أمّـة “إقـرأ”.. لا تـقـرأ !
//المدارنت//… من دون الدخول في جدلية مناقشة فوائد القراءة وأهميتها في حياة الأفراد والمجتمعات والشعوب والأمم، ودورها في الرقي الحضاري للأمم، فإن كل المؤشرات التنموية والاحصائيات الصادرة من قبل المنظمات المحلية والإقليمية والدولية حول القراءة في عالمنا العربي، تؤكد بأننا كأمة في أسفل السلم بين الأمم الأخرى، إن لم تكن في آخرها في بعض الحالات والجوانب المتصلة بعملية القراءة ومتطلباتها.
ومن دون الدخول في جدلية الأسباب والعوامل التي أدت إلى ذلك كله، فإن إحدى الإحصائيات المرتبطة بذلك تقول :”شهدت معدلات القراءة وإنتاج الكتب ونسخها وتداولها في الوطن العربي، حالة من التراجع خلال العقود الأخيرة، فوفقاً لتقرير التنمية الثقافية للعام 2011 الصادر عن «مؤسسة الفكر العربي» وتقرير «التنمية البشرية» للعام 2012 والصادر عن «اليونسكو»، فإن الأرقام مُحبطة، وتتجلّى في معدلات الطباعة والقراءة، ما قد يتسبب في اضطراب علاقة الجيل الجديد بثقافة القراءة، وتحديداً باللغة العربية، التي هي واحدة من أغنى لغات العالم وأكثرها ثراء، وعلى مدار قرون طويلة متتابعة، أنتجت ميراثاً ثقافياً وإبداعياً كبيراً ومتميّزاً.
757 مليون أمّي عالمياً، بينهم 100 مليون عربي.
كل 80 مواطناً عربياً يقرأون كتاباً واحداً في السنة. في المقابل، يقرأ المواطن الأوروبي نحو 35 كتاباً في السنة، يأتي دافع القراءة للترفيه أولاً بالنسبة للدول العربية بنسبة 46 %، بينما لا يبلغ دافع التماس المعلومات إلا 26 % فقط.
العربي يقرأ بمعدل 6 دقائق سنوياً، بينما يقرأ الأوروبي بمعدّل 200 ساعة سنوياً.
معدل النشر في الدول العربية سنوياً حوالي 6500 كتاب، بينما يصل 102000 كتاب في أميركا الشمالية، و42000 كتاب في أميركا اللاتينية والكاريبي.
إصدارات كتب الثقافة العامة في العالم العربي لا تتجاوز الـ5000 عنوان سنوياً، وفي أميركا حوالي 300 ألف كتاب.
النسخ المطبوعة من كل كتاب عربي تقارب 1000 أو 2000 وفي أميركا 50 ألف نسخة.
يُترجَم سنوياً في العالم العربي خُمس ما يُترجَم في دولة اليونان الصغيرة، والحصيلة الكلية لما تُرجم إلى العربية منذ عصر الخليفة العبّاسي المأمون إلى العصر الحالي، تقارب الـ10000 كتاب، وهذا العدد يساوي ما تترجمه إسبانيا في سنة واحدة.
في النصف الأول من ثمانينيات القرن العشرين، كان متوسط الكتب المترجمة لكل مليون مواطن عربي، على مدى خمس سنوات، هو 4.4 كتب (أقل من كتاب لكل مليون عربي في السنة)، وفي هنغاريا كان الرقم 519 كتاباً لكل مليون، وفي إسبانيا 920 كتاباً لكل مليون.
تبلغ مبيعات الكتب إجمالاً في كل أنحاء العالم 88 مليار دولار، وفي الولايات المتحدة الأميركية 30 مليار دولار و10 مليارات دولار في اليابان، و9 مليارات دولار في بريطانيا، ويصل نصيب العالم العربي 1% من الرقم الإجمالي للمبيعات.
ناهيك عن نوعية ما يقرأ وينشر ويترجم وكيفيته. وعليه: ووفقاً لذلك، إن المجتمعات والشعوب والأمم التي يكون عدد القراء ضئيلا بالنسبة لعدد السكان فيها، تعتبر متخلفة وجاهلة والعكس صحيح، إذ أن العلاقة بين التخلف والجهل فيها وبين عدد القراء من سكانها علاقة عكسية، فكلما قل عددهم زادت ظاهرة انتشار التخلف والجهل فيها وتعمقت وتجذرت، وهكذا في المجتمعات والشعوب والأمم المتحضرة والمتقدمة، إذ نجد بأن عدد القراء فيها بالنسبة لعدد سكانها يكون كبيرا جدا مقارنة مع تلك المجتمعات والشعوب والأمم المتخلفة والجاهلة.
بمعنى آخر أعمّ وأشمل ومختصر: إن مؤشر عدد القراء في أوساط المجتمعات والشعوب، هو من ضمن المحددات والمؤشرات الرئيسية لتخلفها وجهلها، وكذلك لتحضرها وتقدمها.
الخلاصة: قال تعالى في كتابه الكريم: “إقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)…إلخ ) صدق الله العظيم.
ترى أين نحن كأمة، أفرادا ومجتمعاتا وشعوبا من هذا الأمر الإلهي الملزم لنا جميعا؟!