مقالات

هل أصبح “الائتلاف السوري المعارض” حصان طروادة لـ”الثورة المضادة”؟!

رئيس “الإئتلاف السوري المعارض” هادي البحرة

“المدارنت”..
أصدر الإئتلاف (السوري المعارض) بيانا صحافيًا قي 16/12/2024 بعنوان: “حول خطوات المرحلة الانتقالية للوصول لسوريا الجديدة ” ويبدأ البيان بتذكيرنا أن الائتلاف ما يزال حيًا يرزق، وأن وظيفته تمتد حتى ”تحقيق كامل أهداف الثورة وتطلعات الشعب السوري…”.
لأول مرة نعرف أن النظام قد سقط فقط ”عسكريا”، حسب نص البيان، ويعني ذلك الاكتشاف المثير أن النظام لم يسقط سياسيا فكيف يمكن إتمام سقوطه السياسي؟
يجيب البيان: ”بسقوط النظام عسكريا بات تنفيذ القرار 2254 في مكونات قوى الثورة (لم يقل الثورة والمعارضة أي أن الائتلاف أصبح ثوريا) التي تمثل الجهات السياسية والمدنية والعسكرية من مكونات الشعب السوري وأطيافه كافة دون وجود تمثيل للنظام البائد بحكم زواله”، في نهاية الفقرة يناقض الائتلاف نفسه حين يعترف أن النظام السياسي قد زال، وليس فقط ذراعه العسكري.
لكن ذلك مجرد زلة للبيان, وواضح أن الطرح السياسي للإئتلاف، أصبح الآن يستند إلى فكرة أن القرار 2254 ما يزال ساريا، ولم يسقط بسقوط النظام، وأن تنفيذه مرتبط بالإئتلاف نفسه الذي يمثل  حسب مايدعي الشعب السوري.
الحقيقة أن القرار 2254 الصادر في 18-12-2015، عن مجلس الأمن مبني بكليته على فلسفة ايجاد تسوية سياسية بين النظام السوري البائد والمعارضة السورية وكل ماجاء فيه لايخرج عن أن يكون وصفا لطبيعة التسوية وكيفية الوصول إليها يمعنى أنه إذا سار كل شيء على مايرام فسيكون لدينا في النهاية حكومة مشتركة من النظام والمعارضة سميت بهيئة الحكم الانتقالية وهي ستتولى إكمال الطريق نحو الدستور والانتخابات النيابية، الخ..
لكن القرار 2254 يشدد في الفقرة (1) على أن الشعب السوري هو من سيقرر مستقبل سورية وهي عبارة لا يحب الإئتلاف رؤيتها، فالشعب السوري يقرر مستقبله فقط عبر ممثليه الشرعيين المنتخبين ديمقراطيا وليس عبر الإئتلاف الذي لايملك مثل تلك الشرعية ولا عبر مؤتمر وطني لا يعلم سوى الله على أي أساس سيتم تحديد المشاركين فيه خارج إطار الإنتخاب الديموقراطي.
في العام 1919 عقد في سورية أول مؤتمر وطني عام لكنه كان منتخبا بطريقة ديموقراطية ومن أجل ذلك أصبح لاحقا بمثابة جمعية تأسيسية وكلف بوضع دستور للبلاد.
لقد ارتبط القرار 2254 لمجلس الأمن ارتباطا كليا بمسألة التسوية السياسية وفق المعطيات  العسكرية والسياسية التي سبقت صدوره ورافقت ذلك الصدور.
ومن الملفت للنظر أن القرار ينتهي في الفقرة 16 بعبارة تقول: ”يقرر (يعني مجلس الأمن) إبقاء المسألة قيد نظره الفعلي”، وواضح أن وضع تلك العبارة لا يعني فقط متابعة تنفيذ القرار والذي جاء ذكره في مكان آخر، وتم تحديد آليته لكن بكون كل ماجاء في القرار يبقى خاضعا للواقع على أرض الميدان وقابلا للمراجعة.
إذن فقد انتهى منطقيا القرار 2254، بانتهاء المعطيات السياسية والعسكرية التي كانت الأساس لوجوده، وهي بناء تسوية سياسية بين نظام الأسد والمعارضة لإنهاء الصراع.
أما الحديث عن سقوط عسكري وبقاء سياسي، فهو نكتة سخيفة ومجرد حيلة مكشوفة للبحث عن مكان سياسي للائتلاف بعد انتهاء وظيفته.
وباعتبار أن الائتلاف وجد بظروف لم يكن للشعب السوري فيها يد في اختيار ممثليه, وقسم كبير منهم قد فرضته الدول الخارجية, كما أن الائتلاف فشل فشلا ذريعا في نيل ثقة الشعب السوري، فلم يتمكن من السير خطوة واحدة في طريق التغيير, ولا استطاع الافراج عن سجين واحد, ووقع بسهولة في فخ الانحراف عن البدء  بتشكيل هيئة الحكم الانتقالية، نحو لعبة وضع الدستور، أولا، والذي استغرق خمس سنوات من دون كتابة سطر واحد فيه.
لذا فالائتلاف، مصر على إحياء القرار 2254، وعلى دوره السياسي في ادعاء تمثيل الشعب السوري, وهو يمد يده اليوم إلى التدخلات الخارجية التي تحاول إيجاد فرص لاختراق الثورة السورية. بينما كان عليه أن يعلن انتهاء دوره السياسي بسقوط النظام على يد الفصائل العسكرية البطلة، والمقاتلين الذين حملوا أرواحهم على أكفهم، واستطاعوا بشجاعة ومقدرة وتخطيط اعترف به العالم، هزيمة جيش النظام وحلفائه وإنقاذ سوريا وتحريرها.
كان عليه أن يقدم استقالته للقيادة الجديدة التي اكتسبت شرعيتها من احتضان ملايين السوريين، الذين خرجوا في الشوارع مزغردين يقبلون الفاتحين الأبطال.
وكان من واجبه عرض خدماته على تلك القيادة من مركز الاعتراف بها، والتعاون معها والإسهام في تشكيل الحكومة المؤقتة، والانتخابات الديموقراطية المطلوبة.
لقد كرر بدر جاموس، في خطابه الأخير تمسكه بالقرار 2254، وتحدث عن مؤتمر وطني عام غير منتخب ديموقراطيا، يتولى وضع الدستور في مخالفة فاضحة لمبادىء الشرعية والديمقراطية المعروفة، والتي تعتبر الجمعية التأسيسية المنتخبة ديموقراطيا، هي صاحبة الحق الحصري في وضع الدستور, وهذا السياق إنما يكمل التمسك بالقرار 2254 والدعوة ليكون المؤتمر الوطني غير الشرعي وغير المنتخب مكانا لوضع الدستور، تحت اشراف أممي، وكأن الشعب السوري ما يزال قاصرا وغير جدير بوضع دستوره من أجل ذلك، أصبح واضحا أن “الإئتلاف”، وضع نفسه في خدمة الثورة المضادة من أجل الحفاظ على مكاسبه وطمعه في دور سياسي له في سوريا الحرة، ضد إرادة ومصلحة الشعب السوري ولا بد من إسقاطه.

المصدر: معقل زهور عدي/ “ملتقى العروبيّين”
المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى