82% مع طرد الغزيّين.. نحن شعب مريض.. حتى مورغان كشف عن عورتنا!
“المدارنت”
تقاطع أحداث مثير للاشمئزاز. ما تفعله “إسرائيل” في غزة من تدمير شامل، والموكب السنوي لبهائم في يوم القدس، والفتك بسائقي الحافلات العرب من قبل مشجعي بيتار القدس… كل ذلك يدل على أن اليهودية تمر بأزمة عميقة. القصد هنا ليس اليهودية كدين، بل وجهة نظر إنسانية وأخلاق شخصية واجتماعية.
التوثيق الذي يتدفق من المنطقة المنكوبة، غزة والمناطق المحتلة، ومن إسرائيل التي تتفكك من الداخل، تسيء لسمعتها في العالم. كثير من الشخصيات البارزة في السياسة والإعلام الغربي تتخلى عن خوفها من قول ما هو واضح للعيان. وثمة شخصيات يهودية بارزة تحاول إبعاد نفسها عن الدولة التي أنشئت كملاذ لأبناء شعبها.
نجد النموذج التمثيلي في إعلامي يحظى بشرعية، وهو بيرس مورغان، الذي دعم إسرائيل من دون تحفظ منذ بداية الحرب. المقابلة، التي وضع فيها السفيرة الإسرائيلية في بريطانيا، تسيبي حوطوبلي في الزاوية، وأجبرها على الاعتراف بأن “إسرائيل أعلنت عن تدمير ممنهج للمباني والمناطق، وقتل الأطفال أيضاً”، هذه المقابلة وصلت إلى قنوات التيار العام.
لكن ليس هجومه الشديد على حوطوبلي أو الاشمئزاز الذي أثارته فيه هو الذي يجب التركيز عليه، بل اللحظة التي قالت له فيها بأن الأمر يتعلق بفرية، لكنه لم يرتدع.
منذ فترة غير بعيدة، الخوف من الاتهام باللاسامية أسكت الأشخاص، لكن كما قال الصحافي اليهودي – الأمريكي غالن غرينفيلد، لا أحد يتجمد من الخوف عندما تصرخ إسرائيل “فرية”. هذا المفهوم فقد زبانته بسبب استخدامه الزائد. صور لأطفال جرحى وجثث مرفقة بمقال “إسرائيل تدافع عن نفسها مرة أخرى في هذا الصباح”، هي تعبير آخر عن الاستخفاف ببلاغة إسرائيل السائدة، التي تآكلت فائدتها. لم يعد الناس يشترون الادعاء القائل بأن تدمير غزة بلا حدود ينطبق عليه قول “لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها”.
ليس لوسائل الإعلام الأجنبية سبب يجعلها في حالة رضا عن النفس. فقد أظهرت عدم الشجاعة خشية اتهامها بتغطية أحادية الجانب إلى أن استيقظت. في الحقيقة، منعت إسرائيل دخول المراسلين الأجانب إلى قطاع غزة، لكن لم يتم استخدام تقارير المراسلين المحليين بالشكل المطلوب، ربما شككوا في مصداقيتهم، لكن في كل الحالات لم ينشروا قتل إسرائيل لأكثر من 150 مراسلاً في غزة. وحسب “فورن افيرز”، عندما يدور الحديث عن المراسلين فهذه هي الحرب الأكثر دموية.
إسرائيل لا تغض النظر فحسب، بل تغطي عيون المواطنين برعاية القانون. فالشرطة في عكا منعت المتظاهرين من رفع صور لأطفال قتلتهم إسرائيل في غزة، بينهم الإخوة التسعة، الذين قتلوا في خان يونس. ضابط الشرطة قال للمنظمين بأن رفع الصور “تحريض قومي متطرف”، ويعتبر جريمة جنائية. في الوقت الذي يتقلب فيه جورج أورويل في قبره، علينا الاستيعاب بأن الحقيقة غير قانونية في إسرائيل، لأنها قد تثير أحاسيس مناوئة للوطنية.
هدف الحرب هو تدمير أي إمكانية للعيش في غزة، لإجبار السكان على المغادرة. يجب القول عالياً بأن تدمير غزة تدمير لروحنا. لم يبق لنا أي ذخر أخلاقي. وحتى لو تم إسقاط الحكومة فلا يمكن القول بأن كل ذلك كان خلافاً لرغبة الشعب. 82 في المئة من اليهود يؤيدون طرد سكان غزة. المسيحانية والكهانيون الذين كانوا منبوذين في السابق، هم الآن التعبير الواسع عن روح الانتقام والكراهية العمياء التي جرت الأغلبية الساحقة. حتى رجال الوسط الواسع الذين هم العمود الفقري لليبرالية في جسد الدولة اليهودية، مصابون بذلك. نحن مريضون جداً.