وزراء لنتنياهو: نذكرك بقرار اتخذناه قبل سنة يقضي بحلّ السلطة الفلسطينية!

“المدارنت”
ثلاثة دخلوا إلى بار، واحد غبي، الثانية شريرة، والثالث ساذج. انظروا إلي، قالت الشريرة: شرانيتي معدية. حين أفتح فمي في الحكومة يفغر الوزراء الجالسون أفواههم، مثل أطفال في روضة، وفوراً يصبحون أشراراً مثلي. أنا نور لليهود.
انظروا إلي، قال الغبي. غبائي منتصر. وزير يتحدث بهراء في جلسة حكومة، وفوراً يصبح الوزراء أغبياء مثله. نحن الأغلبية.
وقال الساذج: انظروا إلي، لست ساذجاً حقاً بل أتساذج. لكني رئيس وزراء، أم أنتم فلا. يا سيدة شريرة، ويا سيد غبي: لكما من تتعلمان منه.
ماذا يعني ذلك؟ في جلسة الحكومة التي انعقدت الأسبوع الماضي، ولاحقاً في جلسة الكابنيت، انعقدت الحكومة للبحث في موضوع محبوب: اللاسامية في العالم. بطبيعة الأحوال، انتقل البحث إلى اللاسامية في السلطة الفلسطينية. هبّ زئيف وجاء باقتباسات في مجلة “مكور ريشون”.
وزير الداخلية موشيه أربيل، قطع النقاش في سؤال: “هل يمكنني معرفة من أعطى جبريل الرجوب إذن الدخول إلى إسرائيل وزيارة ابنه في المستشفى دون الحديث مع وزير الداخلية؟”.
“وساد الهدوء في الغرفة”، تصف الصحيفة الدراما. “ها هو هذا يحصل مرة أخرى. واحد من عظماء كارهينا يحظى بمعاملة متزلفة ومثنية”.
“من أعطى الأمر”، سأل نتنياهو سؤالاً من ساذج.
جبريل الرجوب ترأس في التسعينيات، سنوات أوسلو، أحد أجهزة الأمن في السلطة الفلسطينية. كان يتحدث عن السلام في تلك السنوات. والأهم أنه وجهازه كانا مجندين للحرب ضد إرهاب حماس. وحسب الشائعات، قتل بعضاً من المخربين شخصياً، بمسدسه. درج زملاؤه في إسرائيل على تسميته جبريئيل ريغف – إلى هذه الدرجة كان واحداً منهم.
في بيتونيا، غربي رام الله، بنى قلعته – مبنى المكاتب الأكثر افتخاراً في “المناطق” [الضفة الغربية]. في أثناء الانتفاضة الثانية، قصف سلاح الجو المبنى ودمره من أساسه.
منذئذ انقلب الرجوب. هو يشتم إسرائيل في كل فرصة ومحفل. من اللحظة التي عين فيها رئيساً لاتحاد كرة القدم الفلسطيني، يفعل كل ما في وسعه لتخريب مكانة إسرائيل في الفيفا.
للرجوب ابن اسمه إبراهيم-رامي. هو ابن 35. منذ وقت غير بعيد، أصيب بانهيار رئوي. كمقيم من شرقي القدس يستحق النزول في أي مستشفى في إسرائيل. وصل إلى “شيبا” في وضع حرج، خُدّر وأجريت له عملية جراحية. بلغت العائلة بأن نجاته ليست مؤكدة. طلب الأب إذن مجيء لوداعه. وصل الطلب إلى طاولة رئيس “الشاباك” رونين بار، ومنسق أعمال الحكومة في “المناطق” اللواء غسان عليان، فأقراه. وصل الرجوب إلى المستشفى، رأى الابن وعاد إلى رام الله. في هذه الأثناء، تحسنت حالته. ربما اليهود أنقذوا حياته.
وزراء الحكومة غضبوا: الوزيرة أوريت ستروك ذكّرت نتنياهو بقرار الكابنيت قبل سنة بتفكيك السلطة الفلسطينية. وقضت بأنه “كان من تجاهل قرار كابنت صريح، وهذه هي النتيجة”. أما وزير الصحة اورئيل بوسو، فاشتكى من أن الرجوب ليس وحيداً. “منسق الأعمال وضابط الطب الرئيس، يدخلان جرحى ومرضى فلسطينيين إلى المستشفيات بدون تنسيق مع المستوى السياسي”.
“لا أفهم كيف يحصل هذا”، قال نتنياهو.
هو يفهم جيداً: المستوى السياسي، أي هو، لا يريد تنسيقاً. إذا ما سألوه فعليه أن يجيب؛ وإذا أجاب فسيكون مسؤولاً عن النتائج. لن يصمد أمام الضغط، لن يصمد أمام العبء. ابتدائي، يا معالي الوزير، ابتدائي.
انعقد الكابنيت بعد بضع ساعات. وانضم الوزير بن غفير إلى المشتكين. “أردت فهم كيف سمحوا للرجوب بالدخول”، طلب. “أنا أيضاً أريد أن أفهم”، قال نتنياهو.
حضر اللواء عليان جلسة الكابنيت. وقال إن الابن كان في وضع حرج. “لست ضد لقاءات وداع بين أب وابن”، قالت ستروك، “لكن لماذا يحصل هذا هنا بالذات؟ فليذهب إلى مستشفى في نابلس”.
“من يقر أموراً كهذه؟” رفع نتنياهو صوته، وحرص وزير الدفاع كاتس: “لم أعرف في الزمن الحقيقي”.
قفزة الرجوب إلى “شيبا” جزء من العلاقات المركبة بين إسرائيل وكبار رجالات السلطة. خطاب السياسيين في الطرفين فتاك، لكن الاحتياجات اليومية تفرض تعلقاً متبادلاً. سلوك إنساني تجاه الطرف الآخر يطفئ الشكوك، وينقذ الحياة، ويستدعي نية طيبة. نعم، الخاوة موجودة والارتباطات أيضاً. والعوض ليس كبيراً. وحتى الأب المكروه يستحق أن يودع ابناً يوشك على الموت.
لماذا أكترث بالرجوب؟ لأنه لا حدود للشر. أولئك الوزراء الذين يهذرون عن زيارة أب إلى المستشفى يغلقون قلبهم أيضاً أمام مصير 58 مخطوفاً وعائلاتهم؛ الوزراء ذاتهم يسعون إلى جر إسرائيل إلى إبادة جماعية لا نعرف كيف نخلص منها، والوزراء إياهم يرسلون بخفة عقل، بالإجماع، جنود الجيش إلى جولة قتال أخرى، مشكوك في جدواها. أوريت ستروك تفهم؛ أما نتنياهو فلا يفهم.