أكثر من 85% من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان يعانون من البطالة
“المدارنت”..
كشف تقرير أصدرته المؤسسة الفلسطينية لحقوق الانسان “شاهد”، أنّ من 80 إلى 85% من اللاجئين الفلسطينيين داخل المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان، يعانون من البطالة، جراء العوامل التي فرضها الانهيار الاقتصادي اللبناني، وما يعانيه اللاجئ الفلسطيني من حرمانه من حق العمل وحقوقه المدنية.
وربطت أسباب ارتفاع نسب البطالة خلال الأعوام الأخيرة، بعوامل عدة، أبرزها استمرار وضع قيود على عمل الفلسطينيين في لبنان، فضلاً عن قانون التملّك الذي يحرم اللاجئين من الاستملاك خارج المخيم، ما جعل المخيمات ملاذاً للفلسطينيين.
وأشارت إلى “ضعف الدعم من قبل المنظمات غير الحكومية، وهو ما حال دون بناء مشاريع إنتاجية تخلق فرص عمل، وأن الدعم ولسنوات طويلة لم يتجاوز فكرة الإغاثة البسيطة من دون الوصول إلى فكرة الدعم الحقيقي، الذي من شأنه خلق فرص عمل للسكان المحليين وإكسابهم مهارات تؤهلهم الانخراط في سوق العمل”.
ولفتت الى ان “عدد المستفيدين من مشاريع المنظمات غير الحكومية، تبقى محصورة ضمن عدد متواضع، إضافة الى مشكلالت أخرى تطال الشفافية والعدالة في الاختيار من قبل المعنيين وبعض الفاعلين في المجتمع المحلي”.
وقالت “شاهد”: “إنّ الأزمة الاقتصادية اللبنانية وصولاً لانهيار سعر الصرف أدت إلى مشكلات بنيوية في المجتمع اللبناني، بدأت بتدهور القيمة الشرائية للمواطن، وإغلاق المئات من المؤسسات، ما أدّى الى فقدان آلاف اللاجئين الفلسطينيين أعمالهم وأغلقت العديد من المصالح التجارية، وترافق ذلك مع أزمة كورونا والإغلاق العام خلال العامين 202- 2021”.
وأشارت إلى “طبيعة الأعمال التي يمتهنها سكان بعض المخيمات، وخصوصاً مخيمات صور، التي تدهورت وتراجعت، وأهمها الزراعة، حيث أصبح الدخل اليومي للمزارع الفلسطيني لا يتعدى الدولار الواحد، وفي كثير من الحالات لم يعد العمل بالزراعة ذات جدوى، بخاصة أن البذور والأسمدة تسعّر بالدولار ولم يعد العامل يستطيع الوصول إلى مكان عمله في حال كانت الأرض التي يعمل بها خارج المخيم في البساتين المحيطة بالمخيمات (سعر صفيحة البنزين 20 دولار أمريكي)”.
وتابعت “شاهد”: “إن الكثير من اللاجئين يعمل بمهن موسمية، لا تؤمن له الحد الأدنى من مقومات الحياة، بحيث تنتشر البطالة الموسمية والمقنعة، التي ضاعفت من نكباتهم وأفقدتهم الأمل في حياة كريمة، وجعلت بعضهم ضحايا مراكب الموت أو ضحايا عالم المخدرات القاتم، أو حولتهم إلى مطلوبين للأجهزة الأمنية اللبنانية نتيجة إطلاق نار أو الانجرار إلى مشاكل عبثية تهدر الأرواح”.
وذكرت أن “نسب البطالة في ازدياد سريع، حسبما تظهره نتائج المسح الاجتماعي التي تجريها بعض المؤسسات، وأن جزءاً وافراً وكبيراً من العاطلين عن العمل، هم جامعيون أو حاصلون على شهادات مهنية وجلهم في عمر الشباب، وأن نتشار دكاكين “الإكسبرس” (بيع القهوة) كوسيلة للكسب، طرقت مخيم برج الشمالي كمثال، حيث بات يضمّ 63 دكان “اكسبرس” في حين لا تتعدى مساحة المخيم 140 دونماً”.
وحذرت “شاهد” من “النتائج الكارثية التي تترتب على ارتفاع نسب البطالة، وتتضمن آثاراً اجتماعية على الفرد والمجتمع، وتشمل الضيق المالي الشديد والفقر والديون والتشرد وضغوط السكن والتفكك الأسري، وتآكل الثقة بالنفس واحترام الذات، كما وتؤدي الى تفكك المجتمع وانحلاله وتدهوره من خلال زيادة السلوك الإجرامي في المجتمع وتأخر سن الزواج بالنسبة للشباب وما ينتج عنه من تأثير على فئات المجتمع العمرية، وتدفع باتجاه الهجرة، حيث يضطر الكثير من الشباب للسفر وبطرق غير مشروعة، للبحث عن عمل خارج البلاد، مما يجعلهم ضحايا مراكب الموت، إضافة إلى انتشار أمراض نفسية تصل الى العزلة والاكتئاب وقد يصل بالبعض إلى الانتحار”.
ودعت إلى “حلول عاجلة ومنها الضغط المستمر على إدارة وكالة أونروا، وتحميلها المسؤوليات القانونية عن اللاجئين وحياتهم وحثها على خلق فرص عمل جديدة وملء الشواغر بعدالة مهنية، وتوسيع دائرة المستفيدين من برنامج العسر الشديد”، مطالبة بـ”إتاحة المجال أمام اللاجئين للحصول على قروض للمشاريع الصغيرة ميسرة الدفع، واستحداث مشاريع إنتاجية داخل المخيمات تتيح العمل خاصة للفئات المهمشة مثل النساء من معامل خياطة ومطابخ وغيرها”.
وحملّت “شاهد”، “المسؤولية للجميع، فيما يخص تشكيل لوبي ضاغط على الدولة اللبنانية وتحريك الرأي المساند من أجل إجراء تعديلات حقيقية على القيود الموضوعة على عمل الفلسطيني، وطمأنة المجتمع اللبناني إلى الفوائد الاقتصادية التي ستحصل على المجتمعين اللبناني والفلسطيني، جراء الزخم الإنتاجي وتحريك العجلة الاقتصادية ولشراء رأس المال الفلسطيني وقوننة عمله“، داعية إلى “حثّ رجال الأعمال الفلسطينيين والمغتربين على استثمار أموالهم في مشاريع إنتاجية تعود بالنفع عليهم وعلى مجتمعاتهم. وخلق أطر مهنية جامعة داخل المخيمات تتابع أمور المنطوين فيها وتسعى للحفاظ على مكتسباتهم”.
والجدير بالذكر، أن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، كانت قد أصدرت أرقاماً حول نسب البطالة عام 2019، أشارت إلى أنّ 65% من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، يعانون من البطالة، ما يشير إلى ارتفاع النسب بشكل كبير خلال 4 سنوات.