حَجْر هوية في الحَجْر المنزلي!
خاص “المدارنت”..
وأنا أعيد ترتيب مكتبتي بالحجر المنزلي، حملت كتاباً ثقيلاً، أنيق الغلاف من جزأين، وهنا ما كنت أفكر فيه في هذه اللحظات:
منذ 4 أو 5 سنوات فقط، شهدت حياتي عملية استغلال رجال دين ومشايخ، لتأليف دليل تدريبي حول القيم الدينية، وبناء المواطنة الفاعلة، استغرق إعداده ثلاث سنوات، حيث أخفي اسمي من الظهور في الدليل، وما رافقه من كلمات ذوي المقامات الرفيعة والمراتب العالية، ولا ما تبعه من مقالات الصحافة المطبّلة والمزمّرة لحدث الافتتاح الضخم، لإطلاق الدليل!
ولكن للأمانة، أقول: تمّ شكري والثناء على جهودي، بتنويه من عريف الحفل بذكر اسمي بين الكلمات والمداخلات، فكان مروره وكأنه “حسكة صغيرة” عابرة خلال وجبة دسمة، لا تستحق التوقف عندها اكثر من لحظة وجيزة من أجل التخلص منها.
ثم كانت الاستراحة، وتناول القهوة والعصائر، حيث تناوب على مصافحة يديّ بل وتناول ساعديّ، والتربيت على كتفي حشد من ذوي اللحى والعمائم المتنوعة، والبذلات الفخمة، من اصحاب الغبطة والمعالي والجلالة والفخامة والنيافة والقيافة والنظافة، وأغلبهم لا أعرف اسماءهم، إنما يعرفون اسمي جيدا طوال ثلاث سنوات خَلت.
عَلت ثغري ابتسامة مرارة، وأنا ألزم نفسي بأن أستبشر خيراً، فأقول: الحمد لله مظلوما ولست بظالم، ولي حق في جنة مأواكم، على اختلاف مشاربكم واديانكم، وسأطلب حقي من عيونكم، ومن لفاتكم وعمائمكم وذقونكم ذوات اللحى الكثة والمحنجلة والمقلمة.
توقفت عن ترتيب المكتبة لاحتسي فنجان قهوة، وأبتلع دخان سيجارتي، وذلك قسراً، قبل ان تصل يداي إلى دليل آخر حول مهارات الحياة والمواطنة، حيث حكايتي قد تجددت بنفس التفصيل، وعنف الاخفاء من باب الاستغلال، وما أزال أعاني آثارها في المسار المهني، إنما هذه المرّة كانت باسم المجتمع المدني و”اللاعنف”، وصديق ذي ذقن حليقة، لم أواجهه بحقيقة ألمي وخيبة أملي، حرصا مِنّي على مشاعره.
لا أقصد الإهانة او التهجّم على أي شخص، ذي لقب او ذي مقام، وإن كان قد شعر أحدهم أو فهم بأن هذا المقال يمسّه بشكل مباشر او غير مباشر، فليعذرني لطفاً، لأني لست في معرض الحديث عنه، انما هو حديث مع نفسي ولكن بصوت مسموع.
لكم قيمكم، ولي قيمي، وقد أسامحكم، لكنكم تدركون ما تفعلون، وهنيئاً لكم جنّة المسعى!
=======================