عربي ودولي

“وول ستريت جورنال”: خطة توزيع الغذاء في غزة إنتهت بموجة قتل للفلسطينيين!

“المدارنت”
نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريرًا أعدّته أنات بيليد، كارولينا جيزناك، وسهى معايعة، جاء فيه أن المحاولة القاصرة والمليئة بالأخطاء لتوصيل المساعدات إلى غزة انتهت بموجة من الموت.

وقالت الصحيفة إن “مؤسسة غزة الإنسانية” أُنشئت بهدف إيصال المساعدات إلى غزة بسرعة، لكنها تورطت في المشكلات بشكل أسرع. وأشارت إلى أن سوء تقدير الإسرائيليين والمتعهدين الأمريكيين للوضع في غزة هو ما أدى إلى أحداث 27 أيار/مايو، حيث تراجع المتعهدون الأمنيون (المرتزقة الأمريكيون) عن مواقعهم، فيما أطلق الجيش الإسرائيلي، الذي يحرص على تأمين المنطقة المحيطة بمراكز توزيع المساعدات في جنوب غزة، النيران.
فبعد عامين تقريبًا من حرب دمّرت كل شيء في غزة، لم يكن الجيش الإسرائيلي، ولا المؤسسة الجديدة، في وضع يسمح لهما بالتعامل مع مجاعة واسعة النطاق.
وأوضحت الصحيفة أن القادة العسكريين الإسرائيليين ألقوا باللوم على المتعهدين الأمريكيين لتراجعهم عن مواقعهم في مركز توزيع رفح، ما سمح للحشود بتدميره، ولم يُعد افتتاحه منذ ذلك الحين. لكن المتحدث باسم الشركة الأمنية “سيف ريتش سوليوشنز” صرّح بأن المتعهدين الأمريكيين، الذين تعاقدت معهم مؤسسة غزة الإنسانية، انسحبوا بناءً على بروتوكول صُمم لحماية الأرواح.
فالشركة الأمنية كانت مسؤولة عن تأمين المساعدات داخل الموقع، بينما يتولى الجيش الإسرائيلي تأمين المنطقة المحيطة به، وهي المنطقة التي وقعت فيها عمليات إطلاق النار.
واشتكى الطرفان من مشكلات تنسيق مستمرة، وبعد مرور أسبوعين على بدء المبادرة، لم يتمكنا من التوصل إلى آلية ناجعة لنجاحها.
وفي الأسبوع الماضي، أطلقت القوات الإسرائيلية النار على فلسطينيين قدموا للحصول على المواد الغذائية، في خمس مناسبات على الأقل. وبرّرت إسرائيل إطلاق النار بالقول إن بعض الأشخاص انحرفوا عن المسار المخصص لهم وواصلوا التقدم نحو القوات. فيما تؤكد السلطات في غزة أن أكثر من 100 فلسطيني قُتلوا أثناء محاولاتهم الحصول على المساعدات.
وقال مسؤول عسكري إسرائيلي إن الجيش والمتعهدين الأمريكيين أجروا تحسينات ميدانية، وتعلموا مما جرى، مضيفًا أن التنسيق مع المتعهدين قد تحسّن.
وأشارت الصحيفة إلى أن مؤسسة غزة الإنسانية، التي أُنشئت مؤخرًا في ولاية ديلاوير الأمريكية في شباط/فبراير، جاءت للعمل في غزة من دون معرفة كافية بالواقع الميداني، بحسب مصادر مطلعة على الخطة.
ويقود المؤسسة حاليًا الإنجيلي جوني مور، وهو مستشار سابق لدونالد ترامب في حملته الانتخابية.
تعمل “مؤسسة غزة الإنسانية” و”سيف ريتش سوليوشنز” عن قرب مع الجيش الإسرائيلي، وتدير مجموعة قليلة من مراكز العمليات في جنوب غزة، والتي يعمل فيها عدد من الأشخاص. ويشرك الجيش الإسرائيلي معلومات أمنية مع الأمريكيين، بما فيها تفاصيل عن عملياته العسكرية في محيط مراكز التوزيع.
وتقول الصحيفة إن الجيش و”غزة الإنسانية” جهّزا أنفسهما للعمل على تقديم مساعدات لمجموعات صغيرة، لا لعشرات الآلاف من الأشخاص الذين جاءوا إلى المراكز.
وخططت “غزة الإنسانية” بدايةً لإنشاء ثلاثة مراكز في جنوب غزة، ورابع في وسطها، ونشرت عددًا من الأشخاص في كل مركز، بمن فيهم غزيّون للمساعدة في توزيع المساعدات. لكن الخطة فشلت، نظرًا لنفاد المخزون من المساعدات وتدفّق الناس بأعداد كبيرة.
وفي بعض الأيام، لا يعمل سوى مركز واحد من المراكز الأربعة. وعندما يفتح أحد المراكز أبوابه، فإنه يعمل لفترة قصيرة جدًا، ولا تتجاوز أحيانًا سوى 45 دقيقة، قبل أن يُغلق بسبب نفاد ما لديه من مواد. وقال الغزيون الذين حاولوا الوصول إلى هذه المراكز إنهم كانوا يذهبون مبكرًا للتأكد من حصولهم على مساعدات قبل أن تنفد. ويزعم الجيش الإسرائيلي ومؤسسة “غزة الإنسانية” أنهما توقّعا حجم الحشود بدقة.
وقال متحدث باسم “سيف ريتش سوليوشنز”: “نعرف أن الحاجة عارمة، وقد جهّزنا أنفسنا بناءً على ذلك، وتوقّعنا أعدادًا أكبر مما نستطيع تقديم خدمات له”.
وعادةً ما يتم التدافع للحصول على المساعدات، وقد تم التخلي عن خطة للتعرف على الوجوه من قبل خبراء في تكنولوجيا البيومترية، لكن تم التخلي عنها في الوقت الحالي بسبب عدم نجاعتها. وتقول “غزة الإنسانية” إنها تقوم بتحسين كفاءتها، وتجرب برنامجًا لتوصيل المواد الإنسانية للناس بدلاً من سفرهم لمسافات بعيدة إلى المراكز المحددة.
وتخطط لافتتاح مراكز أخرى، وأقامت ممرات خاصة بالأطفال والنساء للحصول على المواد الإنسانية. وبلغ مجموع ما وزّعته المؤسسة حتى الآن 232,800 طرد، حسب قولها.
وتقول الصحيفة إن متعهدين أمريكيين، ومعظمهم عناصر سابقة في القوات الخاصة الأمريكية، وصلوا بالمئات، في الأسابيع الماضية، إلى إسرائيل، حيث يتلقى المتعهد أجرًا يوميًا بـ1,000 دولار ويوم إجازة، حسب أشخاص على معرفة بالخطط. ويقيمون في عدة فنادق بجنوب إسرائيل، وقد رسم العديد منهم وشمًا على أذرعهم وأرجلهم، ويرتدون قبعات بيسبول ونظارات شمسية.
وفي فندق بمدينة عسقلان، جنوب إسرائيل، الأسبوع الماضي، شوهد بعض المتعهدين يحملون ثلاجات صغيرة وأواني طهي أرز إلى غرفهم. ويشتكي سكان غزة من سوء التواصل مع “غزة الإنسانية” والجيش الإسرائيلي، حيث عادةً ما تتغير ساعات العمل ويُعلن عنها في اللحظات الأخيرة على صفحة المؤسسة على فيسبوك، التي أُطلقت في 28 أيار/مايو. وكتب معلّقون غاضبون على صفحة المؤسسة: “مصداقية صفر. قلتم هذا الصباح إن نتساريم يبدأ في السادسة صباحًا، ثم في 4:30 مساءً قلتم انتهى التوزيع”.
وقال عبد الله جودة، 24 عامًا، الذي زار مواقع توزيع في رفح، خلال الأيام الأخيرة: “أحيانًا يطلبون منا العودة، ويخبروننا بأنه لن تكون هناك مساعدات اليوم. ثم بعد ساعتين يفتحون”. وأضاف أنه تعرّض لإطلاق نار أثناء توجهه إلى موقع توزيع في رفح، في الأول من حزيران/يونيو، وكان شاهدًا على مقتل شخص كان بجانبه.
واتسمت المبادرة بالخلافات الداخلية، حيث استقال مدير مؤسسة “غزة الإنسانية” من منصبه لأنه، بحسب ما قال، سيخالف مبادئ الحيادية والعمل الإنساني. كما اعتذرت مجموعة “بوسطن”، التي ساهمت في تقديم الاستشارة لخطة التوزيع، وقطعت علاقاتها مع شريكين بعدما أجرت تحقيقًا داخليًا. كما رفضت المؤسسات الإنسانية التعاون مع المبادرة، قائلة إنها تعرض حياة الفلسطينيين للخطر.
وتزعم الصحيفة أن تهديدات “حماس” عرقلت عمل مؤسسة “غزة الإنسانية”، وهو ما تراه إسرائيل نجاحًا في منع الحركة من الحصول على المساعدات، وهو ما تنفيه الحركة.
وتقول الصحيفة إن المتعهدين الأمنيين محبطون أيضًا. وتقول “سيف ريتش سوليوشنز” إن الولايات المتحدة وقطر استعانتا بالبداية بشركة لحراسة ممر نتساريم خلال فترة وقف إطلاق النار في كانون الثاني/يناير، لكن عقود الموظفين لم تُمدد كما كان متوقعًا بعد خرق إسرائيل وقف إطلاق النار واستئنافها للقتال في منتصف آذار/مارس. ترك هذا الشركة في حالة من عدم اليقين لأسابيع، ما دفع العديد من الموظفين إلى العودة إلى الولايات المتحدة، وفقًا لأحد الموظفين الذين تم تعيينهم في “سيف ريتش سوليوشنز”. وعندما علمت الشركة الأخيرة، أثناء الربيع، بوجود عقد مع مؤسسة “غزة الإنسانية”، لم يكن لديها سوى عدة أسابيع لتوظيف متعهدين.

المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى