة للمشرق العربي ودوله من دون توفير الامن القومي الحقيقي والفاعل وليس اللفظي الفارغ من اي مضمون. وفي هذا السياق يرى السياسي المخضرم معن بشور ضرورة اعادة طرح فكرة الوحدة العربية كما في نهاية الاربعينات والخمسينات من القرن الماضي، والمضي في مقاومة الصهاينة ومشاريعهم بوحدة ابناء الامة، ومعالجة التراجع العربي الرسمي والهوان، وتراجع الوعي القومي.

واعود لاقول ختاما وجوابا موضوعيا عن سؤال ان ثمة صعوبة بالغة في ان تكون للمشرق العربي قائمة كما ينبغي له ان يكون اقله خلال ربع القرن الآتي، طرحت السؤال على عدد من المواطنين فكان جواب معظمهم أننا نسير نحو الانحدار العميق، مستشهدين بما هو قائم في لبنان من فوضى وخلافات هدامة وما سبق وجرى في سوريا، والعراق، والسودان، وليبيا، والحرب العبثية القائمة في اليمن، وما قد يقع بين المغرب والجزائر.

 وما يحوّل للمشرق العربي من قائمة حاليا هو الآتي :

1- خريطة موازين القوى العالمية غير الثابتة والمتطورة اقتصادياً وتسليحياً وتكنولوجياً.

2- قيام الحرب الباردة التي يشتد صعودها بالمحورين القديم منها، اميركا واوروبا واسرائيل وحلفاؤها، والجديد، الصين وروسيا وحلفاؤهما والدول العربية الموزعة على المحورين ودول اقليمية صاعدة أبرزها تركيا وايران.

3- المشروع الصهيوني الاحتلالي التقسيمي التطبيعي.

4- تنظيمات وميليشيات وقوى لا اصل لها ولا فصل ارهابية تنسب نفسها زورا وبهتانا للاسلام والمسلمون منها براء كداعش والنصرة.

5- المشاريع التقسيمية التفتيتية بعناوين طائفية ومذهبية وعنصرية وتفكيك الجيوش العربية داخل دولها واستبدالها ببدائل او تكتلات بشرية جهوية مدعومة بالمال الكثير والسلاح الخطير.

6- اضعاف الدولة من الداخل وتهميش مؤسساتها ورجالها وانظمتها ودساتيرها وتحويلها هيكلا خاويا تمهيدا لسيطرة الدويلات على الدولة المركزية.

7- تثبيت نظام الفساد وسيطرة الفاسدين والطغاة والجري الوحشي نحو السلطة والتسلط.

8- منع وعزل الطاقات والكفاءات العلمية والاخلاقية ومن ذوي السيرة الحسنة واصحاب الخبرات والتجارب السياسية في بناء الاوطان.

9- حشو المواقع الرسمية والادارات بالازلام والانصار والاقربين عائليا وبالمحازبين الاكثر تبعية وابعاد الشباب والشابات جيل المستقبل المسموح له بالهجرة تخلصا منه.

10- من المهم الإشارة إلى ان معاناة المشرق العربي في العصر الحديث بدأت في الحرب اللبنانية عام 75 ثم الاجتياح الإسرائيلي لاول عاصمة عربية عام 82 ثم في غزو الكويت وتداعياته ثم باتفاقية أوسلو ثم باحتلال العراق.

 فمزيج ذلك في العقود الأربعة الماضية هو الذي اوصل المشرق إلى حافة الانهيار.

* المصدر: “النهار”

المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى