“إسرائيل” تتوسع في غزّة ولبنان وسوريا وتتعفّن داخلياً..
“المدارنت”..
أصبحت “إسرائيل” تشبه شبكة السوبرماركت التي تدهورها إدارتها الفاشلة نحو الهاوية، ولكنها تواصل وتفتح المزيد من الفروع، وتبث بأن كل شيء على ما يرام. ليس كل شيء على ما يرام، بل هي أقوى من أي وقت مضى. تحقيقات الجيش التي تدل على الإهمال والتخلي والعجز العميق، التي أدت إلى القتل المتعمد، وقتل وإصابة آلاف المدنيين والجنود، وأيضاً المخطوفين الذين ما زالوا يحتضرون في أنفاق غزة- كل ذلك يعتبر في هذه الإدارة “ضرراً جانبياً” لا مناص منه عندما نريد الدفاع عن الوطن، وبالأساس الحفاظ على الهيبة الضائعة.
هذه الإدارة لن تسمح لـ“جهات معادية”، مثل لجنة تحقيق رسمية، بفحص سلوكها الذي استمر سنوات وتسبب بالضرر والدمار الأكثر فظاعة في تاريخ الدولة. هي تشير إلى “الإنجازات الكبيرة” التي حققتها، مثل تصفية قادة حزب الله وحماس، وشخصيات إيرانية رفيعة وعلماء إيرانيين، وكأن في ذلك ما يقلل الخسارة الخيالية التي حدثت تحت قيادتها. هذه الإدارة تواصل خرق الاتفاقات بشكل فظ، التي هي نفسها صاغتها ووقعت عليها، وكأنها كانت بطاقات لا قيمة لها. هكذا مرة أخرى، تم فتح اتفاق المخطوفين الذي كان يجب أن ينتهي بتحرير جميع المخطوفين في نهاية المرحلة الثانية، والآن لا تأكيد على تنفيذه. بدلاً من المخطوفين، يبدو أننا سنكتفي بوعد فارغ، وهو تدمير حماس.
لا يوجد ما يمكن التحدث عنه حول نقل السيطرة عن قطاع غزة إلى جهة ليست حماس. محور فيلادلفيا الذي تنازل عنه نتنياهو في السابق بتوقيعه، تحول مرة أخرى إلى أساس وجودنا.
هكذا فلب رئيس الحكومة منطق الاتفاق رأساً على عقب. فبدلاً من مناطق مقابل مخطوفين، أي الانسحاب من غزة حسب طلب حماس، اقترحت إسرائيل على حماس مخطوفين مقابل استمرار سيطرتها في غزة. في هذه الأثناء، يجد سكان غلاف غزة صعوبة في العودة إلى بيوتهم، ولا يعرفون الآن إذا كانت حياتهم أكثر أمناً.
وضع فرع لبنان ليس أفضل. في الحقيقة، وفر تفاخراً كبيراً ومكاسب كبيرة لا يجب الاستخفاف بها. ولكن صيانته تكلف الدولة مبالغ طائلة. إسرائيل خرقت اتفاق وقف إطلاق النار بدعم من أمريكا، وما يزال الجيش الإسرائيلي يحتفظ بعدد من المواقع الدفاعية في لبنان. ومثلما في غزة، فمن غير المعروف متى ستنسحب إسرائيل من هناك. آلاف سكان الشمال يأملون العودة إلى روتين الحياة، وترميم بيوتهم وحقولهم والعودة إلى المدارس. ولكن الشعور بالأمن الذي وعدوا به يشبه ما حصل عليه حتى الآن سكان غلاف غزة.
كل ذلك لا يزعج إدارة شبكة السوبرماركت في التوسع. ففي الأسبوع الماضي، افتتحت إسرائيل قناة أخرى لزبائن راضين جدد. “لن نسمح للنظام الإرهابي الإسلامي المتطرف في سوريا بالمس بالدروز. أصدرنا تعليمات للجيش الإسرائيلي للاستعداد وإرسال رسالة تحذير شديدة وواضحة”، هذا ما أعلنه يسرائيل كاتس، المعروف بلقب وزير الدفاع. حماية الأقليات هي مهمة إنسانية حيوية، وإسرائيل تميزت بها.
ويشهد على ذلك الدروز في إسرائيل. ليس لأن أحداً في سوريا استدعى خدمة الحماية للجيش الإسرائيلي، أو لأن استراتيجية ذكية معينة تختفي وراء هذا التصريح، لكنها فرصة لتبرير وجود الجيش الإسرائيلي في المناطق الجديدة التي احتلها في سوريا.
إمبراطوريات أكبر وأقوى من إسرائيل سبق واستخلصت الدرس التاريخي الصعب: الوجود العسكري في المناطق لمحتلة لا يعتبر ضمانة للأمن. الحفاظ على المركز، على الدولة الأم ومناعتها واستقرارها وازدهارها، هو الشرط الحيوي لاستمرار وجودها. حكومة إسرائيل تطمح إلى الإثبات بأن إمبراطوريات أكبر منها أخطأت، ومن المؤسف أن مواطني الدولة هم من يدفعون التكلفة.