مقالات

“يديعوت أحرونوت”: “لن ننسى ولن نغفر”.. محاولة صبيانية خطيرة للتغلب على إهانة 7 “أكتوبر” باعثة للشفقة!

“المدارنت”..
كان من أبرز جملة الثمار الفجّة التي نبتت في الخطاب الإسرائيلي: “المعركة على الوعي”، ليس لأنه لا أهمية لمفاهيم كالوعي والرواية وما شابه، بل لأن الانشغال المهووس به جعلته أداة في الأيادي الأقل كفاءة لذلك. والنتيجة أنه بدلاً من الانتصار فيها، باتت “المعركة على الوعي” لا تنتج إلا ترهات فارغة (في أفضل الأحوال)، بل وتلحق ضرراً حقيقياً (في أسوأ الأحوال ولشدة الأسف القائم فيها).
قمصان الوداع التي طبعتها مصلحة السجون للمخربين، وعليها نجمة داود وشعار “لن ننسى ولن نغفر” بالعربية هي مثل كلاسيكي. “نريد أن نثبت رواية الوعي”، قال مصدر في مصلحة السجون، وهو جهاز يفترض أن تكون خبراته ومسؤولياته هي إدارة السجون وليس الحرب النفسية على المستوى الوطني. لكن مأمور السجون قرر أنه مسؤول أيضاً عن إطلاق الرسائل في الفترة الأكثر حساسية، التي قد تكون حيال منظمة إرهاب إجرامية ووحشية، ولا يزال لديها مخطوفون في الأسر، ومن يدري أي إهانة تنتظرهم؛ لأن الفريق سجون كوبي يعقوبي، واثق أنه عبقري تسويقي. من جهة أخرى، نتفهم: لا يضيره شخصياً أن يخرج “رجل” أمام الجمهور الغاضب في الوقت الذي هو نفسه مشبوه جنائياً.
غير أنه فضلاً عن الموضوع الصغير المتعلق بالتداعيات الحقيقية لأفعال رمزية بهذا القدر من الصبيانية، فإن الإهانة للذكاء تصرخ إلى السماء. حاولت مصلحة السجون أن تشرح بأن القمصان تشكل “رسالة دولة، نحذر المخربين بموجبها انطلاقاً من القوة بخلاف ما كان في المحرقة”. لا حاجة للمرء أن يكون متديناً كي يتوجه إلى الرب ويستجديه لمساعدة من نجح في الربط بين تحرير مخربين في اتفاق سياسي، وإظهار “قوة”، وبالطبع ذكر المحرقة. من حظنا أنه لم يزج الفالنتاين أيضاً.
بافتراض غير مسنود بأن الجمهور في أرجاء العالم لن يزيغ بصره تماماً عن المشهد إن لم نقل سيسأل نفسه لماذا تشعر إسرائيل بواجب خلق توازن بين المعاملة الصادمة من منظمة إرهاب لمواطنين اختطفوا من بيوتهم وبين مخربين حبسوا في دولة قانون وحظوا بشروط متبعة في دولة قانون، واضح أن هدف الفعل آنف الذكر هو الجمهور في إسرائيل. وهناك، كما تفكر مصلحة السجون، سيشعرون بفخر وراحة أكبر قليلاً من المعرفة بأن قتلة سافلين وإن كانوا سيخرجون من السجن عقب قصور لا يصدق، لكنهم على الأقل فعلوا هذا وهم يرتدون قمصاناً مكتوباً عليها شيء ما بالعربية. أي قول يبدو مصداقاً وناجعاً كمنشورات مصلحة السجون السخيفة، حيث المصلحة الهامة والخطيرة هذه أيضاً، التي تنطوي على احتكاك يومي مع أسوأ بني البشر تبدو كمخيم صيفي غير ضار.
ما تحقق حقاً في هذه الخطوة هو تعزيز الميل المقلق الذي تتطلع إليه إسرائيل الرسمية لأن “تتحدث بالعربية” حسب “قوانين الحارة”، وتعبر عن هذا بسلسلة من الأقوال والأفعال: بعضها قد يخرج إسرائيل من أسرة الشعوب، وأخرى تبقي طعماً مريراً من محاولة عقيمة بل ومشفقة للتغلب على إهانة 7 أكتوبر. أما النتيجة فكفيلة بأن تكون خسارة مزدوجة: في “المعركة على الوعي” وكذا في المعركة الأهم بكثير – على ما يفترض بدولة إسرائيل أن تمثله.

المصدر: عيناب شيف/ “يديعوت أحرونوت” العبرية
المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى