$17،000 دين برقبة كل لبناني و”الحبل عالجرّار”
وفي محاولة لمساعدة المواطن العادي على فهم وضع وحجم المديونية، نشير الى أن الدين العام بلغ صفر، نعم صفر عشية اندلاع الحرب الأهلية عام 1975. و في نهاية الحرب، عام 1993، وصل حجم الدين الى 3.9 مليار دولار فقط.
وفي مقاربة أخرى، نحتسب مبلغ الدين المتوجّب على كل لبناني، على… أساس تعداد سكاني يصل الى 5 ملايين، فنجد 17،000 دولار دين برقبة كل لبناني. و لو وزّعنا خدمة دين العام الحالي على اللبنانيين، لبلغت متوجّبات كل لبناني 1200 دولار.
هذا، ويصعب فعلياً احتساب مديونية لبنان، نتيجة التباسات منهجية و محاسبية، يرى فيها البعض مسعى مقصود لاخفاء الحجم الحقيقي للدين العام، الذي يصل الى أكثر من 116 مليار دولار في نهاية 2018 على ما يقولون.
أما الالتباس الاول، فيتعلق بكيفية احتساب الدين الحكومي، حسب سندات الخزينة. فبالارقام الرسمية، تحتسب وزارة المالية القيمة الإسمية لسندات الخزينة وقت إصدارها، وبدون الفوائد المترتبة عليها. لكن بمجرد الإصدار، تصبح فوائد السندات دين مترتب عليها، علماً أن قيمة السندات بعد الإصدار تتغيّر حسب تقييم الأسواق المالية لها. و حسب بعض المصادر، فان احتساب الفوائد يزيد حوالي 26 مليار دولار على مديونية نهاية العام 2017 التي بلغت 79.5 مليار دولار. وبذلك تكون القيمة الحقيقية للدين الغام 106 مليار دولار في نهاية 2017.
كما يعتري أرقام المديونية التباس اصطلاحي ،يتعلق بالتمييز ما بين الدين الحكومي والدين العام. فالارقام الرسمية تساوي بين الاثنين و تعتبرهم واحد.
لكن المتعارف عليه هو أن الدين الحكومي ينتج عن تراكم عجز الموازنة الحكومية بسبب الإنفاق، الذي يزيد عن الإيرادات. أما الدين العام فيتشكل من الدين الخكومي ودين المؤسسات المالية العامة، ودين المؤسسات الغير مالية العامة.
ويبرز في خانة المؤسسات المالية العامة مصرف لبنان، الذي لا ينشر أرقاماً واضحة عن حجم مديونيته. هذا وقد أورد الصحافي الاقتصادي توفيق كاسبار تقديراً لمديونية مصرف لبنان، التي بلغت 51 مليار دولار في العام 2014. و بناءاً على هذا التقدير، بلغ حجم الدين العام 102 مليار دولار في 2014.
وهكذا يضيع المواطن بين هذا الرقم وذاك والآخر، في معمعة أرقام لا ترحم المتخصّص، فكيف بالمواطن العادي. ومهما يكن من أمر الارقام، فإننا نرى إن حجم المديونية العامة بتأثيراتها العملية ومفاعيلها الواقعية على الارض، تزيد عن الرقم الرسمي المعلن، وقد تتجاوز 100 مليار دولار. وبالتالي، فإن نسبة الدين الى الناتج المحلّي الإجمالي تقترب من 200 بالمئة. يبقى على المواطن سؤال مسؤوليه: أين ذهبت الأموال.