هل يفوز مرشح نتنياهو بأصوات المسلمين في أميركا؟!
“المدارنت”..
تكررت، منذ الشهور الأولى للحرب “الإسرائيلية” على غزة، تحليلات وكالات الأنباء، ووسائل الإعلام والصحف والمواقع الأمريكية والعربية و”الإسرائيلية”، التي تؤكد أن دونالد ترامب، الرئيس السابق والمرشح الحالي لانتخابات الرئاسة الأمريكية، هو المرشّح المفضّل لبنيامين نتنياهو، رئيس حكومة (الإرهاب الصهيوني في فلسطين المحتلة) “إسرائيل”.
وقد تنبأ الكاتب الأمريكي توماس فريدمان، في واحدة من هذه التحليلات قبل أسابيع، بتصاعد كبير للأحداث في الشرق الأوسط معتبرا أن “نتنياهو من دون شك سيقوم بأمور خلال الشهرين المقبلين من شأنها أن تضر بحظوظ انتخاب المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس رئيسة، وقد شهدنا تصديقا لهذا التنبؤ عبر تطبيق ما يسمى “خطة الجنرالات” في شمال غزة، والاغتيالات المتصاعدة لقادة “حزب الله”، وتأجيج إمكانيات الحرب مع إيران.
كان استمرار الحرب أحد أوراق نتنياهو الرئيسية التي لعبها، وعمله المتواصل، بالتالي، على منع وقف إطلاق النار بأي ثمن، بل وسعيه لتصعيد الحرب وتوسيعها بشكل يظهر إدارة جو بايدن في موقع الضعيف والتابع وغير القادر على التأثير على الدولة العبرية وحرمها من أي إنجازات على هذا الصعيد.
تركّز التحليلات الأخيرة على مواقف ترامب التي تبدو متناقضة حول العدوان على غزة، مثل حديثه عن ضرورة إنهاء الحرب بسرعة (ولكن مع تجنّب عرض مشاهد القتل والدمار)، وتحريضه إسرائيل على الرد على الهجوم الإيراني الأخير بضرب مشروع طهران النووي، وكذلك تعهده بطرد “الطلاب المشاغبين من أنصار حماس” من الجامعات، وتباهيه باتصالاته اليومية مع نتنياهو، وتصريحات أنصاره العنصرية، في مهرجانه الأخير في نيويورك، ضد الفلسطينيين (وكذلك ضد الأمريكيين اللاتينيين وأقليات أخرى)، وتهديداته بطرد الملايين من اللاجئين.
هذه الوقائع التي ترتبط بالحملة الانتخابية الحالية من مواقف سيئة كفاية لترامب لكن التركيز عليها يتجاهل قراراته الخطيرة حين كان رئيسا فيما يخص فلسطين والأراضي المحتلة، من نقله السفارة الأمريكية إلى القدس، وحصاره للسلطة الفلسطينية، ورعايته لعمليات التطبيع العربي مع “إسرائيل”، واعترافه بسيادة إسرائيل على الجولان، وحظره، عقب انتخابه مباشرة، مواطني سبع دول إسلامية من دخول الولايات المتحدة الأمريكية.
هناك، في المقابل، حالة سخط عربي وإسلامي هائل داخل أمريكا من إدارة جو بايدن، ومن الحزب الديمقراطي ككل، نتيجة الدعم العسكريّ والسياسيّ لحرب الإبادة الإسرائيلية في غزة، وهو ما تبلور في انقلاب شخصيات سياسية عربية مؤثرة، وخصوصا في ولاية مشيغان، ضد الديمقراطيين، وانضمامهم لمعسكر ترامب، على نحو ما فعل عامر غالب، عمدة مدينة هامتراك، وعلى ما فعل بلال الزهيري، إمام جامع الكبير في مشيغان، الذي خطب في تجمع انتخابي قال فيه إن “الله نجى ترامب مرتين لكي ينقذ حياة الآخرين”، وما فعله عدد من ممثلي المسلمين والعرب على منصة مهرجان ترامب الانتخابي في مشيغان.
لا يتعلق التغيير الحاصل في عواطف العرب والمسلمين تجاه ترامب، على ما تشير الأنباء، بالتبعيّة التي أبدتها إدارة بايدن تجاه سياسات إسرائيل الدموية فحسب، فهناك ما يشير إلى مشاركة أنظمة عربية في تمويل حملات ترامب بين العرب والمسلمين، وإسهاماتها في ترويج مزاعمه عن إنهاء الحرب، وإقناعهم بأن عقاب هاريس وبايدن والديموقراطيين على دعمهم “إسرائيل”، أهم من الخطورة التي يمثّلها ترامب على الديموقراطية في أمريكا والعالم، وما تؤذن به عودته المحتملة من صعود لموجة اليمين المتطرف التي حققت انتصارات ملحوظة في أوروبا، وهي موجة ستنعكس بدورها على ملايين العرب والمسلمين، ليس في السياسات المتصاعدة ضدهم في هذه القارة فحسب، بل في الدعم الذي تلقاه أنظمة الاستبداد العربية وخصوصا بعد انحسار الحراكات الشعبية، وهي نذر يمكن أن تأخذ بالبشرية، وأقاليم العرب والمسلمين خصوصا، إلى مناطق أشد إظلاما وفسادا وإجراما من السابق.