“وول ستريت جورنال”: الإمارات تدفع لهجوم برّي ضدّ “الحوثيين”.. واشنطن توازن خياراتها والسعودية تتحفّظ!
“المدارنت”..
نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال”، تقريرًا أعده بينوا فوكون ونانسي يوسف وصالح البطاطي، قالوا فيه إن الضربات الجوية الأمريكية ضد (ميليشيا) الحوثيين في اليمن شجعت ميليشيات يمنية منافسة للحركة الحوثية، التي تسيطر على العاصمة صنعاء، على التحضير لعملية برية للسيطرة على أراضٍ من الحوثيين.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين يمنيين وأمريكيين قولهم إن الضربات الأمريكية، التي أضعفت الأرصدة العسكرية للحوثيين، تدفع ميليشيات يمنية مسلحة للقيام بهجوم عسكري. وتشعر الفصائل اليمنية بوجود فرصة للإطاحة بالحركة الحوثية، أو على الأقل من مناطق ساحلية على البحر الأحمر تخضع لسيطرتها منذ قرابة عقد.
وقالت الصحيفة إن شركات تعهّد أمني خاصة قدّمت للفصائل اليمنية دعمًا استشاريًا بشأن العملية البرية، وذلك وفقًا لأشخاص على علاقة بالتخطيط للعملية. وذكرت أن الإمارات العربية المتحدة، التي تدعم هذه الفصائل، ناقشت الخطة مع مسؤولين أمريكيين، خلال الأسابيع القليلة الماضية، بحسب ما أفاد به مسؤولون أمريكيون ويمنيون.
وتعلّق الصحيفة بأن الأمريكيين لا يعارضون دعم عملية برية تنفذها قوات محلية، وفقًا للمسؤولين، رغم أنهم أشاروا إلى أن قرار دعم العملية لم يُتخذ بعد. إلا أن النقاشات تدور حول تقوية وتعزيز الجماعات المحلية المسلحة المتحالفة مع الحكومة المعترف بها دوليًا، بهدف استعادة السيطرة الأمنية على البلاد.
ونقلت الصحيفة عن المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، بريان هيوز، الذي تحدّث للصحيفة، الأسبوع الماضي: “في نهاية المطاف، تقع مسؤولية أمن البحر الأحمر على عاتق شركائنا في المنطقة، ونحن نعمل معهم عن كثب لضمان بقاء حركة الملاحة في تلك الممرات المائية آمنة ومفتوحة في المستقبل البعيد”.
وتشمل الخطة، التي لا تزال قيد النقاش، نشر قوات الفصائل المحلية المتمركزة في جنوب البلاد على طول الساحل الغربي لليمن، الذي يسيطر عليه الحوثيون، وستحاول السيطرة على ميناء الحديدة على البحر الأحمر، بحسب مسؤولين يمنيين.
وفي حال نجاح العملية البرية، فإنها قد تُجبر الحوثيين على التراجع عن أجزاء كبيرة من الساحل الذي شنت منه الجماعة، المصنّفة كمنظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة، هجمات على السفن العابرة للمياه القريبة.
وسيمثّل الاستيلاء على الحديدة، إن تم، ضربة قوية للحوثيين، إذ سيحرمهم من شريان اقتصادي حيوي، كما سيقطع الطريق الرئيسي لتلقي الأسلحة من إيران. وتنفي طهران علنًا تزويد الحوثيين بالأسلحة، لكن مفتشي الأمم المتحدة غالبًا ما يربطون شحنات الأسلحة المصادرة بالمنشأ الإيراني.
في المقابل، قال محمد علي الحوثي، أحد مسؤولي الحركة الحوثية، إن الغارات الأمريكية فشلت في إضعاف الحركة، وإن أي هجوم بري سيواجه نفس مصير الحملة الأمريكية. وتذكر الصحيفة أن النقاشات حول دعم عملية برية في اليمن تتزامن مع دراسة إدارة دونالد ترامب تقليص غاراتها الجوية، مع حرص الإدارة على إظهار التزامها بحملات محدودة وتجنب الحروب المستمرة.
وتحذر الصحيفة من أن أي هجوم بري كبير قد يعيد إشعال الحرب الأهلية اليمنية الساكنة منذ سنوات، والتي تسببت في أزمة إنسانية كبرى، عندما دعم تحالف سعودي-إماراتي القوات البرية المحلية بحملة قصف جوي.
وقد بدأت الحركة الحوثية باستهداف السفن في مياه البحر الأحمر بعد الهجوم الإسرائيلي على غزة، ردًا على هجمات حركة “حماس” في 7 تشرين الأول/أكتوبر.
ورغم تشكيل إدارة جو بايدن تحالفًا دوليًا لاستهداف الحوثيين، والحملة التي تنفذها إدارة ترامب حاليًا منفردة، إلا أن ذلك لم يُسفر عن عودة الملاحة التجارية عبر مضيق باب المندب إلى قناة السويس. وتفضّل معظم السفن اتخاذ طريق أطول حول القارة الإفريقية عبر رأس الرجاء الصالح، ثم إلى المحيط الأطلسي والأسواق الأوروبية.
وقد بدأت العملية العسكرية الأمريكية الجديدة ضد الحوثيين في 15 آذار/مارس، وذكرت إدارة ترامب أن الهدف منها حماية المصالح الأمريكية، وردع الأعداء، وإعادة حرية الملاحة البحرية لأحد أكثر المعابر ازدحامًا في العالم.
ومنذ ذلك الحين، شنت الولايات المتحدة 350 غارة، إلا أن القوات الأمريكية لم تُصدر أي تقييم رسمي لأثر هذه الهجمات منذ بدايتها. وقال مسؤولون يمنيون ومراقبون يتابعون الحملة عن كثب إن نتائج الضربات الأمريكية كانت متباينة، مشيرين إلى أن الغارات الجوية وحدها لن تهزم الحوثيين.
ومنذ بدء الغارات، أطلق الحوثيون صواريخ وطائرات مسيّرة باتجاه حاملة الطائرات الأمريكية هاري إس ترومان، المتمركزة في البحر الأحمر، كما استأنفوا هجماتهم على إسرائيل.
وقال مسؤولون أمريكيون إن حاملة طائرات ثانية، مع سفن مرافقة لها، وصلت مؤخرًا إلى المنطقة، ما قد يؤدي على الأرجح إلى تصعيد الضربات لعدة أسابيع أخرى على الأقل.
وأشارت الصحيفة إلى أن الحملة البرية المحتملة، والتي قد تدعمها الولايات المتحدة، تستند إلى دعم سابق قدّمته لائتلاف بقيادة السعودية والإمارات، وشارك فيه 12 بلدًا عربيًا، للإطاحة بالحوثيين من العاصمة صنعاء. إلا أن الحرب الدامية انتهت بهدنة في عام 2022، رغم استمرار صراع منخفض الوتيرة بين الحوثيين وبعض الفصائل المدعومة من السعودية والإمارات.
وأبلغ مسؤولون سعوديون، الداعمون الرئيسيون للحكومة اليمنية، مسؤولين أمريكيين ويمنيين سرًا أنهم لن ينضموا أو يدعموا أي هجوم بري في اليمن مجددًا، خوفًا من هجمات الحوثيين بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، التي طالت مدنًا سعودية في السابق.
ويأتي الحديث عن عملية برية في ظل استئناف المحادثات الأمريكية- الإيرانية بشأن الملف النووي الإيراني، حيث عُقدت جولة أولى في عمان، ومن المتوقع عقد جولة أخرى في روما السبت المقبل.
وقال مسؤولون أمريكيون إن واشنطن تسعى لإدراج دعم طهران لحلفائها الإقليميين، مثل الحوثيين، ضمن المحادثات، لكن هذا الموضوع لم يُطرح في محادثات مسقط، بحسب أشخاص مطّلعين.
في المقابل، تعمل الولايات المتحدة مع وسطاء عرب على خطة لوقف إطلاق النار في حرب غزة، وقد أعلن الحوثيون أنهم سيتوقفون عن مهاجمة السفن في البحر الأحمر إذا توقفت الحرب في غزة.
وقد أمضى الحوثيون سنوات في تخزين وتصنيع الأسلحة، وأخفوها في مغاور جبلية أو مخازن تحت الأرض، حيث أنشأوا مراكز لتجميع الأسلحة وإطلاق الصواريخ.
ومن هذا المنطلق، فإن عملية برية قد تكون ضرورية لضرب البنى التحتية العسكرية التي يصعب استهدافها من الجو.
ونقلت الصحيفة عن وضاح الدبيش، المتحدث باسم “القوات المشتركة” على الساحل الغربي، وهي مجموعة من الميليشيات الموالية للحكومة، قوله: “لقد كنا مستعدين وجاهزين منذ اليوم الأول لتحرير الحديدة وجميع المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، سواء بمشاركة أمريكية أو بدونها”. لكنه أشار إلى أن القرار النهائي يعود إلى الحكومة اليمنية والتحالف العسكري السعودي-الإماراتي الداعم لها.
أما طارق صالح، رئيس “المقاومة الوطنية اليمنية”، فصرّح بأن العمل العسكري هو السبيل الوحيد لإنهاء التهديد الذي يشكّله الحوثيون.
ويرى محمد الباشا، المختص بشؤون الشرق الأوسط والمقيم في الولايات المتحدة، أن الرياض قد تُغيّر موقفها إذا استهدف الحوثيون المملكة مجددًا.
ولم يرد المتحدثون باسم السعودية والإمارات على أسئلة الصحيفة للتعليق.