وأخيراً.. إلى مفاوضات «النووي»!
“المدارنت”..
من المؤكد أنه لا الولايات المتحدة ولا إيران تريدان الحرب، لأنهما تدركان تداعياتها الخطرة على الأمن والسلام في المنطقة والعالم.
فبينما كانت التهديدات متبادلة بين واشنطن وطهران، مع تصعيد في المواقف المترافقة مع حشود عسكرية بحرية وجوية في المنطقة، كانت تجري مفاوضات غير معلنة بين الطرفين للتوصل إلى صيغة اتفاق تؤدي إلى الحوار، حيث بدت الاستعدادات الحربية وكأنها من لوازم هذا الحوار، ومدخلاً ضرورياً له. وكانت رسالة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى المرشد الإيراني علي خامنئي التي دعا فيها إلى الحوار «رغم قسوة لهجتها» بمثابة إعلان صريح بالرغبة في التوصل إلى اتفاق بشأن برنامجها النووي.
ولم تغلق الباب أمام موافقة طهران على مفاوضات «غير مباشرة»، في حين تطالب واشنطن بمفاوضات مباشرة بين الطرفين.
مهما يكن، لقد تم الاتفاق على بدء المفاوضات يوم السبت المقبل في سلطنة عمان، وفق ما أعلن الرئيس الأمريكي في مؤتمر صحافي بحضور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض يوم الاثنين الماضي، الذي أكد أن التوصل إلى اتفاق مع طهران «أمر مفضل وبديهي»، معرباً عن أمله في أن يحالف هذه المفاوضات النجاح، وقال«سيكون هناك اجتماع كبير وسنرى ماذا سيحدث»، وأشار إلى أن الاتفاق الجديد المحتمل سيكون مختلفاً عن خطة العمل المشتركة لعام 2015 وسيكون أقوى بكثير».
يذكر أنه في عام 2015، توصلت بريطانيا وألمانيا والصين وروسيا والولايات المتحدة إلى اتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي، لكن ترامب انسحب منه عام 2018، وأعاد فرض عقوبات على إيران.
من الواضح أن الإعلان المفاجئ عن بدء مفاوضات بين واشنطن وطهران شكل صدمة لنتنياهو الذي استدعي إلى واشنطن خلال زيارته إلى المجر، ذلك أن إسرائيل لم تعلم مسبقاً بالاتفاق بين ترامب والإيرانيين بشأن بدء المفاوضات، وفق ما أكدته صحيفة «إسرائيل هيوم»، وأشارت إلى أن الإعلان كان بمثابة «صفعة على وجه الوفد الإسرائيلي»، حيث إن نتنياهو كان يعتزم طرح تطبيق «النموذج الليبي»، أي التفكيك الكامل للبرنامج النووي الإيراني كبديل لإعلان الحرب عليها.
لكن من الواضح أن ترامب خيّب أمله، كما خيّب أمله في عدم إلغاء الرسوم الجمركية البالغة 17 في المئة على البضائع الإسرائيلية. وقالت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» إن نتياهو غادر واشنطن «خائب الأمل».
المهم أن المفاوضات سوف تبدأ السبت المقبل، على أمل أن تؤدي إلى اتفاق حول برنامج إيران النووي لوضع حد للكابوس الذي يخيم على المنطقة التي طالما سعت إلى الحوار لحل الأزمات وصولاً إلى الاستقرار والسلام والتعاون بين دول المنطقة.
لقد أعلنت إيران مراراً أن برنامجها النووي سلمي، وأنها لا تسعى لإنتاج أسلحة نووية، على أمل أن تتم ترجمة ذلك خلال المفاوضات في مسقط بين مبعوث الرئيس الأمريكي الخاص إلى الشرق الأوسط ستيفن ويتكوف ووزير الخارجية الإيراني عباس عرقجي الذي اعتبر المفاوضات «فرصة بقدر ما هي اختبار»، أضاف «الكرة في ملعب أمريكا».
أجل.. إنها فرصة لإنقاذ المنطقة والعالم من خطر داهم.