عربي ودولي

هل ديرمر الشخصية الأنسب لقيادة المرحلة الثانية من المفاوضات؟!

دايفيد برنياع

“المدارنت”..
عند إعادة الأربعة جثامين، والمخطوفين (الأسرى) الستة الأحياء، السبت القادم، والمخطوفين (الأسرى) الأربعة الأخيرين في الأسبوع القادم، ستنتهي بالفعل المرحلة الأولى في الاتفاق مع “حماس”.
كانت مرحلة حملت في جوهرها طابعاً أمنياً – تنفيذياً، وتناولت قضايا تشكيل قوائم المخطوفين والمخربين الذين سيطلق سراحهم، مع استخدام العلاقات الاستخبارية بين الموساد والشاباك، وبين نظرائهم الأمريكيين والمصريين والقطريين.

المرحلتان القادمتان، حتى تحرير الـ59 مخطوفاً (أسيرًا) من أنفاق حماس والذين بينهم -حسب تقدير الاستخبارات الإسرائيلية- نحو 35 مخطوفاً ليسوا على قيد الحياة، ستحمل طابعاً سياسياً. المستوى التنفيذي الذي أجرى حتى الآن المفاوضات برئاسة برنياع، بار والون، الذي ترأس إدارة الجهود الاستخبارية في موضوع الأسرى والمخطوفين، شعر في الحقيقة أنه مبعد ومهان، وأنه بمثابة “الزنجي الذي فعل ما يجب عليه فعله”.
لكن كان عليهم معرفة أن تأثيرهم على رئيس الحكومة هامشي، منذ فترة طويلة. فقد حاولوا خلال 16 شهراً التأثير على نتنياهو لتحرير المخطوفين. نتنياهو استخف بهم في الجلسات، غضب منهم، طرق على الطاولة وقيد صلاحياتهم، وقزم مهماتهم وأطلق عليهم “متملقون”.
ثم وصف بار بـ“موظف”. جهات رفيعة سابقة في الموساد والشاباك، نصحوهم قبل فترة طويلة بالإعلان أنه لا يمكنهم القيام بدورهم لأن رئيس الحكومة لا يأخذ رأيهم ولا يستجيب لنصائحهم.

عرفوا بأن نتنياهو يجعلهم أضحوكة ويضع العقبات أمامهم. كلما اقتربت المفاوضات من النضوج، يخترع نتنياهو ذريعة جديدة ويضع شروطاً مسبقة تحبط جهود تحرير المخطوفين وإنهاء الحرب. عرفوا أن اعتباراته ليست في صالح الدولة، بل تحركها دوافع شخصية وسياسية لمنع تفكيك حكومته والتمسك بالكرسي.
العميد (احتياط) اورن سيتر، الذي شغل عدة مناصب في جهاز الاستخبارات وكان نائب ألون، قال بشكل صريح في مقابلة أجراها السبت الماضي مع القناة 12، إن سلوك نتنياهو والحكومة هو ما منع تحرير مخطوفين مرتين على الأقل في السنة الماضية.
وكرر ما قاله وزير الدفاع السابق يوآف غالانت، الذي اتهم نتنياهو بإفشال المفاوضات وإطالة أمد الحرب على حساب قتل الرهائن وعشرات الجنود. نذكر أن نتنياهو أقال غالانت بدون أن يرمش له جفن.
ترك سيتر الخدمة قبل أربعة أشهر بعد أن قرر أنه غير مستعد للتمثيل في مسرح الدمى الذي يمسك نتنياهو بخيوطه. برنياع وبار وألون، داسوا على كرامتهم بسبب المسؤولية عن المخطوفين وعائلاتهم. وبسبب تمسكهم بقيم الدولة، قرروا البقاء والاستمرار في المهمة التي لا يوجد ما هو أهم منها الآن في إسرائيل.
الوزير ديرمر، هو في نهاية المطاف مراسل نتنياهو؛ لا تجربة عملياتية له، ولم يخدم في الجيش، أما معرفته بالمجتمع الإسرائيلي فهي محدودة. ولد في الولايات المتحدة وتعلم فيها، وكان شقيقه ووالده رؤساء بلدية ميامي بيتش، عن الحزب الديمقراطي. كان ديرمر كاتب خطابات ومستشاراً سياسياً وسفيراً لإسرائيل في الولايات المتحدة لثماني سنوات، حتى العام 2021.
جذوره مغروسة في أمريكا أكثر مما هي في الواقع الإسرائيلي. نتنياهو يقدر مواهبه ومعرفته بالولايات المتحدة، وقد اختاره للوقوف في الجبهة أمام إدارة الرئيس ترامب، وفي الاتصالات حول مواصلة المفاوضات لتحرير جميع المخطوفين وطرد حماس من غزة. ولكن لا ننسى أن ديرمر هو نتاج للمحافظة الأمريكية القديمة، كما أن معسكر بيبي حل محل حزب الليكود في إسرائيل. لذا، فإن الترامبية تطرد رجال الحزب الديمقراطي التقليدي، ومن غير المؤكد أن مواهب ومعرفة ديرمر ستساعد.

لذلك، من المرجح أكثر الافتراض بأن ديرمر لن تكون له صلاحيات، وهو سيستخدم فقط كأنبوب لنقل الرسائل. عملياً، ستكون العلاقة مباشرة بين نتنياهو وويتكوف، مبعوث ترامب للشرق الأوسط، الذي تبين أنه وبحق يريد إعادة جميع المخطوفين وقد فرض على نتنياهو إنهاء المرحلة الأولى في الاتفاق وأجبره على البدء في التفاوض على المرحلة الثانية، التي تهدف أيضاً إلى إيجاد حل لغزة وإنهاء الحرب.
هذه عملية سياسية – استراتيجية، لا تنعكس فقط على إسرائيل والفلسطينيين، بل أيضاً على السعودية، مصر، الأردن وكل العالم العربي. من هذه الناحية، ولأن ديرمر بصفته حامل أدوات نتنياهو، فهو الأنسب لهذه المهمة من رؤساء جهاز الأمن.
في كل الحالات، من أجل الجوانب التنفيذية للمفاوضات، يستطيع ديرمر الاستعانة بـ د. رئيس القسم العالمي في الموساد، وم. الذي كان حتى الفترة الأخيرة نائب رئيس الشاباك، وبناء على طلب رونين بار تم ضمه للمحادثات.
نتنياهو، الذي يفعل كل ما في استطاعته للتخلص سريعاً من بار، يضع م.، الذي يمدح كبار قادة الشاباك تمسكه بالقيم الرسمية، في نوع من المهمة الفاحصة: إذا تصرفت بشكل جيد سأعينك في منصب رئيس الشاباك القادم.

المصدر: يوسي ميلمان/ “هآرتس” العبرية
المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى