ألف يوم على الحرب الروسية/ الأوكرانية!
المدارنت”..
مرور ألف يوم على بدء الحرب الروسية – الأوكرانية، أطل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على مواطنيه معترفاً بصعوبة الوضع الميداني في شرق أوكرانيا، مؤكداً أن كييف يجب أن تفعل كل ما في وسعها لضمان انتهاء الحرب العام المقبل «من خلال الدبلوماسية».
هذا الاعتراف المتأخر «بصعوبة الوضع» وبالعمل على إنهاء الحرب من خلال المفاوضات لم يكن نتيجة قناعة منه بأن اللجوء إلى المفاوضات هو الحل، بل لأنه شعر بأن التحالف الغربي لدعم بلاده يتآكل، وأن هناك إدارة أمريكية جديدة أعلنت أنها ستعمل على إنهاء الحرب، ولن تقدم المزيد من الدعم لكييف.
وإذا جرت المفاوضات العام المقبل وتم التوصل إلى حل فإن زيلينسكي يكون قد تأخر عامين عن اتخاذ هذه الخطوة، وكان وفر على بلاده وجيشه وشعبه كل مآسي الحرب وكوارثها، إذ كانت هناك فرصة مواتية في إبريل/ نيسان عام 2022 لإبرام صفقة بين روسيا وكييف من خلال مفاوضات جرت بين الجانبين في بيلاوروسيا وتركيا، تم خلالها التوصل إلى مسودة اتفاق، لكن الرئيس الأوكراني تراجع عنها تحت ضغط غربي، وخصوصاً من جانب رئيس الوزراء البريطاني الأسبق بوريس جونسون كي يواصل الحرب لإلحاق «هزيمة استراتيجية بروسيا»، مع وعد بدعم غربي متواصل عسكرياً ومالياً.
ما استجد ميدانياً وسياسياً مذ ذاك أدى إلى نتائج عكسية، فلم يعد الدعم الغربي على حاله، ولا الموقف السياسي ظل متماسكاً، ولا الوضع الميداني على الجبهات في صالح القوات الأوكرانية، حيث تكسب القوات الروسية المزيد من الأرض، عدا أن الرهان على الولايات المتحدة في عهد الإدارة الجديدة في حالة عدم اليقين.
وكانت مبادرة المستشار الألماني أولاف شولتس الاتصال بالرئيس الروسي بوتين قبل أيام، وذلك لأول مرة منذ عامين، مؤشراً على انقلاب في المزاج الألماني خصوصاً والأوروبي عموماً إزاء الحرب الأوكرانية، وبداية وعي بفشل أهداف الحرب، حيث أكد بوتين «ضرورة أن يأخذ الغرب مصالح روسيا الأمنية في الاعتبار ويزيل الأسباب الجذرية للصراع»، مشدداً على أن الجانب الروسي «لم يرفض أبداً استئناف المفاوضات».
أمام هذا الواقع المستجد فإن المفاوضات إذا تمت فإنها سوف تستند إلى ما تم إنجازه في المفاوضات قبل عامين، على أمل أن يتمكن زيلينسكي من تحسين شروط الحل من خلال مشاركة الدول الغربية في المفاوضات، وهو ما أشار إليه بقوله «إن ذلك ممكن إذا لم تكن أوكرانيا وحدها مع روسيا، وإذا كانت قوية.. وإلا فإن أوكرانيا ستكون الخاسرة في هذه المفاوضات».
هناك تعارض بين الموقفين الروسي والأوكراني، إذ إن الأخيرة ترفض التنازل عن مناطق في شرق البلاد، وعن شبه جزيرة القرم، في حين أن روسيا التي ضمت القرم عام 2014 تعتبرها جزءاً من أراضيها، وكذلك مقاطعات دونيتسك وزابورجيا ولوغانسك التي تسيطر عليها القوات الروسية الآن ذات الأكثرية من أصول روسية.
لكن في حال دخول زيلينسكي المفاوضات لن يكون في موقف مَن يُملي الشروط، وحسب معظم المحللين الغربيين فإن أي حل يجب أن يضع في الاعتبار الهواجس الروسية، ومنها إعلان حياد أوكرانيا، وعدم انضمامها إلى حلف «الناتو» مع ضمانات دولية، واعتبار شبه جزيرة القرم أرضاً روسية، أما المقاطعات الشرقية لأوكرانيا فيمكن أن تخضع لتنازلات في إطار اتفاقات هلسنكي، أو أن تكون جزءاً من أوكرانيا المحايدة.
بانتظار العام الجديد وما يحمله من جديد، وما إذا كانت الأوضاع الدولية قد مهدت الأرض للمفاوضات ووضع نهاية للحرب الأوكرانية.