ورطة النظام الايراني ووکلائه!
التعامل الدولي وحتى الاقليمي مع النظام الايراني، يتطلب تعاملا حاسما ليس مراعاة وإن حتى الاخذ بنظر الاعتبار والاهمية مجموعة أمور بإمکانها أن تحدد طرق وأبعاد التعامل الدولي والاقليمي مع هذا النظام، حيث إنه إستفاد ويستفيد من الثغرات الکبيرة والمتباينة الموجودة في طريقة واسلوب التعامل الدولي والاقليمي معه.
ثمة ملاحظـ مهمة جدا هي أن مظاهر القوة والثقة والاعتداد بالنفس من جانب النظام الايراني من جهة، وتهويل قوة ودور وتأثير وکلائه في المنطقة وإمکانية أن يلعبوا دورا أکبر من حجمهم بکثير، هذه الملاحظة القابلة للکثير من الشك والطعن، کما يبدو واضحا فإن النظام قد تمکن بصورة وأخرى من زرع نوع من القناعة وحتى الثقة بها، لکن هل إنها حقا کذلك؟
لنأتي أولا على مظاهر القوة والثقة والاعتداد بالنفس من جانب النظام الايراني، ولاسيما وإنه قد مر 45 عاما على تأسيسه، ومن دون أدنى شك فإن تقييم قوة وثبات أي نظام ينطلق أساسا وبالدرجة الاولى على ثبات وإستقراره الداخلية والثبات والاستقرار الداخلي شئنا أم أبينا يرتبط جدليا بالرفاه المعيشي للشعب وبالعلاقة الإيجابية بين النظام وبين الشعب، فهل إن الامر کذلك؟
لا ريب إننا لا نذيع سرا إذا ما لفتنا الانظار الى الاوضاع الاقتصادية والمعيشية المتدهورة الى أبعد حد ولاسيما وإن الخزينة الايراني لم تعد تحتوي على إحتياطي ليس کبير بل وحتى أقل من المتوسط حتى، بل إنها دون ذلك بکثير إذ ليست فيها إلا ما يمکن تقديره بربع مليار دولار، والى جانب هذا الامر الملفت للنظر والذي يعتبر تطورا بالغ السلبية، فإن الغلاء لا زال يطل بظله الثقيل على الاوضاع المعيشية للشعب الايراني بل وحتى إن مبادرة النظام وخلال الايام الاولى لبداية عهد بزشکيان برفع أسعار الخبز الذي هو بمثابة المادة الاساسية على مائدة الشعب الايراني الذي يعيش أکثر من نصفه بموجب تقديرات النظام تحت خط الفقر، أمر له دلالاته ومعانيه وفي نفس الوقت تأثيراته على ثبات الاوضاع غير المستقرة أساسا، بالاخص مع تزايد الاحتجاجات الشعبية من قبيل تظاهرات وإعتصامات وغيرها فإن الصورة لاتبدو أبدا کما يسعى النظام الى تصويرها.
کما إن هناك ثمة مسألة أخرى، وتتعلق بحالة الصراع السائد في داخل النظام بين أجنحته والاختلاف الکبير فيما بينها والذي يتفاقم يوما بعد يوم وحتى يمکن القول بأنه قد وصل الى مستوى غير مسبوق مع الشروع في عهد بزشکيان، وهذا الصراع سببه الاساسي عدم الثقة بثبات الاوضاع وإحتمالات إنفجار الوضع الداخلي إذ أن الجميع يدرکون بأنهم يجلسون على برکان الغضب الشعبي الذي قد ينفجر بهم في أية لحظة وهم جميعا يدرکون بأن الانفجار القادم سيکون وبالاعتماد على تحليلات وتفسيرات لما جرى خلال الاعوام السابقة، أقوى بکثير وقد يغير من الواقع والمشهد الايراني کثيرا.
والجانب الآخر من الملاحظة التي أوردناها في بداية هذا المقال، وکما أسلفنا الذکت تتعلق بتهويل قوة ودور وتأثير وکلائه في المنطقة وإمکانية أن يلعبوا دورا أکبر من حجمهم بکثير، ومن دون الخوض في تفاصيل کثيرة فإننا نرکز على ثمة حقيقة مهمة جدا وهي إن وکلاء النظام إذا ما کانوا فعلا بهذا المستوى من القوة والتأثير، فلماذا يسعى النظام جاهدا الامساك بزمام أمورهم وحتى لجم تحرکاتهم وعدم السماح بإضطراد توسعها؟
النظام الايراني يعلم جيدا مدى مستوى مشاعر رفض وکراهية شعوب المنطقة لوکلائه وبالاخص في البلدان التي يتواجدون فيها، وهو يعلم بأن أي مواجهة کبرى بإمکانها أن تغير من المعادلة القائمة في المنطقة في غير صالح النظام الايراني وهذا يعني إن ورطة النظام الايراني کبيرة جدا وهي تمتد بظلالها على وکلائه الذين صاروا يلاحظون خوف وقلق کبيرهم والذي لم يعديخفى على أحد!