مقالات

هل تقصف “إسرائيل” إيران من دون موافقة أميركية؟

“المدارنت”
نشرت قناة «سي إن إن» الأمريكية، الثلاثاء الماضي، تصريحات نسبتها لمسؤولين أمريكيين «مطلعين على أحدث المعلومات الاستخبارية» تقول إن إسرائيل تقوم باستعدادات لضرب منشآت نووية إيرانية في الوقت الذي تسعى فيه إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للتوصل الى اتفاق دبلوماسي مع طهران حول مشروعها النووي.

اللافت، أن المسؤولين الذين سربوا هذه المعلومات للمحطة التلفزيونية اعتبروا أن هذه الضربة، لو حصلت، ستمثل قطيعة صارخة مع ترامب، إضافة إلى أنها قد تؤجج صراعا إقليميا واسعا في الشرق الأوسط، في الوقت الذي قررت واشنطن فيه استراتيجية مختلفة تبتعد عن حل النزاعات في المنطقة عبر الحروب، عبر التفاوض مع طهران، ووقف إطلاق النار مع الحوثيين، وسلوك طريق الصفقات التجارية الكبرى مع دول الخليج العربي، والاتفاق مع السعودية وتركيا وقطر على تأهيل النظام الجديد في دمشق، وفي خيارات يفترض أن تعزز أجواء الأمن والاستقرار والازدهار في المنطقة، وهو ما لا يتفق مع خيارات إسرائيل المستمرة في حربها الإبادية ضد الفلسطينيين، وغاراتها على اليمن، واستمرار انتهاكاتها لأراضي وسيادة سوريا ولبنان، ومحاولاتها على مدى سنوات طويلة لتوريط أمريكا في حرب ضد إيران بالوكالة عن إسرائيل.
احتمال ضرب إسرائيل للمنشآت النووية، حسب المصادر، يرتبط بإمكانية وصول الطرفين إلى اتفاق لا يؤدي إلى منع إيران بشكل مطلق من التخصيب، وهي النقطة العالقة حاليا في المفاوضات، التي استؤنفت جولتها الخامسة، في روما، أمس الجمعة، فهل يمكن أن تقوم حكومة بنيامين نتنياهو بهذه الخطوة الخطيرة من دون موافقة من ترامب؟
من الجدير بالملاحظة، بداية، أن ما تريده إسرائيل عبر التحضر لهجوم، لا يختلف عما تطالب به أمريكا عبر المفاوضات، وهو إنهاء إيران تخصيب اليورانيوم بشكل كامل، ما يعني أن خطط الهجوم الإسرائيلي تفيد واشنطن من دون أن يُحسب هذا التهديد عليها، مع اتباع ترامب، بشكل واضح، خطا يفترق عن السيناريو الإسرائيلي للدمار الشامل في المنطقة، وهو ما تكشف في امتناع ترامب عن زيارة إسرائيل أثناء جولته الشرق أوسطية (وتكرر مع نائبه جي دي فانس) ووقفه إطلاق النار مع الحوثيين، وإطلاقه حتى بعض التصريحات حول تضور الغزيين جوعا وضرورة إدخال شاحنات المساعدات إلى القطاع.
إضافة إلى ذلك، فإن إدارة ترامب نفسها، رغم تخفيضها التوتر العسكري في البحر الأحمر والخليج العربي عبر وقف الحرب على اليمن، فإنها لم توقف مستوى العقوبات الاقتصادية على إيران، كما أنها لم تستبعد الحل العسكري في حال فشلت المفاوضات الدبلوماسية من الوصول إلى حل مرض لواشنطن.
حسب مقابلة لصحيفة «ستاره صبح» الإصلاحية الإيرانية مع مهدي مطهر، أستاذ العلوم السياسية، فإن ترامب قد يلجأ للاحتمال الأخير، ويتحرك بشكل استباقي لخلق أزمة أكبر للتعامل مع أزمة وسطى أو أصغر، مشيرا إلى عامل آخر لا يتم الانتباه إليه، وهو أن إيران تتفاوض أيضا مع أوروبا، التي تستخدم بدورها آلية الضغط العسكري في المفاوضات، وأن فشل طهران في المفاوضات سيجعلها دولة غير ذات نفع لحليفيها الصيني والروسي.
تلاقي السيناريوهات الأمريكية والإسرائيلية والأوروبية فيما يخص إيران، يجعلها غير قادرة على مواجهة حرب أو قادرة على الاستمرار في التصلّب فيما يخص محور الخلاف، وهو ما يدفع باحتمال شن نتنياهو حربا وحده إلى الخلف، وهو ما ينطبق أيضا على احتمال قدرة إيران على التمسك بشروطها.

رأي “القدس العربي” اليوم
المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى