إطلاق “المبادرة الوطنية السورية” في مؤتمر صحافي في جنيف تمهيدا لمؤتمر وطني جامع
أطلق عدد من المعارضين السوريين “المبادرة الوطنية السورية”، تمهيداً للتحضير لمؤتمر وطني سوري جامع، يهدف الى “التأكيد على استعادة الحق في تقرير المصير في سوريا، استناداً الى قرارات الأمم المتحدة في ما يتعلق بالانتقال إلى دولة قانون لا طائفية، تقوم على فصل السلطات، وتداول السلطة ديموقراطياً، وإعادة بناء وهيكلة المؤسسات الأمنية والعسكرية على أساس وطني ومهني”.
جاء ذلك في مؤتمر صحافي عقدته مجموعة من ممثلي “المبادرة” يوم الاثنين الواقع فيه 29 نيسان 2019 في جنيف، والتي وقّع عليها 250 شخصية سورية مدنية وعسكرية، اختاروا مجموعة ضمت 30 شخصية، التقت في جنيف على مدى يومين، انتهت اجتماعاتها باختيار لجنة تحضيرية للمؤتمر مهمتها الاعلان الرسمي عن “المبادرة”، التي أشارت في المؤتمر الى أنه “من أجل التحضير لعقد مؤتمر سوري عام وجامع، بهدف استعادة القرار بالحق بتقرير مصير سوريا إلى السوريين أنفسهم، تسعى “المبادرة” إلى عقد مؤتمر وطني عام تمثيلي ووازن، يقرّ ميثاقاً وطنياً وخطوات فعلية للتغيير الوطني الديموقراطي”.
وذكرت أنه “في زمنٍ تحولت فيه القضية السورية إلى خبر جانبي في عملية عسكرية هنا أو هناك، أو حديث عن تدهور مأساوي في المشكلات المعيشية للمواطنين في الداخل والخارج، ومع جمود المباحثات السياسية داخل المظلة الأممية وخارجها، واختزال الحلّ السياسي في سورية، في تشكيل لجنة دستورية، واستفراد دول أستانه بالحلّ، بعد دخول العملية السياسية وفق قرارات الأمم المتحدة غرفة العناية المشددة، ورضخت الأمور منذ مطلع عام 2018 لمنطق إدارة الأوضاع القائمة، كل في منطقة نفوذه، في غياب كامل للسوريين عن أي قرار يتخذ بشأنهم، وترافق ذلك، مع التحركات الشعبية والسياسية العفوية في الأشهر الأخيرة، التي اتخذت أشكالا عديدة، سواء بالتظاهر السلمي في مختلف الميادين أو في اجتماعات داخل وخارج البلاد، والقاسم المشترك الأعظم لهذه التحركات، التي أصبحت ظاهرة موضوعية، هو الإجابة على سؤال مركزي هام:
ــ كيف يمكن للسوريين استرجاع حقهم المسلوب في تقرير مستقبلهم وإعادة وطنهم الجريح إلى التاريخ والجغرافيا؟ من أجل ذلك، اجتمعنا من تيارات ومشارب فكرية مختلفة، وهياكل وتجارب متعددة، كمواطنين تجمعهم فكرة سوريا فوق الجميع، رافضين سرقة القرار السوري من أيدي السوريين، وأن أي حل يفرض عليهم من الخارج لن يكون سوى عملية ترقيع، وإدارة قصيرة الأمد للمأساة السورية، لذلك جاء إطلاق “المبادرة الوطنية السورية”، التي تعتبر الأساس في التطبيق الأمين والعملي لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وتهدف لعقد مؤتمر وطني جامع وتمثيلي ووازن، هذا المؤتمر الذي أكدت على انعقاده كل القوى الثورية السورية، وقرارات وتوصيات جامعة الدول العربية منذ 2012، مؤتمر يكون سيد نفسه يهدف إلى جمع المواطنين من مختلف المكونات والتيارات السورية، فبعد ثماني سنوات من ثورة شعبنا، نرى أن الغائب الرئيس عن الفعل والتأثير في الحل السوري هم السوريون أنفسهم”.
وتابعت: “بعد ست سنوات من المفاوضات تحت سقف الأمم المتحدة في جنيف، لم يتم تنفيذ أي من قرارات الامم المتحدة، وخاصة المسائل غير القابلة للتفاوض، وأهمها الإفراج عن المعتقلين وكشف مصير المختفين قسريا، حيث يبدو للعيان أن العملية السياسية قد جرى اختطافها من جنيف الى استانه، واختزالها في اللجنة الدستورية وهي سلة محدودة التأثير في عملية الإنتقال السياسي الفعلي، التي تتطلب تغييرا جذريا في بنيان الدولة والسلطات الثلاثة وفق قرارات الامم المتحدة” .
ورأت أنه “لم يعد أمام السوريين إلا التواصل والتفاعل مع بعض، من أجل استعادة حقهم في تقرير مصيرهم بأنفسهم”، مشيرة الى أنه “من الضروري التذكير بأننا لسنا وحدنا الذين ندعوا لعقد مؤتمر وطني جامع، يعبر فيه المجتمع السوري عن رأيه وتصوره الخاص، في ضرورة بناء وطن سيد، ودولة ديموقراطية لا طائفية حديثة، تعيد اللحمة بين مكونات الشعب الواحد وتعتبر المواطنة حقا متساويا بين السوريين، ونحترم رأي كل من يختلف معنا في هذه المبادرة، لذا سنعمل مع كل من يشاركنا هذه الرؤية من أجل عقد هذا المؤتمر في أقرب وقت ممكن، وكان من الضروري عقد اجتماع فيزيائي بحضور مجموعة مختارة للإعلان رسميا عن إشهار المبادرة، وجرى اختيار مدينة جنيف لعدم توفر ظروف تسمح بانعقاده في سوريا، وايضا لرمزية المدينة باعتبار أول قرار دولي حول سوريا بيان جنيف قد انبثق منها، وباعتبارها المقر الرسمي للمبعوث الأممي وفريقه”، لافتة الى أننا “قمنا بتشكيل اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني السوري العام الذي سيعقد لاحقا، وسنتواصل مع ممثلي شرائح ومكونات الشعب السوري، من دون استثناء أو إقصاء، حرصا منا على أن تكون قراراته ملزمة وقابلة للتطبيق، كما جاء في “بيان جنيف”.
وقالت: “اننا في أول مؤتمر صحفي، نؤكد على أن هذه المبادرة هي نتاج حوار سوري سوري داخلي، وأنها حتى اليوم رفضت التواصل مع الدول التي طلبت توضيحات حولها، بانتظار الإعلان الرسمي لها، وأن الطرف “غير السوري” الوحيد الذي أرسلت له المبادرة، هو المبعوث الدولي السيد غير بيدرسون، واليوم بعد الإعلان الرسمي سنقوم بإجراء الاتصالات الضرورية مع الدول الأعضاء في مجلس الأمن، ودول الجوار السوري، والدول المؤثرة في القضية السورية، وأن الغاية من المبادرة، هو إعادة القرار لأبناء الشعب السوري لتقرير مصير وطنهم ومستقبلهم ، بعيدا عن أي تدخل خارجي من أي دولة كانت”.
وتابعت: “نؤكد أن هذه المبادرة نشأت بتعاضد ثلة من ابناء الشعب السوري، مستقلي القرار والارادة من مدنيين وعسكريين، ومن كافة اطياف الشعب السوري اجتماعيا وثقافيا ودينيا، ولا علاقة لاي جهة دولية او حزبية في نشأتها، وأن مبادرتنا هذه مفتوحة لاي سوري يؤمن بأهدافها، ليكونوا مشاركين في الاجتماعات القادمة التحضيرية حتى انعقاد المؤتمر الوطني السوري الجامع، ولا ندعي الملكية الحصرية لما ندعو اليه، هناك العديد من السوريين افرادا وجماعات تبنوا فكرة المؤتمر الوطني العام، مع التفضيل المطلق لعقده داخل البلاد، بل في قلب دمشق، بعيدا عن هيمنة او إشراف او تدخل اي قوة او طرف من اطراف الصراع الداخلي، في مجرياته، إن الداعين للمؤتمر الوطني يقرون بانهم لا يشكلون الا عددا محدودا من السوريين، ويحترمون القيمة التمثيلية لجميع السوريين الآخرين دون تمييز، آخذين بعين الاعتبار، التشتت الكبير في أوساط السوريين في الداخل والخارج، والتشرذم المؤسف الحاصل بينهم وفق تصنيفات كثيرة، وتؤكد على أن بيان جنيف وقرار مجلس الامن 2254 وباقي القرارات الدولية المتعلقة بسوريا، هي المرجعية الأساسية في الحل السياسي السوري، وضرورة عقد المؤتمر الوطني السوري تحت مظلة الأمم المتحدة، لإنجاز عملية الانتقال السياسي إلى سوريا المستقبل الخالية من الإستبداد والظلم والطائفية والتطرف، وأن هذه المبادرة سورية خالصة، لا علاقة لها بأي حزب أو دولة، وهي دعوة موجهة لكل السوريين للالتقاء في مؤتمر وطني من اجل حوار سوري- سوري تحت مظلة الامم المتحدة، وسيتم في هذا الصدد التواصل مع كافة الاطراف الوطنية السورية مستقلة القرار والإرادة، من أجل أوسع استقطاب وطني”.
وذكرت أن “المبادرة تتضمن جملة قواعد يري المبادرون والموقعون عليها، أنها تحمل قواعد تأسيسية لدولة سورية دستورية ذات سيادة، ويقترحونها أساسا للعقد المجتمعي الجديد بين كل السوريين، والتاكيد على جدولة خروج كافة الجيوش والميليشيات والعناصر الأجنبية من الاراضي السورية، تمهيدا لعقد مؤتمر وطني عام يعقد خلال فترة اقصاها ستة اشهر يمثل كل السوريين، ينبثق عنه ميثاقا وطنيا يقره المؤتمرون يقع على عاتق المؤتمر الوطني وضع خارطة طريق تتضمن تحديد اجراءات تهيئة المناخ للحل السياسي قبل واثناء التفاوض، اقتراح تشكيل هيئة حكم انتقالي وتتالف مما يلي: مجلس وطني انتقالي، مجلس قضاء أعلى، حكومة مرحلة انتقالية، مجلس عسكري وامني انتقالي، هيئة مستقلة للعدالة الانتقالية”.
وختمت: “نوجه رسالة إلى إخوتنا السوريين، أن يتبنوا هذه المبادرة الوطنية، وأن يشاركوا بشكل واسع فيها لكي يصبح المؤتمر الوطني السوري حقيقة، ورسالتنا الى الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي والمجتمع الدولي، هي من أجل دعم المبادرة الوطنية المؤتمر الوطني السوري، آملين أن يساعد ذلك في تعجيل إنهاء معاناة الشعب السوري”.
* الصورة: المؤتمر الصحافي للجنة الإعلان عن المبادرة في جنيف.