عربي ودولي

هل أخطأ محمود عباس أم أصاب بدعوته “حماس” لإطلاق سراح الأسرى “الإسرائيليين”؟

محمود عباس (أبو مازن)

“المدارنت”
طلب رئيس السلطة الفلسطينية “أبو مازن محمود عباس” في خطاب إنفعالي غاضب، من “حماس”، أن تحرر كل المخطوفين والأسرى الإسرائيليين فوراً، كي “لا تعطي لإسرائيل ذريعة لقصف غزة. مئة فلسطيني يقتلون يومياً!”. كان رد حماس سلبياً ورفضاً مطلقاً للدعوة. لم تتكبد حكومة إسرائيل عناء التعقيب على أقوال أبو مازن؛ فقد انعقد الكابنت لمواصلة المناقشات حول تشديد القتال وتوسيعه.
لكن لنفترض بأن المتعذر كان يتحقق. ولنفترض أن قيادة حماس (أو ما تبقى منها، ولم يتبقَ الكثير) تبنت دعوة أبو مازن، لا لتضع إسرائيل قيد الاختبار، بل لتنقذ نفسها، وأعلنت عن تحرير كل المخطوفين، 59 أسيراً وقتيلاً مقابل عدد معقول من السجناء الفلسطينيين في سجون البلاد، دون اشتراطات عسكرية وسياسية ودون تسويف، في غضون أسبوع – أسبوعين.
من هنا التساؤل: ماذا ستفعل إسرائيل، وماذا ستفعل المعارضة في ختام الاحتفالات المبررة لعودة المخطوفين إلى الديار؟ ما الخطة السياسية لليوم المنشود: استمرار القتال، وقف القتال، احتلال، انسحاب، حكم عسكري، حكم مدني؟ الخلافات بين الحكومة والمعارضة تتركز في تحرير المخطوفين. ففيم ستتركز عندما يصل موضوع المخطوفين إلى نهايته الإيجابية وتنشأ حاجة لخطة سياسية شاملة. اجتهدت لأحصل على أجوبة متفق عليها ولم أتلق. يبدو أن قادة الائتلاف وقادة المعارضة يستخدمون، مسألة تحرير المخطوفين حتى “يحرروا” أنفسهم من الحاجة لإعداد، اقتراح، أو طرح خطط لليوم التالي.
إذاً، نستنتج أنه مريح للكتلتين السياسيتين ان تقولا الآن: أولاً، نجلب المخطوفين إلى الديار ثم نبدأ ببلورة موقفنا من مستقبل قطاع غزة ومليونين من سكانه. إذا ما بدأنا، فإن مستقبل غزة قد يتقرر من صفقة المخطوفين ويكون جزءاً لا يتجزأ منها. لذا، الأفضل لنا –للأحزاب وكتل الأحزاب عندنا– التحلي بالصبر لنتائج صفقة مخطوفين كهذه أو تلك.
المواقف والأفكار لدى الأحزاب واضحة. يريد “الصهيونية الدينية” ضم القطاع (كمرحلة أولية، مستعد بالاكتفاء بحكم عسكري)، أما الجبهة/العربية فتريد انسحاباً إسرائيلياً من القطاع وتركه لحكم الفلسطينيين كائناً من كانوا. والوسط، والمركز؟ اذهب لتعرف. تجذر الادعاء في الخطاب الجماهيري بأن حماس كمنظمة إرهاب ستخرق شروط صفقة المخطوفين التي ستوقع معها، لذا سيتمكن الجيش الإسرائيلي من استئناف الحرب بلا عراقيل في غزة. لهذا هناك منطق (سياسي) للانشغال بأفكار سياسية قد تفكك إما الائتلاف أو المعارضة. نتنياهو في ولايته الأولى رئيساً للوزراء، وبعده رؤساء الوزراء إيهود باراك، وأرئيل شارون، وإيهود أولمرت، اقترحوا خططاً سياسية مهمة وأداروا حواراً صعباً مع الفلسطينيين؛ ونتنياهو في ولاياته الثانية، الثالثة، الرابعة والحالية الخامسة كرئيس للوزراء فقد قبل الوضع مع الفلسطينيين كما هو.
في محادثات شخصية، شرح ويشرح بأن “ما هو في المناطق (الضفة وغزة) سيبقى حاله إلى الأبد”. المهم تفادي المفاوضات، وتفادي الخطط والحلول من إنتاج البلاد والاكتفاء بالاعتماد على رؤساء الولايات المتحدة. وتفضل أحزاب المعارضة الكبرى الآن إطلاق صوت صرخة (واجبة) في موضوع المخطوفين الذين حولهم إجماع جماهيري جارف. ليست جرأة كبيرة.
يبدو إذن أن أبو مازن أخطأ، لكنه كان محقاً أيضاً. “لا”؛ لأن إسرائيل لا تستخدم رفض حماس صفقة أسرى “كذريعة” لمواصلة القصف وملاحقة فلول منظمة إرهابية في متاهة أنقاض قطاع غزة. و”نعم”؛ لأن إسرائيل تستخدم الرفض العنيد والمأساوي لمسؤولي حماس كمبرر هادئ لدس الرأس في الرمل والهرب من القرارات السياسية – الاستراتيجية.

سيفر بلوتسكر/ “يديعوت أحرونوت” العبرية
المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى