مقالات

إصلاحاً للخلل القانوني في المحكمة الجعفرية.. “10” و”11″: تعديل هيكلية “مجلس القضاء الشرعي الأعلى” أو إلغائه

العلامة الشيخ محمد علي الحاج العاملي/ لبنان

“المدارنت”..

كانت المادة 460 من “قانون تنظيم القضاء الشرعي السني والجعفري” الذي صدر في العام 1962 تنص على أنه [يتألّف مجلس القضاء الشرعي الأعلى من مفتي الجمهورية اللبنانية رئيساً، وعضوية رئيسي المحكمتين العليين القاضيين المدنيين المنتدبين للنيابة العامة، وكل قرار يصدر عن هذا المجلس في حق أحد الجعفريين أو العلويين لا يكون نافذاً إلا إذا ضمت الأكثرية أحد الأعضاء من طائفته].

علماً بأنه في بدايات السبعينات طالب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى – آنذاك – الامام السيد موسى الصدر إدخال رئيس المجلس الشيعي لعضوية مجلس القضاء الشرعي الأعلى، على غرار ما هو معمول به اتجاه مفتي الجمهورية اللبنانية، الذي يعتبر عضوا في مجلس القضاء.. ومنذ ذلك الحين لم يعمل باقتراحه!

وفي العام 1994 تمّ تعديل المادة السابقة، حتى تمّ إضافة شخصين لعضوية مجلس القضاء الشرعي الأعلى (هما المفتشان المدنيان، في المحكمتين الشيعية والسنية)، فأصبح يضم سبعة أعضاء بدلاً من خمسة، ولكن الملفت لم يتم إضافة “رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى” وبقي “مفتي الجمهورية” رئيساً للمجلس، كما بقي عدد السنة في المجلس أربعة أشخاص، والشيعة ثلاثة.. وهذا ما أثار حفيظة عدد من المعنيين الشيعة، الذين يحبذون اعتماد مبدأ المساواة في عدد أعضاء مجلس القضاء، والمداورة بين السنة والشيعة على رئاسته، على أننا سنفصل رأينا في المقال اللاحق.

لكنه بأفضل الأحوال لا يجوز بقاء أمور مجلس القضاء كما هو، من دون مراقبة، ومن دون توازن، وكأنه محمية للبعض يحظر مقاربة شؤونه، أو المس به، بل إنه مؤسسة لبنانية رسمية، يفترض تعزيز الدعوة لتطويره، أو المطالبو بإلغائه في حال تم الإصرار على حاله.

“الجزء “11”: لتعديل مجلس القضاء أو إلغائه

بعدما أشرنا في مقالنا السابق الى الخلل الراهن في تركيبة “مجلس القضاء الشرعي الأعلى”، الذي لا يعتمد مبدأ التوازن المفترض بين السنة والشيعة، بل حتى أنه لا يضم الدروز، في حين يشترك السنة والشيعة والدروز في صندوق تعاضد قضاة الشرع! كما لا يضم علويين، في حين لمجلس القضاة سلطة على العلويين! كما جاء عن وظيفة مجلس القضاء الشرعي الأعلى: [وكل قرار يصدر عن هذا المجلس في حق أحد الجعفريين أو العلويين لا يكون نافذاً إلا إذا ضمت الأكثرية أحد الأعضاء من طائفته].

وفي الوقت الذي تتبع فيه المحكمة الدرزية لوزارة العدل، فإن المحاكم الشرعية السنية والجعفرية تتبع لرئيس مجلس الوزراء، كونه “مسلماً” وفقاً لتنظيم القضاء الشرعي السني والجعفري [المادة 447: ترتبط المحاكم الشرعية بأعلى مرجع إسلامي في السلطة التنفيذية، الذي يتولى شؤون موظفيها، وأمورها الإدارية والمالية] وكان ذلك عقب التحفظ الذي أبداه المسلمون السنة، في عدم الرغبة بالإرتباط بوزارة العدل، لكونه قد يتولى الوزارة شخص غير مسلم..

وكان قد طرح قديماً الرئيس نبيه بري تعديلات جذرية على التنظيمات القضائية الشرعية، ومما طرحه أن يتم إلحاق المحاكم الشرعية الجعفرية والسنية بوزارة العدل اللبنانية، وتالياً دمج صندوق تعاضد القضاة الشرعيين، مع صندوق تعاضد القضاة العدليين، كذلك تستبطن هذا الدعوة إلغاء دور مجلس القضاء الشرعي الأعلى من أساسه، طبعاً رفض المسلمون السنة ذلك.

ولطالما عانى اللبنانيون من عدم تحقيق المساواة والتوازن في السلطة، ولطالما كانت الهيمنة السبب الرئيسي في الاضطرابات والأزمات السياسية.. لذلك يتوقف عدد من الحزبيين الشيعة، المعنيين بملف المجلس الشيعي، عند نمط عمل مجلس القضاء الشرعي الأعلى، وطريقة عمله، ويركزون على ضرورة إحداث تغييرات جذرية، انطلاقاً من استحداث مقر مستقل للمجلس، خارج دار الفتوى، مروراً بالتوازن في العدد بين أعضائه السنة والشيعة، وصولاً لجعل رئيس المجلس الشيعي يترأس مجلس القضاء هو ومفتي الجمهورية.

طبعاً رأيي المبدأي هو بإلغاء هذا المجلس، كما إلغاء كافة المحاكم والمؤسسات الدينية الرسمية في لبنان، ولكن طالما أنها موجودة فلا بد من تصويب عملها، وليس من حق الثنائي الشيعي الاستمرار بالموافقة على تجاهل “مجلس القضاء الشرعي الأعلى” لوجود “المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى” حيث تأسس الأول في النصف الاول من القرن الماضي، وصدر قانون تنظيم القضاء والمحاكم ومجلس القضاء في العام 1962، وتأسس المجلس الشيعي في العام 1969، ومنذ ذلك الحين وما زال مجلس القضاء يتجاهل المجلس الشيعي!!

لذلك، لا يجوز التعاطي مع أي طائفة وكأنها درجة ثانية، أو أنها ملحقة بغيرها، والطائفة الشيعية طائفة ذات حضور وازن، وهي إحدى الطوائف الكبرى الرئيسية في لبنان.. وعلى الثنائي الشيعي مواكبة حركة تطور الشيعة في لبنان وإنصافهم، قبل الاهتمام بقضايا الدول المجاورة، وقبل تدخلهم في الشؤون الخارجية.. كما يفترض تحديث هيكلية مجلس القضاء لتلحظ المجلس الشيعي؛ وإلا فلا مناص من العمل باقتراح الرئيس نبيه بري بإلحاق المحاكم الشرعية كافة بوزارة العدل.

=========================

المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى